الرأي

في الرد على السفير الفرنسي “المستفز”!

قادة بن عمار
  • 5588
  • 16
ح.م

سفير فرنسا في الجزائر “دبلوماسي ماكر جدا” بدليل ما قاله في خطابه الأخير بمناسبة العيد الوطني الفرنسي، حين خصص جزءا منه، للكلام عن “الجزائر الجديدة” التي تختلف تماما عن تلك التي يعرفها منذ ست سنوات وأكثر، قائلا إنه “ومنذ 22 فيفري حتى اليوم تفاجأ كغيره من سفراء الدول، لهذه الثورة التي تطالب بالتغيير”!

ولا نعرف هنا حقا، سرّ عنصر المفاجأة لدى السفير كزافيي دريانكور، هل سببه الاطمئنان المبالغ فيه لاستمرار نظام بوتفليقة ؟ أم لفشل استخباراتي في قراءة معطيات الشارع الجزائري الذي كان ينتفض من الداخل؟!

المهم أن كلام السفير يبرر ما قاله ماكرون حين دعم بوتفليقة في قراره الأول بتمديد “الرابعة” بل وطالبه وقتها بفتح صفحة جديدة من خلال انتقال ديمقراطي خلال فترة معقولة، طلب سافر كرره “بعد التعديل” السفير الفرنسي قبل يومين، دون حياء ولا خجل، وبحضور وزراء من حكومة نور الدين بدوي!

دريانكور وفي مقطع من الخطاب، انتشر كثيرا، قال: إنه ومهما كان المستقبل الذي تكتبونه (ويقصد الجزائريين) فإن شيئا واحدا لن يتغير وسيبقى، وهو العلاقة ما بين فرنسا والجزائر”!

أي بمعنى آخر، ثوروا كما شئتم وأسقطوا الرئيس الذي تريدون، واسجنوا من تحبون ومن تكرهون، لكن أمرا واحدا لن يتغير، مهما تعاقبت الأجيال وتبدلت الحكومات واشتدت حماسة الثوار، وهي العلاقة مع فرنسا!

لغة مليئة بالعجرفة الاستعمارية والغطرسة التي لا تفارق باريس في تعاملها مع مستعمراتها السابقة وتحديدا الجزائر!

قال هذا الكلام وعلى يمينه يقف وزير المالية محمد لوكال الذي يعرف أن الجماعة المسيطرة في عهد بوتفليقة حاولت أن “تبتز” باريس وتغيّر بوصلتها نحو الصين أولا، ثم أمريكا وروسيا، ليس من منطلق وطني، وإنما بحثا عن دعم متعدد الأطراف!

السفير فسر العلاقة بين الجزائر وفرنسا بالقول إن مارسيليا لن تغير مكانها، وستظل بعيدة عن الجزائر بمسافة 800 كلم، وبالتالي، فإن فالعلاقة ستظل ثابتة ما بقيت مارسيليا والجزائر في مكانهما ! تفسير ضحل واستغباء للعقول، فالسفير يدرك تماما، أن المسافة بين البلدين لا تحددها الجغرافيا فحسب، وإنما يحكمها التاريخ أيضا والاقتصاد، ويضبط مؤشراتها منطق الوصاية السياسية ومدى التأثير على مستوى القرار، ناهيك عن التعليم، وما أدراك ما التعليم، قطاع حساس جدا، يثير اهتمام الفرنسيين، بدليل أن السفير تكلم عنه بإسهاب كبير، مشيرا إلى ضرورة استمرار ما وصفه بالتبادل المعرفي والتعليم الجامعي، وباحترام اللغة المشتركة بين البلدين في إشارة للفرنسية المهددة بالتراجع!

السفير الحالي يكرر غطرسة سابقه باجولي، وعلى الجزائر “الجديدة” أن ترد عليه بالقول إنها ليست بحاجة لدروس في الثورة ولا في التغيير السياسي، فالأمور قد تبدلت، أو نظنها كذلك، وعلى باريس أن تتوقف عن النظر للجزائر كمزرعة خاصة وقاعدة خلفية، أو كامتداد ثقافي ولغوي، فهذه النظرة في طريقها للزوال، والفضل الأول للحراك الذي طهّر البلاد منها، وسيتخلص ممن بقي مؤمنا بها في الداخل من الأتباع والعملاء، هؤلاء الذين خجلوا حتى من نشر صورهم في الاحتفال الأخير داخل السفارة بعدما كانوا يعتبرون هذا “الحضور” ولسنوات، مصدر فخر وسر قوة ونفوذ!

مقالات ذات صلة