-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

قاصرات في سوق الدعارة

نادية شريف
  • 11436
  • 1
قاصرات في سوق الدعارة
الأرشيف
ضحايا أم جانيات

فتاة لا تزال في سن الطفولة، لم تكمل الخامسة عشر من العمر، طول قامتها وقوة بنيتها يعطيان انطباعا أنها شابة يافعة راشدة.. هي سمراء البشرة، متوسطة الجمال، لكن مظهرها وطريقة لباسها والتفاصيل الأخرى من التبرج، لون طلاء الأظافر الأسود إلى ارتداء بعض الاكسسوارات حول أنفها، توحي بأنها فتاة متأثرة بالتحرر السلبي…

 تعيش في حي “الرملي “بجسر قسنطينة في كوخ جدرانه لا تسد مطرا، ولا بردا، وسقفه يتقاطر من الرطوبة، رغم أن والدها تعب كثيرا في تغليفه بالبلاستيك والطلاء، وأم لا تعرف سوى الشكوى والصراخ من شدة الفقر والحاجة، تسير حافية القدمين، تقوم بجمع قارورات خمر فارغة كانت مرمية في فناء المنزل، تخشى أن يرتشف ابنها الصغير ما تبقى في كعبها من قطرات كما كان يفعل باقي أطفالها  بما فيها ابنتها الكبرى “سعاد”، التي تدخن السجائر منذ سن الثانية عشر، وتحتسي مع والدها زجاجات الخمر في بعض الأحيان.. سرحت من المدرسة ولا تتذكر في أي سنة، كانت تستعير بعض الألبسة من صديقاتها الأحسن منها وضعا، كثيرة الخروج من البيت، وتتغيب لساعات طويلة، ثم تعود كل مساء وهي تحمل أكياسا فيها بعض الفواكه، الحلويات والمكسرات، وفي بعض الاحيان تجلب ثيابا جديدة وأحذية وعطورا وعلب تجميل وأحمر شفاه .. لم تسألها والدتها يوما من أين لك ،لأن الوضع والفقر والحالة المزرية التي تعيشها الأم مع زوج منحرف تجعلها تشتهي ما تجلبه ابنتها الصغيرة كل مساء، وكانت الأم تدرك أن ابنتها تسير في طريق مشبوه، يتحدث عنها كل الجيران بالسوء لكنها لا تبالي، المهم أن يأكل صغارها “الموز”.

بقيت سعاد منذ أشهر تعمل في “الدعارةالصغرى” كما تقول تتنقل مع الشباب في سياراتهم الى الشواطئ، تحب”التحواس”و”الزهو” مقابل وجبة أكل أوسندويتش ،حسب حالة الزبون الاجتماعية ونوع سيارته ونظارته وحذائه.

في 21 أوت الماضي وكعادتها، خرجت سعاد متبرجة ترتدي كعبا وثيابا مثيرة من منزلها باتجاه بلدية براقي بالعاصمة، حيث لها صديقات تتقاسم معهم هموم الحياة بما فيها الانحراف، وقفت الطفلة عند حافة الطريق بعيدا عن الناس تستوقف السيارات، لكنها لم تمل من الانتظار الى غاية أن رأت شاحنة صغيرة صينية الصنع من نوع”دي اف ام”صاحبها تاجر خضر متنقل، توقف وصعدت الى جانبه وقطع بها مسافة طويلة حتى وصل إلى مدينة خميس مليانه، كانت تظن أنها في رحلة سياحة بعد أن رأت قردة الشفة ووديان عين الدفلى واستوقفتها رائحة “الزرزور”المشوي في وادي فضة، تعلم الفتاة أنها في جولة قد لا تعود منها سالمة بعد أن غطى الليل الطريق واشتد خوفها، لقد وقعت في يد عصابة أشرار هتكوا عرضها لمدة تزيد عن ثلاثة أيام، بعد أن قام صاحب الشاحنة بتسليمها إلى أشخاص آخرين أحدهم إبن أخته وهو شاب يفوق عمره الثلاثين سنة، قام بتدويرها في سوق الدعارة بين عين دفلى، البليدة، وخميس مليانة إلى غاية أن استطاعت الفتاة الاتصال بأهلها، وطلبت منهم استلامها من محطة الحافلات ببئر خادم بالجزائر العاصمة، وهي في حالة يرثى لها حيث تعرضت للضرب والاعتداء بكل أنواعه، وهي اليوم أمام القانون ضحية جريمة جنائية، ويدور تحقيق قضائي معمق حولها، بعد أن طلب وكيل الجمهورية لدى محكمة حسين داي التحقيق في قضية القاصر التي تم تحريضها على الفسق والدعارة، والتحقيق لا يزال ساري مع كل المتهمين الذين شاركوا في الاعتداء على الفتاة، واستغلال فقرها وضعفها، لأن قانون العقوبات مشدد في مواده المتعلقة بجرائم الشرف والآداب ابتداء من المادة 330، وينتظر أن تعرض القضية للنظر فيها أمام محكمة الجنايات بمجلس قضاء الجزائر قريبا بمجرد إنهاء التحقيق وإرسال المستندات إلى غرفة الاتهام بما فيها تقرير الطب الشرعي بمستشفى مصطفى باشا، والذي أكد واقعة الاعتداء واستعمال العنف واقحامها بالقوة في شبكة دعارة مشكلة من أشخاص يعملون في التجارة وبيع الخضر، أحدهم حمال في سوق والآخر سائق، قاموا بتسليمها لأشخاص متعددين.

حسب المقربين من التحقيق تقول الفتاة أن مسؤولية خروجها من المنزل وانحرافها تعود الى والديها وتفكك الأسرة، فبعض الشهود أكدوا أنها تدخن السجائر وتتعاطى الكحول في سن مبكرة، وكانت تستعمل بعض الأساليب المشبوهة للحصول على ماتريد من أكل ولباس ورصيد في هاتفها النقال.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • مسلم

    اللهم أصلح أحوال بلادنا