الرأي

قانون المالية.. وبصمة أويحيى!

قادة بن عمار
  • 2946
  • 9
ح.م

الشكل الذي ظهر به الوزير محمد لوكال وهو يستعرض قانون المالية أمام أعضاء اللجنة المختصّة بالبرلمان لا يشير إلى كونه بصدد مساءلة أو حساب من أيّ نوع، كما لا ينبِّئ بقلقه من حمل مشروع يتضمن المزيد من الضرائب على الجزائريين، مشروع لا يحمل أي جديد في “المقاومة” منذ انهيار أسعار النفط قبل خمس سنوات، بل إنه، ويا للعجب، يستعين بالسياسة الفاشلة التي اعتمدها الوزير الأول السابق أحمد أويحيى والموجود رهن الحبس المؤقت بسجن الحراش!

الوزير لوكال ظهر مرتاحا وهو يتبادل أطراف الحديث مع الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، في الوقت الذي يحمل فيه قانون المالية الكثير من القنابل الموقوتة، ليس أقلّها إفلاس منظومة التقاعد بشكل صريح، واحتمال ارتفاع البطالة بسبب تجميد عمليات الوظيف العمومي، بل إن الـ33 ألف منصب التي تم التهليل لها مرتبطة بتحرير مشاريع موقوفة في قطاعي الصحة والتعليم.

عجزٌ فادح في الميزانية، وعودة متوقعة للاستدانة الخارجية، وتراجع غير مفهوم عن قاعدة 49/51، ثم يأتي الوزير لوكال ليرافع عن الطابع الاجتماعي للدولة الجزائرية التي لا يمكنها التخلي عن الإطار المعيشي المُناسب للمواطنين!

وهنا، لا نعرف، على أيّ أساس تبني الحكومة تقييمها للوضعية المعيشية للمواطنين؟ وكيف يمكنها رصد قدرتهم الشرائية؟ حيث تكفي زيارة بسيطة للأسواق من أجل الاطلاع على الفارق الكبير بين أسعار المواد الأكثر استهلاكا، وأجور الموظفين التي لم ترتفع منذ فترة طويلة، وكأنها ثابتٌ من ثوابت الدستور!

ثم كيف يمكن الحديث عن الطابع الاجتماعي للدولة في الوقت الذي تشهد فيه مختلف القطاعات غليانا كبيرا؛ ففي حين كان الوزير لوكال يتبادل الابتسامات مع نواب البرلمان، صرخ عددٌ لا يُستهان به من معلّمي الابتدائي بأعلى أصواتهم في الشارع رفضا لـ”الحقرة” التي يتعرَّضون لها منذ فترة، والوضع ذاته بالنسبة لمتعاقدي ما قبل التشغيل، والشبكة الاجتماعية، وعمال كثير من الشركات العمومية والخاصَّة، وهذا غيظ من فيض كبير للواقع الذي تصرّ الحكومات المتعاقبة على رؤيته من زاوية واحدة بدلا من التفتُّح على الشركاء والاطّلاع على الأوضاع المُزرية بشكل مباشر.

حكومة بدوي التي أبعدت عن نفسها صفة “تصريف الأعمال” ظهرت بمناسبة قانون المالية الجديد شبيهة بسابقاتها، ومنسجمة تماما مع من عيَّنها قبل سقوطه، بدليل أنها لم تبتعد عن التمويل غير التقليدي وعن سياسة طبع النقود التي انتهجها أويحيى “حلّا وحيدا” وإن جمَّدت القرار رسميا قبل أشهر، لكنها عادت لتستعين بمخرجاته من أجل تمويل عدد من المشاريع الموقوفة والصناديق المفلسة!

وأمام هذا الوضع، لا يمكن توقع تعديلات كبيرة أو جذرية من نواب البرلمان، فهؤلاء وبناءً على تجارب سابقة، قد يتخلصون من كل شيء ما عدا التبعية الأبدية والطاعة العمياء لكل ما يأتيهم من الجهاز التنفيذي، وكأنه وحيٌ لا يجوز الخروجُ عنه، أمّا من يتوقع عكس ذلك، فهو إمّا متفائل جدا، أو كمن يحرث في البحر بلا أمل.

مقالات ذات صلة