-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

فرص ومحفّزات لِحُسن استغلال رمضان

سلطان بركاني
  • 432
  • 0
فرص ومحفّزات لِحُسن استغلال رمضان

إدراك رمضان في صحّة وعافية وأمن وإيمان، نعمة من أجلّ النّعم التي يتفضّل بها المولى سبحانه على من شاء من عباده؛ ليُحيوا قلوبهم ويزيدوا إيمانهم ويوثّقوا صلتهم بربّهم ويُقبلوا على كتابه ويصحّحوا أخطاءهم وينظّموا حياتهم.. ليس لأنّ باب التّوبة والإصلاح والاستقامة يفتح في رمضان ويغلق في باقي الشّهور، ولكن لأنّ المسلم يجد في هذا الشّهر من المحفّزات والمرغّبات ما لا يتوفّر كثير منها في باقي الشّهور.

 كثيرة هي المحفّزات التي تعين العبد المؤمن على حسن استغلال رمضان والاستثمار في أيامه ولياليه، ليكون الحصاد في آخر يوم من أيامه أوفر وأنفع ما يكون؛ لعلّ من أهمّها:

ضعف داعي الغفلة والمعصية في النّفس؛ حيث تصفّد مردة الجان، ويقلّ تأثير القرين على النّفس، وتضعف النّوازع الأرضية بسبب الجوع، ويقوى الوازع في داخل كلّ عبد مؤمن، ما يجعله يشعر برغبة في نفسه تؤزّه إلى المحافظة على الطّاعات، وترك ما ألفه من المعاصي والمخالفات.

كثرة التّائبين والمقبلين على التّوبة في هذا الشّهر، ما يجعل كلّ عبد مؤمن يحدّث نفسه بأن يقبل مع المقبلين، ويحثّ خطاه مع السّاعين إلى بيوتٍ يذاع من مآذنها كلام الله لينادي كلّ مسلم أنْ هلمّ إلى رحاب القرآن.

استشعار حرمة الزّمان؛ حيث ينقدح في نفس العبد المؤمن أنّ الذي أمره بترك الطّعام والشّراب والشّهوة في رمضان، هو من أمره بإجابة نداء الصّلاة وبذل الصّدقات وتلاوة القرآن، وما من مؤمن مهما ضعف الإيمان في قلبه إلا ويجد في داخله ما يعاتبه على تقصيره في فرائض الله، في مقابل اهتمامه بحفظ صيامه في رمضان.

حريّ بكلّ عبد مؤمن يحسب الحساب لفجأة الموت أن يستغلّ هذه المحفّزات، ويعين نفسه باستحضار بعض الحقائق التي يحسن أن تكون مصاحبة له في أيام وليالي الشّهر الفضيل، منها:

رمضان هذا العام يمكن أن يكون آخر رمضان يدركه في هذه الدّنيا، وآخر فرصة سانحة لتغيير حياته وتصحيح أخطائه وتنظيم أوقاته، فكثير هم أولئك الذين أدركوا رمضان العام الماضي لكنّهم فرّطوا في استغلاله، وأقنعوا أنفسهم بأنّه لا تزال في الأعمار بقية، وأنّ رمضان التوبة والاستقامة لم يحن أوانه بعد، لكنّهم الآن في قبورهم رهائن أعمالهم.. تشير الإحصاءات إلى أنّه يموت في هذا العالم، كلّ عام بين رمضان ورمضان، ما لا يقلّ عن 52 مليون إنسان، بينهم أكثر من 12 مليون مسلم، ولا أحد يضمن أنّه إذا أدرك رمضان هذا العام أن يدرك رمضان العام القادم.

إن مدّ الله في عمر العبد وأدرك رمضان آخر، فقد لا تكون معه صحّته التي يمتّع بها الآن، فربّما يدرك رمضان آخر لكنّه يدركه سقيما عليلا لا يقوى على الصيام ولا يطيق القيام! ويومها قد يذرف دموع الحسرة على رمضان العافية حين أضاع أيامه ولياليه في اللّهو والعبث.

كثير من الفرص التي يحملها رمضان لا تتاح على مدى 11 شهرا بعده، حتى يأتي رمضان آخر، وفي هذه الأشهر المتعاقبة بين رمضان ورمضان الذي بعده، قد يزداد القلب قسوة والنفس غفلة، فلا يأتي رمضان آخر إلا وقد سُلب العبد الرغبة في التوبة إلى الله؛ فهذه الرغبة منحة ربانية تخبو مع طول الإعراض وإضاعة الفرص وتراكم الذّنوب والمعاصي.

“من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدّم من ذنبه”: فرصة من ذهب، تتاح للعبد المؤمن ليتخلّص من ذنوبه الكثيرة التي أثقلت كاهله ونزلت بروحه إلى الأرض وأظلم لها قلبه، وهكذا فرصة “من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدّم من ذنبه”، أمّا فرصة “لله عتقاء من النّار وذلك في كلّ ليلة من رمضان”، فهي الفرصة التي بها سعادة الدنيا والآخرة، لأنّ العبد إذا أعتق من النّار وحاز صكّ نجاة منها، فقد فاز فوزا عظيما: ((فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ)).. ليس هذا فحسب، فهناك –كذلك- فرصة التعرّض لدعوات الملائكة التي تدعو للصّائم نهاره كلّه حتّى يفطر، وفرصة الدّعاء المجاب عند الإفطار، وفرصة الاستغفار والبكاء في الأسحار… فرص لا توزن بالذّهب ولا بأموال الدّنيا، لا يضيّعها إلا محروم غلبته نفسه وعشعشت الدّنيا في قلبه.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!