-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
صفقات "تراضي واستعجال" في تجهيز 13 مركزا

فضائح “مخطط السرطان” تعرّي الفساد في قطاع الصحة!

نوارة باشوش
  • 9013
  • 0
فضائح “مخطط السرطان” تعرّي الفساد في قطاع الصحة!
أرشيف

عرّت تحقيقات الجهات الأمنية والقضائية الفساد الذي تغوّل في قطاع الصحة لأزيد من عقدين من الزمن، وأزالت الستار عن التلاعب الخطير في صفقات “مخطط مكافحة السرطان”، التي تمنح بالتراضي البسيط بذريعة “الاستعجال” ولم ترحم معاناة المصابين بهذا المرض، الذي يحصد الآلاف من الأرواح سنويا في الجزائر لتبقى الأرقام خير دليل وبرهان على ذلك.
ربْط المسؤولية بالمحاسبة تطلّب أن يتم الذهاب بعيدا في مثل هذه الملفات للكشف عن الخيوط الرئيسة في الصفقات المشبوهة التي شهدتها وزارة الصحة لأزيد من 20 سنة وتسببت في إهدار المال العام، على غرار صفقات اقتناء معدات وتجهيزات لفائدة 13 مركزا لمكافحة السرطان عبر التراب الوطني، والمتمثلة في تجهيزات المسرعات الخطية للعلاج الإشعاعي، لتفادي تنقل المصابين بهذا المرض القاتل من ولاية لأخرى.
وقد كشفت التحقيقات في ملف الحال، أنه في إطار السياسة الصحية للتكفل بمرضى السرطان، تقرر إنجاز 13 مركزا لمكافحة السرطان لتقليل الضغط على المراكز الكبرى على غرار مركز “بيار ماري كوري” بالمستشفى الجامعي لمصطفى باشا بالجزائر العاصمة.
ونظرا لتزايد العدد الكبير للمصابين بمرض السرطان، وهذا بسبب قلة الأجهزة وقدمها، بالإضافة إلى ضرورة تحسين تصنيف الجزائر باعتبار أن المنظمة العالمية للصحة والوكالة الدولية للطاقة النووية صنفا الجزائر من الدول التي تعاني من قلة توفير المسرعات الخطية، تم وضع برنامج “مخطط السرطان” على مستوى التراب الوطني.
وتقرر اقتناء أجهزة ومعدات تتمثل في المسرعات الخطية للعلاج الإشعاعي، ونظام معلوماتي خاص بالسرطان، إلى جانب نظام حساب الجرعات المعروف بـ” TPS” ، إلا أن إبرام الصفقات تمّ بطريقة مشبوهة من خلال احتكار شركتين أجنبيتين عليها وهما الشركة الأمريكية”VARIAN” والسويدية “ELEKTA” ، حيث تم منح الصفقتين بالتراضي البسيط بالرغم من توفر شركات يمكنها أن تقدم أحسن عرض من حيث القيمة والنوعية.

