-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

قانون تأ (سيسي) لقوة عربية مشـ (ت) ــركة!

الشروق أونلاين
  • 2750
  • 0
قانون تأ (سيسي) لقوة عربية مشـ (ت) ــركة!

ما يحدث في اليمن وتدخل دول الخليج في المأساة، لتزيد مأساة اليمن السعيد شقاوة على شقاء، تدخل بدعوى رفع ظلم الانقلاب الحوثي على الشعب اليمني العربي المسلم (وكأن الحوثيين ليسوا عربا ولا مسلمين!)، يجعلنا نفهم أكثر أن العالم العربي قد انتهى كقومية أو على الأقل قد بدأ يتهاوى، لأن التحالفات تنبني الآن على أساس مصالح أخرى غير القومية. حتى على مستوى الهوية الإسلامية، صار العالم الإسلامي مقسما ما بين تيارين كبيرين: شيعة وسنة. ولكن ما بين السنة أنفسهم، أنشئت تصدعات ضخمة داخلية بين مختلف الأفرقة والفرق: (إخوان، سلفية جهادية، سلفية دعوية، طرقية..).

غير أن الشرخ الأكبر هو ما بن الأنظمة والشعوب! فالشعوب تنظر إلى العالم العربي والإسلامي على أساس أنه وحدة واحدة لا تتجزأ وإن اختلفت المذاهب وتدافع في قرار نفسها عن مصلحة العالم الإسلامي ككل في نضاله ضد الاستبداد والظلم السياسي والاجتماعي والديني وضد القهر الدولي والعدو الإسرائيلي وحلفائه في أوروبا وأمريكا، فيما ترى الأنظمة المدافعة عن مصالحها الآنية والضيقة (الكراسي والمكتسبات والمكانة والعروش والقروش) ضرورة تحالفها مع أقوياء العالم الغربي الأمريكي الصهيوني ضد مصالح أمتها وشعوبها ككل! هذا الاصطفاف هو ما يدفع بالأنظمة إلا اتخاذ مواقف شاذة وغريبة: معادة إيران الشيعية والزيدية في اليمن لأنهم يعادون إسرائيل وأمريكا، وقد يجلب لهم المشاكل إن هم اصطفوا مع إيران التي هي القوة العظمى الإسلامية في المنطقة الآن، وعليه، فمن الأحسن أن يصطفوا مع القوى الكبرى الضامنة لهم بقاءهم على كروشهم وعروشهم. هذا ما يحدث في الصدور، لكن ما يلقى على الأفواه وما يريدون أن ينشروه عبر أبواق الإعلام، هو أن إيران الفارسية الشيعية عدوة للعرب والمسلمين السنة، فهي تريد أن تنشر المذهب الشيعي وتلتهم الأمن العربي (وكأن الأمن العربي والأرض العربية ليسا ملتهمين من طرف إسرائيل منذ 70 سنة!). لهذا ستحدث هناك اصطفافات غريبة الطباع تتناقض وتتحالف في آن واحد: دول الخليج الملكية، تقف إلى جانب الانقلاب ضد الإخوان في مصر.. أي على شرعية شعبية! ولا تتدخل الملكيات الخليجية لرفض الانقلاب، بل على العكس هي من تحميه وتقف معه في السراء والضراء بالمال والجاه والأنفس والثمرات! والكل يعلم ماذا فعل الانقلابيون في مصر من تقتيل علني ولا يزالون! مع ذلك المال الخليجي على أشده والسلاح والدبلوماسية والتجارة كلها موفورة ومتنامية! لكن عندما يقوم الحوثيون بانقلاب، وهو فعلا كذلك، تنقلب الآية، ويصبح التدخل العسكري السعودي الخليجي العربي مطلبا ملحا، بل ويصبح تشكيل قوة عربية مشتركة أمرا مستعجلا ومص(يـ)ريا. هذه القوة، ليست موجه للحفاظ على أمن المنطقة والعرب والمسلمين، بل للحفاظ على الأنظمة القائمة التي ترنحت تحت ضربات الربيع العربي، لكن سرعان ما عاودت الأنظمة الكرة وتحالفت مع بعضها، وحلفائها في الخارج (إسرائيل)، لإسقاط شرعيات الشعب. القوة العربية المشتركة لن تطلق رصاصة واحدة ضد إسرائيل المحتلة، على العكس قد تتدخل لضرب غزة وضرب إخوان ليبيا وثورات شعبية ضد الأنظمة العربية. لكن هي موجهة أكثر ضد القوة الإيرانية! هذا هو الهدف المنشود خليجيا وإن كان الهدف منه مصريا هو محاربة التمدد الإخواني.. أي زعامة الثورات الشعبية.

