-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

في المركز الجامعي بتيبازة

في المركز الجامعي بتيبازة

أسعد الأوقات عندي هي التي أقضيها في مجالس العلم مع أهله من أساتذة وطلبة، وهذا ما ملأ نفسي حبورا يوم الاثنين الماضي (13-12-21) الذي قضيته رفقة الدكتور بن عبد الرزاق قسُّوم، رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وعبد المالك بوعمرة سونة، الأستاذ في جامعة البليدة (2)، قضيتُه في المدرّج الكبير للمركز الجامعي عبد الله مرسلي بمدينة تيبازة، وهو يقع في ربوة ذات قرار وجمال تشرف على البحر..

كان الداعي إلى هذا المجلس هو “مخبر الممارسات الثقافية والتعليمية” التابع لمعهد اللغة والأدب العربي، وكانت المناسبة هي إحياء ذكرى المظاهرات المجيدة (11 ديسمبر 1960)، والاحتفاء بـ”اليوم العالمي للّغة العربية”، وكان عنوان هذا اللقاء هو “المقاومة اللغوية لجمعية العلماء..”، لقد تحدّثنا بما فتح به الله – عز وجل – عن بعض معاني مظاهرات 11 ديسمبر، التي أثبت فيها الشعبُ الجزائري سفاهة المجرمين الفرنسيين من أعلاهم إلى أدناهم أنّ الجزائريين على قلب رجل واحد، وأنهم عقدوا العزم أن تحيا الجزائر، وأن يطهِّروها من الرجس الفرنسي، فأبرَّهم الله، ونصرهم على أعدائهم الدائمين، وهم الفرنسيون. وكانت تلك المظاهرات ترجمة عملية لمقولة المجاهد الشهيد محمد العربي ابن مهيدي: “القوا الثورة في الشارع يلتقطها الشعب”، وتلْقَف إفكَ فرنسا بأنّ “الجزائر فرنسية”، وما كانت إلا مسلمة العقيدة، عربيّة الانتماء، كما قال الإمام عبد الحميد ابن باديس “موقظ الضمائر” في الجزائر.

ثم تكلّمنا عن “جهاد” جمعية العلماء المسلمين الجزائريين اللغوي ضد الفرْنَسة اللغوية والثقافية والجنسية التي جنّدت لها فرنسا جيوشها المسلّحة بالسِّنان وجيوشها المسلّحة بالقلم واللسان.. وهذا ما عبَّر عنه الإمام الإبراهيمي بقوله “إن فرنسا جاءت إلى الجزائر تحمل الموت وأسباب الموت”…

وقد أطْلعنا الجيلَ الجديد الذي كرّم الله وجهَه فلم ير الفرنسيين يدنّسون أرضَه الطاهرة، وقصصنا عليهم الجهادَ المقدس الذي قادته جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ضد المخطط الفرنسي – الصليبي الهادف إلى محو الأمة الجزائرية بمحو عقيدتها الإسلامية، ومسخ لسانها العربيِّ ونسخ مجدها عبر التاريخ.. وما ذكرنا قصة إلا استشهدنا عليها بما قاله وكتبه المجرمون الفرنسيون، وبما قاله وكتبه المجاهدون الجزائريون.. لقد كانت ملحمةً مقدّسة لم يخُض شعبٌ من الشعوب مثلها.. وكانت عاقبة فرنسا في معركتها الصليبية في الجزائر خُسرا، وكانت عاقبة الجزائر في جهادها الديني واللغوي نصرا مؤزَّرا، فرح به المؤمنون وأحرار العالم في المشارق والمغارب.. ولن يهدأ بالٌ للأجيال القادمة من أحفاد أولئك المجاهدين، حتى يُتِمُّوا تطهير الجزائر مما تركه قرنٌ وثُلث قرن من جرائم فرنسا في ميدان الفكر واللسان..

لقد تفاعل الطلبة والطالبات مع ما سمعوا، وأكّدوا في تدخلاتهم أنهم سيكونون نِعم الأخلاف لنِعم الأسلاف، وأنهم أعطوا عهدا للجزائر أن يطهِّروها من “الحركى الجدد” كما طهَّرها آباؤُهم من فرنسا والحركى السابقين. وشكرا جزيلا للقائمين على هذا المركز الجامعي الذي هو إحدى ثمرات استرجاع الاستقلال والحرية والكرامة.. ورحم الله شهداء اللسان وشهداء السِّنان.. وأطال أعمار المجاهدين بالسلاحين، الذين أرجعوا الجزائر إلى “محمد” الأمين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • شريف

    امين يا رب العالمين.