-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

فضيلة الدزيرية.. الأصيلة التي جمعت بين جمال الصوت وحسن المظهر

نادية شريف
  • 4667
  • 0
فضيلة الدزيرية.. الأصيلة التي جمعت بين جمال الصوت وحسن المظهر
ح/م
فضيلة الدزيرية

هي من الأسماء التي بقيت الساحة الفنية عاجزة عن إنجاب مثلها، هذا ما أوجب علينا القيام بعمليات قيصرية لعل الله يحدث في ذلك أمرا غير أنه لا أمل في جيل لا ينتمي لا لهؤلاء ولا لهؤلاء بقي حبيس الوسطية بين والأصالة والعصرنة، وإن نجحنا في الإتيان بشبيه لها في الفن الجزائري فهو في الغالب يكون مشوها لا يستطيع السير على قدميه إلا للحظات و يسقط منكسر الهامة.

استطاعت أن تجمع بين ما عجز عليه الكثيرون في زمانها والزمن الحاضر بين جمالية الصوت وأناقة المظهر، رسمت مسيرة فنية خالدة في فن “الحوزي” الجزائري، مازالت اليوم خشبات المسرح والحفلات العائلية تحن إلى جلساتها، أطربت كل من عاصرها  في لحظات بقيت شاهدة على ملكة أنيقة شغلت الورى بجمالها وملأت الدنى بصوتها ووجب علينا ضمها الى النساء الخالدات بأعمالهن في الجزائر. 

” من هنا كانت الانطلاقة… “

   هو إذا السهل الممتنع كانت بداية الفنانة القديرة فضيلة الدزيرية من إحياء الحفلات العائلية في الجزائر العاصمة إستطاعت من خلالها أن تصقل موهبتها مند الصغر، صنعت بذلك صوتا متميزا لاح لسامع في سماء فن “الحوزي” في الجزائر جمعاء، فتح لها أبواب الغناء عبر الأثير في الحصة الاذاعية ” من كل فن شوية” الحصة التي كانت تقطف من كل فن صوتا وهو ما كان مع فضيلة في فن ” الحوزي” من هنا كانت الانطلاقة الى صنع إسم من أسماء الغناء والطرب في الجزائر بقي وسيبقى من الأسماء الخالدة في غناء الحوزي إلى حد الساعة لا يضاهيه صوت إلى حد اليوم ماعدا التقليد الذي حظي به صوتها من طرف الكثير من الفنانات.

      “زواجها وهجرتها إلى فرنسا… انضمامها إلى فرقة مريم فكاي “

     تزوجت في السن الثالث عشر وبالرغم من هذا كانت المعيلة لأسرتها، أنجبت بنتا لكن انتقلت إلى جوار ربها، لم تستطع النجاح في علاقتها الزوجية كما كانت متألقة في غنائها، هاجرت إلى فرنسا من بعد وفاة زوجها، أحيت العديد من الحفلات بها خاصة للمغتربين الجزائريين في تلك الفترة، لكن بقي الموطن الأصل يناديها في كل حين ولحظة زاده إصرار والدتها غلى الرجوع فعادت إلى الجزائر، كانت عودتها بمثابة بداية عهد جديد في حياتها، فقد انتقلت إلى الغناء على المسرح وكانت المناسبة للإنضمام إلى فرقة “مريم فكاي”، فتح لها المجال  للتسجيل حيث كان لها اول تسجيل اسطوانة ذات طابع عربي أندلسي بعنوان”رشيق القلب” بعد الظهور المتميز انضمت إلى فرقة “محي الدين بشطارزي” بطلب منه.

“وحق عليها لقب ملكة الحوزي الأنيقة…”

   لقد جمعت بين جمال الصوت وحسن المظهر باللباس التقليدي لبنات العاصمة استطاعت أن تعطي الأبيض والأسود أناقة لا منتهى لها في زمانه كان يتباهى الحضور بها في حفلاتهم.. أضفت على الحاضرين مشهدا من الفن والجمال لم يستطع أحد من أقرانها الجمع بينهما إلا هي، فحق عليها لقب ملكة الحوزي الأنيقة، شهد لها كل من عاصرها خفة روحها وعطفها سمح لها بكسب العديد من العلاقات الطيبة سواء في المسرح أو الأغنية  وتعاملها الحسن مع محيطها بقيت إلى حد اليوم رمزا للتواضع.