الملاحق و”اللعبة القذرة”
والأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل إن المسؤولين السابقين بوزارة الصحة وعلى رأسهم الوزير السابق للقطاع عبد المالك بوضياف، وبالرغم من تسجيل عدد من التحفظات في الصفقتين المبرمتين مع الشركتين الأمريكية والسويدية، إلا أن هؤلاء قاموا بإدراج الملحقات مع التجهيزات الأساسية للمسرعات الخطية الخاصة بمراكز مكافحة السرطان، بحيث أنه في البداية كان التعاقد بخصوص التجهيزات الأساسية فقط عند الشركتين صاحبة الاحتكار، إلا أنه بعد ذلك تم إضافة الملحقات من علامات أخرى على التجهيزات الاساسية، على غرار “جهاز سكانير مخصص للعلاج بالأشعة، أجهزة خاصة بوحدة الفيزياء ونظام لمراقبة الجودة، ليتم شراؤها بدورها من ذات الشركتين، على الرغم من كونهما لا تصنعانها، وليست صاحبة احتكار للملحقات، بينما توجد الكثير من الشركات التي تصنعها ولها فيها الأولوية لاختيار أفضل الأسعار والحصول على أجهزة جد متطورة، وبالتالي لم يكن من الضروري إدخال تلك الملحقات ضمن صفقة مع التجهيزات الأساسية من الشركتين الأمريكية والسويدية.
وبلغة الأرقام، كشفت التحقيقات أن السعر المتفق عليه في البداية مع الشركة الأمريكية VARIAN” ” لشراء التجهيزات الأساسية هو 6 ملايين و500 ألف دون حساب سعر التجهيزات الإضافية، أما شركة “ELEKTA” السويدية فقد اقترحت صيغتين الأولى بمبلغ 4 ملايين و700 ألف يورو والثانية بـ 5ملايين و620 ألف يورو، دون احتساب سعر التجهيزات الإضافية، إلا أن الاختيار وقع على الصيغة الثانية، لترتفع التكلفة الحقيقة بعد زيادة اقتناء الملحقات إلى ضعف المبالغ المتفق عليهما، مما كبد خزينة الدولة الملايير من الدينارات.
وبخصوص إنجاز 13 مركزا لمكافحة السرطان المجهزة بالعلامتين “VARIAN” و ELEKTA” “، توصل المحققون إلى أنه تم تجهيز 3 مراكز بالعلامة الأمريكية وأربعة بالعلامة السويدية أما بقية المراكز وهي 6 مراكز فلم يتم تجهيزها بالمسرعات الخطية إلى يومنا هذا.
أما فيما يتعلق بالنقائص المسجلة على مستوى المراكز، فقد أسفرت التحقيقات أنها تتعلق جلها بالتأخر في الصيانة وكذا التأخر في تجديد وترقية البرامج مع عدم احترام في التدخل السريع لمدة تتجاوز 6 ساعات لإصلاح الأعطاب، كما تم تسجيل تأخر في استلام بعض التجهيزات إلى ما يقارب 30 شهرا فأكثر.
والأخطر من هذا هو توقف بعض مراكز مكافحة السرطان التي تم تجهيزها بالعلامة الأمريكية “فاريان” عن العمل على غرار مركز أدرار بسبب الإخلال في نوع عقد البرنامج المتمثلة في تزويدها بمحطة ” ARIAـT BOX”، كما أنها لم تقم بتحديث النظام المعلوماتي الخاص بالسرطان ونظام حساب الجرعات، بالإضافة إلى وضع أجهزة قياس الجرعة القديمة وعدم معايرة السلسلة المرجعية في مخبر مرجعي، وهي الأسباب التي جعلت هذا المركز غير عملياتي منذ شهر مارس 2021 إلى يومنا هذا.
وإلى ذلك فقد كشفت عملية التدقيق والتمحيص في العقود المتعلقة بصفقات محل الحال أن الشركة الأمريكية”VARIAN” أبرمت عقد برنامج مع رجل الأعمال علي حداد المدان في عدة قضايا فساد، خلال مرافقته للوزير الأول السابق عبد المالك سلال والوفد المرافق له إلى أمريكا ليصبح شريكا مع هذه الشركة، مما يثبت بالدلائل والقرائن أن الرئيس السابق لمنتدى رجال الأعمال “الأفسيو” اقتحم كل المجالات وكل القطاعات وعاث فيها فسادا طولا وعرضا.
وسيبتّ في ملف الحال القطب الجزائي الاقتصادي والمالي بسيدي أمحمد، الثلاثاء 21 مارس الجاري وهو الملف المتابع فيه الوزير السابق للصحة والسكان وإصلاح المستشفيات عبد المالك بوضياف والمدير العام للصيدلية المركزية و 16 متهما إلى جانب 14 شركة جزائرية وأجنبية، حيث وجهت للوزير السابق للصحة عبد المالك بوضياف تهم ثقيلة تضمنها قانون مكافحة الفساد والوقاية منه 01/ 06 تتمثل في منح امتيازات غير مبررة للغير أثناء إبرام عقود بطريقة مخالفة للقوانين والتنظيمات، إساءة استغلال الوظيفة، استغلال النفوذ والإثراء غير المشروع وتبيض وإخفاء العائدات الإجرامية الناتجة عن جرائم الفساد في إطار جماعة إجرامية باستغلال الامتيازات التي يمنحها نشاط مهني.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!