الرأي

في الذكرى 82 لتأسيس “جمعية العلماء”..دعوة لتكريمها

تعتبر “مؤسسة الملك فيصل” – رحمه الله- من أهم المؤسسات العلمية والثقافية الجادة في العالم العربي والإسلامي، وهي تحظى بالتقدير والاحترام على المستوى الدولي، حتى إن هناك من سماها “مؤسسة نوبل العربية”، تشبيها لها بـ “مؤسسة ألفرد نوبل” السويدية، التي لا تخلو جوائزها – خاصة الأدبية – من شبهات..

لقد أحدثت مؤسسة الملك فيصل – رحمه الله- جائزة سنوية تمنح لمن امتازوا في بعض ميادين البحث العلمي (الطب، الكيمياء..) ولمن خدموا الدراسات الإسلامية، والإسلام، ولمن تميزوا في خدمة اللغة العربية الشريفة، وممن نال هذه الجائزة الأخيرة الدكتور الحاج صالح، رئيس المجمع اللغوي الجزائري، وإذا لم أحد يجادل في علمه ؛ فإنه يوجد كثير من يؤاخذونه على تجميده لهذا المجمع، الذي لا تحسّ منه من أحد، ولا تسمع له ركزا.. ولعل هذا الرئيس ممن يؤمنون بمقولة “كل الصيد في جوف الفرا” كما أنه قد يكون ممن ينطبق عليه المثل العربي القائل : “لعلّ له عذرا وأنت تلوم”.

إن المدعوّ لتكريم “جمعية العلماء المسلمين الجزائريين” هي “مؤسسة الملك فيصل”، التي أقترح عليها تقديم جائزتها لخدمة الإسلام واللغة العربية إلى هذه الجمعية المباركة التي هي ليست كأحد من الجمعيات.

وللتاريخ أقول إن من فكر في هذا الأمر واقترحه عليّ منذ بضع سنوات هو الأخ الدكتور محدم الدّرّاجي..

وبما أن مؤسسة الملك فيصل لا تقبل من الترشيحات لجوائزها إلا من ترشحه مؤسسات علمية كالجامعات، فقد هاتفت الأخ الدكتور عبد الله بوخلخال، رئيس جامعة الأمير عبد القادر، ليقترح باسمها على المؤسسة منح جائزتها لخدمة الإسلام واللغة العربية إلى “جمعية العلماء المسلمين الجزائريين”، ممثلة في رئيسها آنذاك الشيخ عبد الرحمن شيبان.. وقد قبل الدكتور بوخلخال -مشكورا- الفكرة، وتحمّس لها، وتعهّد بالسعي لدى بعض الجامعات الإسلامية لتزكية الاقتراح.. كما اتفقنا – الدكتور ڤسوم والدكتور الدراجي وكاتب هذه الأسطر – أن نطلب من بعض العلماء، كالدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، والدكتور يوسف القرضاوي، والدكتور الحبيب بلخوجة، والدكتور عبد الحليم عويس.. الذين عرفناهم  في”ملتقيات الفكر الإسلامي”، ويقدرون جمعية العلماء المسلمين الجزائريين حق قدرها..، نطلب منهم تزكية هذا الاقتراح.. وقد اغتنمت فرصة سفر الأخ الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي إلى الرياض للمشاركة في أحد مهرجانات “الجنادريّة” أن يحدث في هذا الشأن الأمير خالد الفيصل رئيس مؤسسة الملك فيصل.. ثم طرأت طوارئ صرفتنا عن مواصلة السعي في هذا الموضوع، و”لكل أجل كتاب”.

وهذا أنذا أذكّر بهذا الاقتراح، وأحيي الدعوة إلى ترشيح “جمعية العلماء المسلمين الجزائريين” لنيل “جائزة الملك فيصل” لخدمة الإسلام واللغة العربية في أقرب فرصة ممكنة.

إن كثيرا من أولي النّهى، وأرباب الحجى، وأهل الذكر -في داخل الجزائر وخارجها – يؤكدون – بما علموا، وبما سمعوا، وبما شهدوا – أن “جمعية العلماء المسلمين الجزائريين” من أولى من يستحق نيل هذه الجائزة، لما بذلته من جهود في خدمة الإسلام وتعليم اللغة العربية لا يعلمها ويقدرها إلا الله – عز وجل، ولما أصابها من أذى في سبيلهما من القريب والغريب، ولا ينكر ذلك إلا جاهل، أو جاحد، أو حاقد وما أكثر هؤلاء جميعا..

كنا نود أن يكون هذا التكريم المعنوي لخير جمعية أخرجت للناس من ذوي القربى ابتداء من أعلى المؤسسات إلى أدناها، مرورا بالأحزاب والجمعيات؛ ولكن هؤلاء لكل منهم “شأن” يغنيه، و”أمر” يلهيه، بل إن منهم من يريد أن يطفئ نور الجمعية حسدا من عند نفسه.. ولسنا ندري ماذا ينقم هؤلاء – جميعا وأشتاتا- من الجمعية؟ هل ينقمون منها أن طهرت الإسلام من البدع والخرافات والضلالات؟ أم هل ينقمون منها أن طهرت الألسنة من العجمة والرطانات؟ أم هل ينقمون منها أن وقفت وقفة الرجولة في وجه فرنسا ومخططها الشيطاني في الجزائر؟ لقد كدت أن أفعل في نفسي ما فعله “البوعزيزي” بتونس في نفسه عندما قرأت في جريدة “الخبر” أن رجل الأعمال اسعد ربراب اشترى من ابنة عدو الجزائر الجنرال دوغول قطعة أرض في شارع علي خوجة بالأبيار، أما السبب الذي جعلني أفكر فيما فكرت فيه هو قول الجريدة إن “هذه القطعة قد منحت لديغول من السلطات الجزائرية بعد الاستقلال (1)“.

وهذا في الوقت الذي كانت جثتا الشهيدين سي الحواس وعميروش (2) مرميّتين في قبو في ثكنة بالجزائر، وكانت الإمام الإبراهيمي، رئيس الجمعية لا يملك بيتا حتى أتاه اليقين.. وهو الذي جاهد في سبيل الجزائر من سنة 1920 إلى سنة 1965!!!

ورحم الله الدكتور محمد ابن عبد الكريم الذي كان يقول لنا – ونحن طلاب في جامعة الجزائر – : “لقد ندمت على ثلاثة أمور: ندمت على القراءة، وندمت على الزواج، وندمت على عودتي إلى الجزائر..” وسأشرح أسباب ذلك في المستقبل كما ذكرها رحمه الله.

.

هوامش:

1) جريدة الخبر. في 17 9 2012 ص 23

2) كان عميروش رئيسا لشعبة جمعية العلماء في القسم الخامس عشر بباريس..

انظر : جريدة البصائر ع 237 في 17 جويلية 1953. ص 2..

مقالات ذات صلة