-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

فن الجهاد

فن الجهاد

لكل شعب من شعوب الأرض طبائع ومميزات، وقد قال الإمامُ الإبراهيمي إنه قرأ الشعبَ الجزائري كما يقرأ الكتاب، واستعرض تاريخه منذ فجره إلى عصره فوجد -كما قال- أن “صوتين لم يُركَّبا في طبع الجزائريين هما صوت البُكاء وصوت المُكاء، بكاء الهالع ومُكاء الخالع”. (الآثار 5/ 181).

وقد زاد الإسلامُ الجزائريين عزة إلى عزة، وأنفة على أنفة، “فكانت الجزائر في موضع يدعو إلى الجهاد وعلى وضع يدعو إلى الجهاد”. (الآثار 5/76). “فكانت حلف الجهاد وعدو المهاد”. (الآثار 5/241).

وقد لاحظ الإمامُ أنه لو قُسِمت فرائض الجهاد “لكان للجزائر منه حظّان بالفرض والتعصيب”. (الآثار 5/37)، و”لحازت قصبات السبق”. (الآثار 5/76).

لم يكن الإمام الإبراهيمي وحيدا في وصف الشعب الجزائري بالجهاد، بل شهد على ذلك أعداؤه الأقربون وهم الفرنسيون، فقد وصف المؤرخ الفرنسي دو غرامون الجزائر بأنها “حاملة لواء الجهاد”، ووصفها هانري غارو بأنها “ميدان الجهاد”، وأن أحد أبواب مدينة الجزائر يحمل اسم “باب الجهاد” كما قال المؤرخ الفرنسي شارل أندري جوليان. (أنظر هذه الأقوال ومصادرها في كتاب الأستاذ مولود قاسم: شخصية الجزائر الدولية وهيبتها العالمية. ج 1 ص 147 وقد لخَّص ذلك كلَّه الشاعرُ مفدي زكرياء بقوله إن الجزائر “كانت تصدِّر فن الجهاد”. (إلياذة الجزائر).

أوحى الشيطانُ الإنسي والجني إلى فرنسا المجرمة أن تعتدي على الجزائر وتغزوها، وساندها في ذلك “إخوانها” من الدول الأوربية الصليبية، إن بالسلاح، أو بالمواد الغذائية، أو بالصمت على جريمتها. وما أن وضعت فرنسا قدمها النجسة في هذه الأرض الطاهرة حتى تحوَّلت إلى “أرض بركانية”. ولم يترك الشعب الجزائري المجاهد هؤلاء المجرمين يطمئنون في الجزائر حتى طردهم منها إلى غير رجعة، ولو عادوا -لا قدر الله- لعُدنا، ولا ثقة في قوم لا يعرفون كلمة الشرف.

عيبُنا الكبير الذي أطال عمر هؤلاء المجرمين الفرنسيين في الجزائر مائة واثنتين وثلاثين سنة هو أن هذا الجهاد الشريف المجيد لم يكن شاملا للجزائر في وقت واحد، وهذا ما اعتبر به الشعبُ الجزائري في جهاده الأخير (1954- 1962)، فكان “الضربةَ القاضية” التي أنهت “الإمبراطورية الفرنسية” كما عنْوَن مذكراتِه المجرمُ راؤول سالان.

تحية مجد وإكبار لهذا الشعب المجاهد، الذي لا يصدأ معدنه، وتحية مجد وإكبار إلى شهدائنا الأحياء عند ربهم، وعلمائنا العاملين الذين علّمونا “فريضة الجهاد”، وتحية إلى مجاهدينا الأبرار، وأقعدهم الله -عز وجل- مقاعد الصدق، ووصية إلى شعبنا الجزائري أن لا يثق في عدوِّه، ولو أطعمه المنَّ والسلوى، وأعطى لكل واحد ما تمنَّى، فما وجدنا له عهدا، وذلك طبعه الذي لا يزايله.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!