-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

في ذكرى رحيل الفريق أحمد قايد صالح

في ذكرى رحيل الفريق أحمد قايد صالح

لقد كان لرحيلك المفاجئ والمباغت أيها القائد الصالح وقعٌ قوي ومؤلم على قلوب كل من عرفوك وعملوا معك.. ومع من لم  يعرفوك ولم يلاقوك في حياتهم أيضا.. ومنهم أنا لأنني سمعت الكثير والكثير عن حنانك وعطفك ورحمتك وأبوّتك التي كسوتَ بها سائر الجنود البسطاء من أبناء الجزائر الفقيرة العميقة.

لقد كان أبناؤُنا وإخواننا العائدون من الوحدات القتالية المنتشرة في شتى أنحاء الوطن  الجزائري الكبير يروون القصص والحكايات الإنسانية عن سيرتك مع الجنود والضباط والقادة.. يروون مشاهداتهم اليومية الصادقة عن الجهود التي كنت تبذلها من أجل تقوية الجيش الوطني الشعبي، وعن حنانك الزائد على صغار الجنود وضعافهم.. يروون كل ذلك بعفوية واستحقاق وإعجاب في جلساتهم مع أمهاتهم وبناتهم وأخواتهم وآبائهم.. ولاسيما عندما يسألونهم عن صحتهم وأحوالهم وغذائهم ووجباتهم وتلبية حاجياتهم، وعن سلوك قادتهم معهم.. فكانوا يطمئنونهم ويُسمِعونهم بطولاتِك ومواقفَك الرائدة والمتميزة.. لقد كانت سيرتك العطرة وحياتك ومواقفك تُسمع وتُحكى وتروى بحنان وحب في البيوت..

ألست أنت القائد الذي كان يحرص تمام الحرص على التكفل التام بكل حاجيات الجنود وصغار الضباط ولاسيما المنتشرين في الوحدات القتالية؟

ألست القائد الذي حرص على تعليم الجنود ذوي المستوى الدراسي المحدود القادمين من أعماق الجزائر العميقة من الرعاة وأبناء الفلاحين والبدو، الذين ارتفع مستواهم وكفاءاتهم القتالية والمعنوية والاقتدارية؟

ألست ذلك الرجل المسؤول الذي تحمّل مسؤولياته في عزّ وهياج وصراخ الغادين والرائحين والمطبّلين للعهدة الخامسة فكنت نعم القائد السياسي في ثياب القائد  العسكري؟

ألست ذلك الرجل الذي حمى الحَراك من الانزلاق في العنف والصراعات الدموية كما كان مبيَّتا له من قبل أعداء الداخل والمتربصين من أعداء الخارج؟

ألست أنت ذلك الرجل الذي كنت تقطع طول البلاد وعرضها بالرغم من اعتلال صحتك وكبر سنك لتشارك في المناورات العسكرية بالذخيرة الحية لتبرهن للعالم وللأعداء أن جيشنا قويا ومازال قادرا على صيانة الحدود والوطن؟

ألست أنت الرجلَ الوطني الغيور الشهم الذي جمع كل المخلصين والصادقين والوطنيين يوم انطلاق الحَراك واستشارهم في الواجب والأصلح فعله؟

ألست ذلك الرجل الذي حمى الحراك والحراكيين والجزائرَ من فوقهم من أن تسيل قطرة دم واحدة، كما تعهّدت في خطاباتك الدورية وبالفعل لم تسل قطرة دم واحدة؟

ألست أنت الذي كنت تُطل علينا كل يوم ثلاثاء بخطاباتك الروحية الصادقة الصادرة من قلب أب حنون على أبنائه، في وقت فقدنا فيه الرئيس الأب الحنون؟

ألست أنت الرجل الذي حمى الحَراك وسيَّجَهُ، وجيّش وأنزل الجنود الشباب ليحموا الحراك من داخل الحراك، ودون أن يشعر أحدٌ أنهم هم حماة الوطن؟

ألست أنت الرجل الذي تعهّد بتنفيذ مطالب الحراك والحراكيين، وأبعد بغاة الفتنة من محور الأحزاب والجمعيات المجهرية الديمقراطية ودعاة الحكومة المدنية.. وممن يسمّون أنفسهم أصحاب الفترة الانتقالية والمجلس الانتقالي، وحصص المقاطعات والمحاصصات البرلمانية والسياسية والوزارية.. من: همّلِ وغلاة العلمانيين الكاسدين، ومن مفلسي حثالة اليساريين الملحدين، وأكوام البوهيميين الفوضويين، ومن الجهويين والحاقدين على العروبة والإسلام والجزائر من فلول وحطام المتعصبين؟

