الرأي

فضيحة “العتبة”!

رشيد ولد بوسيافة
  • 5875
  • 16

عندما يعمد التلاميذ للمطالبة بتحديد عتبة الدروس ونحن في الأيام الأولى للفصل الثاني من الموسم الدراسي، ندرك فعلا أن المدرسة الجزائرية تعيش أزمة حقيقية عنوانها فشل الوزارة في إرساء تقاليد علمية لدرجة أصبح التلميذ يتدخل لتحديد قائمة الدروس التي سيمتحن فيها نهاية العام!

“العتبة” بدعة تربوية اخترعتها الوزارة لتغطية إخفاقها في تسطير برامج مناسبة خلال السنوات الماضية، وكان يفترض أن تكون لعام واحد، غير أنها تحولت إلى تقليد تعود له الوزارة كل عام تحت مبرر الإضرابات تارة وتحت مبرر الأحوال الجوية السيئة تارة أخرى.

ومع الوقت، أصبح التلميذ يعتقد أن العتبة واحدة من حقوقه الثابتة، وعوض أن ينهمك في التحضير لدروسه ومراجعتها ومحاولة توسيع مداركه العلمية، أصبح يقضي وقته في الحديث عن عتبة الدروس، بل ويخرج في مظاهرات للمطالبة بالتعجيل في إعلانها.

إن فضيحة العتبة التي تتكرر كل عام تكشف عن إخفاق كبير للإصلاحات التي باشرتها وزارة التربية قبل عشر سنوات، تضاف إلى إخفاقات أخرى على رأسها التراجع الخطير في مستوى تحصيل التلاميذ خصوصا في المرحلة الابتدائية التي تخرج تلاميذ لا يحسنون القراءة والكتابة، بسبب إصرار الوزارة على نجاح كل التلاميذ وانتقالهم إلى المرحلة المتوسطة.

إن خروج التلاميذ للمطالبة بإلغاء دروس وتثبيت أخرى تحت مسمى بدعة العتبة، يشبه إلى حد كبير تلك المظاهرة التي طالب فيها تلاميذ الثانويات خلال ثمانينات القرن الماضي بإلغاء مادة التاريخ، وهو ما أثار استياء الجميع حينها.

ليس من حق التلميذ التدخل في الأمور البيداغوجية، بل واجبه أن يخضع لها ويسير وفق ما خطط له المختصون في مجال التربية والتعليم، وإذا كان لابد وأن يطالب التلميذ بشيء فعليه أن يطالب باستكمال البرنامج ولو بالاقتطاع من العطل المدرسية، لا أن يطالب بإلغاء دروس معينة من المنهاج الدراسي.

إن القبول بفكرة تحديد العتبة هو تواطؤ من الجميع على تقديم برنامج ناقص للتلاميذ، وهذا الوضع يجب أن يتوقف، وعلى الوزارة أن تتجاوز تلك القرارات الارتجالية الهادفة إلى تهدئة الوضع ولو على حساب مصالحة أبنائنا التلاميذ.

مقالات ذات صلة