“مرت بالمسرح الجزائري و الاوبيرا في فرنسا لها حظ فيها”

    كانت لها ازدواجية جنسية الفن فبالإضافة إلى مغنية القالب “الحوزي” كان لها ميل كبير إلى المسرح فقد لامس طيفها خشبة المسرح في عديد المرات في سنوات الخمسينيات  ومن الاعمال التي شهدت لها هذا الشق في حياتها الفنية المسرحية “ما ينفع غير الصح، دولة النساء، عثمان في الصين…. وغيرها من الأعمال التي كانت بمثابة الحضور الشخصي لها  للفن الرابع في الجزائر، ولم تقف عند الحد بل شهدت الاوبرا الفرنسية على عدة أعمال لها بإحيائها للعديد من الحفلات تترجم على قوة الحضور التي كانت تتميز به من على أعلى منابر الفن ليس في الجزائر فحسب، بل حتى في مواقع أخرى من هذا العالم.

” ….وتبقى الجزائر قبل كل شيء… “

    لقد فطمتنا أمهاتنا على حب الجزائر رجالا ونساء فحبّ الوطن قبل كل شيء حتى على أنفسنا وكانت فضيلة دزيربة مثلا حيا على ذلك في صنف أمّهاتنا النساء فلم يمنعها انتسابها للفن الى الذود عن شرف الجزائر فعملت كل مستحيل من أجل ذلك حتى أضعف الايمان  فقد كانت ترسل المعونات المالية إلى المجاهدين في الجبال لشراء الأسلحة وكل ما تحتاجه الثورة لاسترجاع الاستقلال المسلوب منا، واعتبرتها فرنسا من الخارجين على سلطاتها فزجت بها في غيابات سجونها، لكن هذا لم يقتلع الحب الذي ورثته عن آبائها فلا “سركاجي ” ولا غيره حال بينها وبين حب هذا الوطن الكريم.

“من سركاجي…. الى تأسيس الفرقة الخاصة بها”

      هو شأن الكبار والعمالقة في حياتهم فلا ظلمات السجن ولا جبروت فرنسا استطاعت أن توقع بها في أنياب الفشل واليأس ولم تنحن امام تهديداته فقد اقسمت على السير قدما الى اخر مشوارها في هذه الحياة وكان لها ذلك، كانت أول ما قامت به بعد خروجها من سجن سركاجي هو البدأ في تأسيس الفرقة الخاصة بها التي من شانها بناء صرحا لاغاني الحوزي خاصتها في مجال الفن بالجزائر الذي لايزال اليوم قائما وشاهدا على حجر الأساس لهذه الانثى ذات المنبت الرفيع مديد نخوة الرجال وكرامة النساء في هذا الوطن الكريم.

         “حكاية شمعة اشتعلت سنة 1917 وانطفات سنة1970

    هي من مواليد سنة 1917 بالجزائر العاصمة كانت سنة شاهدة هلى ميلاد الملكة الأنيقة في زمانها وامتد شعاعه إلى يومنا هذا عاشت متواضعة وعطوفة ملأت الدنيا وأحبها الناس لصوتها وجمالها ،مسيرة فنية وإن كانت قصيرة، إلا أنها ضمت إلى خيرة الأعمال الفنية في فن “الحوزي” في الجزائر في عصرها وعصرنا الحالي، استطاعت أن تلهم المتفرجين من حولها في زمانها واستانستها آذاننا اليوم مرت مرور كريم في الساحة الفنية الجزائرية، انطفأت شمعتها في شهر أكتوبر من سنة 1970 هذه السنة كانت بمثابة نهاية قصة الملكة الأنيقة “فضيلة الدزيرية ” مازال  طيفها يؤنسنا اليوم في فوضى الغناء والطرب لجيل حفظ من هذا الزمان ماعدا الفتات.

* نقلا عن مجلة الشروق العربي                

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!