ألست أنت الرجل الذي كنا نشاهده غافيا أو نائما في الاجتماعات من كثرة الجهد والتعب والمرض والألم الذي كان يعتصرك؟ أليس كل ذلك في سبيل الجزائر؟

ألست أنت الرجل الذي كنت ملقى في المستشفى وأخرجوك لتحضر اجتماعا مهمّا فخرجت وأنت لا تقوى على شيء بعد أن أشبعوا جسدك المنهَك بالحقن والمغذيات؟

ثمة من دونه في المكانة والإخلاص والرتبة وطول مدة الخدمة ممن كتب مذكراته أو استأجر من كتبها له، وهو رحمه الله لم يجد الوقت المناسب ليكتب سطورا من مذكراته الطويلة والعريضة ولاسيما وأنه أمضى قرابة ستا وستين (66) سنة مجاهدا وجنديا وضابطا وقائدا ساميا وسياسيا بلباس عسكري ناجح ومتفوق بامتياز.. في المؤسسة العسكرية سليلة جيش وجبهة التحرير الوطني.

ألست أنت الذي فتح أبواب السلم لجزائر المستقبل ولولا وقفتك البطولية ووفائك بوعدك الذي قطعته مع الشعب الجزائري.. لما استكملنا بناء مؤسسات وهياكل دولتنا الفتية التي يتربص بها أعداء الداخل أكثر من أعداء الخارج؟

وأنا هنا لستُ في تعداد سيرة الراحل وحياته ومواقفه، لأنني لا أعرف عنه الكثير إلاّ ما كانت تتناقله ألسنة أبنائنا وإخواننا وأصدقائنا العسكريين.. فأعظمنا مواقفَه وشهامته ولاسيما تكفله بأبناء الطبقات المسحوقة.. والأولى أن يتصدى للتعريف بسيرته ومنهجه وبطولاته ووسائله وأساليبه  أبناء المؤسسات والأكاديميات العسكرية، فيجعلون من بين مذكرات التخرّج العسكرية تخصّص أعلام القادة العسكريين في الجيش الجزائري، على شاكلة أعلام الدعوة والإرشاد والإصلاح والصوفية.. فسيجدون لا محالة ما يقولونه الكثير والكثير..

ثمة من دونه في المكانة والإخلاص والرتبة وطول مدة الخدمة ممن كتب مذكراته أو استأجر من كتبها له، وهو رحمه الله لم يجد الوقت المناسب ليكتب سطورا من مذكراته الطويلة والعريضة ولاسيما وأنه أمضى قرابة ستا وستين (66) سنة مجاهدا وجنديا وضابطا وقائدا ساميا وسياسيا بلباس عسكري ناجح ومتفوق بامتياز.. في المؤسسة العسكرية سليلة جيش وجبهة التحرير الوطني.

أليس هو الذي قاد أفراد العصابة نحو حتفهم؟ أليس هو الذي خلّص البلاد من أسْر وقيود العصابة وأعوانها وتوابعها من أصحاب المال الفاسد والفاسدين والمفسدين؟

أليس هو ابن الأوراس الأشم؟ أليس هو من البقية الباقية والصالحة من رائحة ثوار نوفمبر العزة والكرامة؟ أليس هو من رحيق ثوار الرعيل الأول من المخلصين الصادقين؟

ليرحمك الله أيها القائد الصالح وليتغمدك بجميل عفوه ومغفرته، وليُسكنك جنته مع الشرفاء والقادة والمجاهدين والصالحين وحسُن أولئك رفيقا.. وما يحزّ في قلبي أنه بقي في نفسي الكثير كي أكتب عنه، ولكني أدعو أبناءه وأحبابه وتلامذته من القادة الذين عملوا معه، وأخص فيهم شقيقي الأصغر الرائد المتقاعد الذي عمل معه خمس سنوات بناحية وهران سنوات 1997-2002م فهو يعرف الكثير من مواقفه وبطولاته وشهامته ولاسيما في تعليم وتدريب وتكوين أبناء الجزائر الفقيرة والعميقة.. ولِما لا تُغْنون رفوف المكتبة الجزائرية بسير وتراجم أعلام المؤسسة العسكرية الجزائرية من الأفاضل والمحترمين خَدَمَةِ الوطن وحماته.. والعاقبة للمتقين..

أللهم ارحم أبانا وقائدنا وحبيب قلوبنا الفريق أحمد قايد صالح وأسكنه فسيح جناتك، ولن ننساك نحن أبناء الجزائر الشريفة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • أمين

    اللهم جدد عليه الرحمات و أسكنه الفردوس الأعلى من الجنة

  • ياسين

    اللهم ارحم برحمتك التي وسعت كل شيء " الفريق أحمد قايد صالح "وأسكنه جنتك...