الرأي

في “النصر العظيم” على الكوليرا!

قادة بن عمار
  • 1442
  • 6

تناقلت الكاميرات، الجمعة، صور الاحتفال الرسمي “المبالغ فيه” من طرف السلطات الرسمية والأمنية بولاية البليدة لخبر خروج آخر 3 مرضى  بالكوليرا من مستشفى بوفاريك وكأن الأمر يتعلق بحدث وطني ضخم وليس بفضيحة سياسية وصحية أضرت بسمعة البلد، كما أظهرت الجهات الوصية ومن خلال خطابها المنتشي بعبارات التفوق، وتوزيعها لباقات الورد على الجميع، وكأنها انتصرت على وباء السيدا أو السرطان، وليس على مرض قديم جدا، ارتبط اسمه بالحروب والفقر والمجاعة!

وفي الوقت الذي كانت فيه البليدة تحتفل بالنصر الكبير على الكوليرا، كان هنالك طفل صغير آخر يبلغ من العمر أربع سنوات يدفع حياته ثمنا للسعة عقرب في مستشفى ورقلة، ضمن مأساة جديدة لا نجد لها تفسيرا في ظل حديث الإدارة عن امتلاك الدواء المعالج والمصل المضاد للسم، أو أننا لم نعد نفهم العقارب جيدا فبتنا نموت بسببها مرارا وتكرارا بحسب ما قاله وزير الصحة مختار حسبلاوي!

المشهد الصحي يبدو بدائيا جدا، والتخبط الرسمي أضحى منتشرا وإلا كيف نفسر فرحة المواطنين بخبر إقالة والي البليدة وكأنه انتصار عظيم في الوقت الذي يرى فيه آخرون أنه مجرد ذر للرماد في العيون!

حتى المواطنة المريضة بالكوليرا والتي قيل إن إقالة والي البليدة جاءت بسبب تصرفه معها، عادت إلى بيتها وإلى حضن طفلها من ذوي الاحتياجات الخاصة، تماما مثلما عاد الوالي إلى بيته بعدما غادر منصبه، فاعتقدت الأولى أنها انتقمت بالتشفي وظن الثاني أنه فر من المحاسبة الحقيقية بالإقالة الشكلية!.

حالة التشفي التي وقعت عقب إقالة الوالي، انتشرت بكثرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي ولعلها أكدت لجميع المسؤولين أن المسافة الفاصلة بين المنصب ومغادرته قصيرة جدا وبأن ما يربط الكرسي بالتخلي عنه شعرة رقيقة جدا، ولكن هل تكفي الإقالة؟ وهل كان قرار اتخاذها لصالح المواطنين حقا، أم أنها جاءت لتفادي حالة التخبط الرسمي الذي تعانيه السلطة عموما منذ اكتشاف الكوليرا!

كل المؤشرات تقول إن الفرضية الثانية هي الأقرب للواقع، فالوالي سقط وقد يتبعه آخرون، بل قد يكون الأمر متبوعا بتعديل حكومي لأن العلبة السوداء في النظام مستعدة للتخلي عن الجميع في حال شعورها بالخطر، خصوصا أن تلك الإقالات ما تزال تصنع عند الشارع صدى إيجابيا، رغم أنه كان من الضروري تجاوز تلك الشكليات لمحاسبة صاحب القرار الفعلي، تماما مثلما يجب على المواطنين التساؤل عن سبب عودة الكوليرا وملاحقة المتورطين، وليس الفرح بالتخلص منها وكأننا حققنا إنجازا علميا لم يسبقنا إليه الآخرون!

مقالات ذات صلة