-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

في بوقاعة وقرقور

في بوقاعة وقرقور

في شمال ولاية سطيف، وفي سفح يناطح عنانَ السماء توجد بلدتان متداخلتان حتى يُخيَّل للمرء أنهما بلدة واحدة؛ إنهما مدينتا قرقور وبوقاعة.. وهما بلدتان يجاورهما كلٌّ من بني ورتيلان، وقنزات… وأصدقُ وصف يمكن أن يُطلق على المنطقة كلها هو ما قاله الشاعرُ القسنطيني ابن الفكون في وصف مدينة بجاية:

يا سائلا عن وصفها إن كنت ذا نَصَفٍ   قل: جنةُ الخلد فيها الأهل والولدُ

ويزيد المكانَ جمالا وبهاءً تديُّنُ أبنائه، وعنايتُهم منذ القديم بالقرآن الكريم وتحفيظه، وتعليم علوم اللسان العربي، وخلال يومين لم نرَ كاسية عارية، فالمنطقة من أكثر مناطق الجزائر محافظةً على الحياء، الذي هو خُلُق الإسلام كما جاء في حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام.

سمعتُ أول مرة اسمَيْ قرقور وبوقاعة في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي من الأستاذ يوسف شربال الذي عُيِّن قاضيا بمدينة جيجل.

لقد دنَّست فرنسا بلدة بوقاعة فسمَّتها باسم أحد مجرميها وهو لافاييت، ومن أشهر ما تتميز به البلدتان هو الحمّامُ المعدني، الذي قيل لنا إنه يعالج تسعة أمراض.. وهو -كما قيل لنا- ثالثُ ثلاثةِ حمَّاماتٍ في العالم. وأدعو الإخوةَ القائمين عليه إلى مزيد من العناية به، كما أدعو الإخوة المترددين عليه للاستشفاء إلى المحافظة عليه، لأننا لاحظنا بعض النقص فيه، وقديما قيل:

ولم أر في الناس عيبا    كنقص القادرين على التَّمام

لقد بُرمج لنا زيارتان؛ إحداهما إلى زاوية “الجامع أوقرِّي”، وهي الزاوية التي كان يشرف عليها الأخ عبد الوهاب حمودة -رحمه الله- والثانية إلى زاوية “سيدي الجودي” المؤسَّسة قبل بضعة قرون، وهي من حيث عمارتها المادية “فخمة” جدا، ونرجو أن تكون عمارتُها العلمية أكثر فخامة.

كانت مناسبة زيارتي مع إخوة كرام إلى المنطقة هي المشاركة في “الملتقى الوطني الثاني” الذي نظمته شعبةُ جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في مدينة بوقاعة في يومي 13-14 ماي، وكان موضوعه في هذا العام هو “ثقافة المواطنة في المجتمع الجزائري: الواقع والتحديات”. أسند إليَّ الإخوةُ المنظمون موضوعا هو “أبعادُ المواطنةِ وثقافتُها في أدبيات جمعية العلماء…” فحمدتُ الله -عز وجل- على نعمة الإسلام وجعْلِ الجزائر خالصة له، إذ ليس فيها الآن إلا الإسلام والمسلمون إلا بعض “الخِراف الضالة” كما قال سيدنا عيسى -عليه السلام- ودعوت إلى العمل لإعادتهم إلى دينهم، بالحكمة والموعظة الحسنة، وجدالهم بالتي هي أحسن، وأما موقفُ جمعية العلماء فهو منضبطٌ بأحكام الإسلام وأخلاقه، وقد عبَّر عن ذلك الإمامُ ابن باديس بأنه لا يخشى ما ندعو إليه لا اليهوديُّ ليهوديته، ولا النصرانيُّ لنصرانيته، بل لا المجوسيُّ لمجوسيته، ولكن -والله- يجب أن يخشاها الظالمُ لظلمه.

والحمد لله ملء السموات والأرض وما بينهما أن طهَّر الجزائرَ في 1962 من أولئك المجرمين الذين أخرجونا من ديارنا وأرضنا، لأنهم فرُّوا جميعا وأشتاتا لِما ارتكبوا من جرائم، ولنعِش جميعا لـ”الإسلام والجزائر” وما أسعدها من معيشة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!