نمت هذه المرة على وقع عملية إنشاء قوة عربية على غرار القوة الإفريقية، بعد أن صار ذرع الصحراء قصير الذيل، لا يصل إلى أبعد من البحرين واليمن، ووجدت نفسي أنا هو القائد العام للقوات المشتركة العربية. كنت مصريا بطبيعة الحال، لأن مصر لن تتخلى عن “قوادة” القوة العسكرية في المنطقة، خاصة وأن الفكرة خرجت من قلب وعقل العسكري س(يـا)سي لتعميم تجريب الانقلابات على الشعوب إن هي فكرت في الانقلاب على الأنظمة. أول ما قمت به، هو التحالف مع الجيش الإسرائيلي الشقيق من أجل التخطيط لوقف إيران عند حدودها الإقليمية ومنعها من تشييع المنطقة السنة والعربية. بالمقابل، سيكون لليهود دولتهم الدينية وعقد اتفاق مع إسرائيل لقيادة المنطقة كقوة عسكرية وتجارية وصناعية وسياحية. كان علينا قبل ذلك أن نحل المشكل في غزة ونوحد الضفة والقطاع تحت إمرة عباس الذي تعاون معنا في ضرب غزة وتفكيك قوة الجهاد وحماس. كل هذا، لم يمنع إيران من محاولة التدخل، لكن الأمريكان وقفوا لها بالمرصاد وعاودوا تطبيق العقوبات الجوية والبحرية والاقتصادية بعدما رضخ أوباما “للنتن ياهو” ولوبي “إيباك”. أعدنا شرعية السعودية إلى اليمن وقيادة السعودية للعالم السني، وأعدنا الشرعية للسيسي لقوادة العالم العربي، وأرغمنا ليبيا على أن تصبح مصرية التوجه. المشكل بقي مع الجزائر، الذي رفض جيشها أن يتدخل في هذه المسائل وقال إن هذه القرارات تتنافى وما اتفق عليه يوم قرار إنشاء القوة. لهذا، اتخذ موقفا حياديا ولم يتدخل سوى لحماية التراب الجزائري وحدوده مترامية الأطراف التي تتكالب عليها كل الأطراف.

غير أن الجيش الجزائري كقوة إقليمية، سرعان ما قام بانقلاب ضدي كمشير مصري، ونصب جنرالا جزائريا قائدا للقوات العربية المشتركة وكنا على أهبة الاستعداد لضرب إيران مع الأخوة في إسرائيل بعد أن تدخلت في سوريا وأقامت حكومة بديلة للأسد الذي قضى في حادث انقلاب داخلي كان الإيرانيون خلفه، حكومة تحظى بشعبية لدى المعارضة كما لدى بقايا النظام السابق. من هذا الجانب، نعترف أن إيران تغلبت علينا هي وروسيا، وقامت بمفاوضات مع المعارضة، ووقع تفاهم على أن الهدف من الوقوف مع بشار ليس بشار في حد ذاته كشخص أو كنظام، بل لتقف في وجه الامتداد الأمريكي الإسرائيلي بالمنطقة والإبقاء على الطوق المناهض للسياسية الصهيونية الأمريكية في المنطقة ككل، دفاعا عن المصالح العربية والإسلامية. اصطفت المعارضة المسلحة الدينة والعلمانية مع إيران في سوريا والعراق وتحولت المنطقة الشمالية إلى عدو حقيق للسنة والمسلمين أمثالنا، أي المسلمين بلا إسلام. الجزائر، عندما أخذت زمام الأمور على رأس القوة العربية المشتركة، قامت بتحاور مع إيران من أجل دمج إيران في القوة العسكرية لتصبح قوة إسلامية. لم نوافق نحن على هذا الموقف. فلقد كنا نعمل على إضعاف وإسقاط إيران لا إلى احتوائها أو إدماجها في قوتنا المشتركة، لكن الجزائريين قالوا لنا بأن هذا هو لب القانون “التأ ـ سيسي” للقوة المشتركة، وليس من أجل محاربة الشعوب في أوطاننا. وهددت الجزائر بأنها ستنضم مع باقي دول المغرب العربي (ما عدا المغرب) إلى تحالف إيران روسيا الصين والبلدان الآسيوية الإسلامية الهند وأفغانستان وباكستان.. وباقي الدول المعادية لإسرائيل.

أرغمنا على قبول دخول إيران إلى التحالف، ولما بدأت كل دولة تنسحب من القوة المشتركة: بدأنا نحن كمصر ثم السعودية، ثم باقي دول الخليج. فيما بقيت الدول الأخرى ضمن القوة العسكرية السنية الشيعية للحفاظ على أمن المسلمين في العالم (هكذا سميناه) ونحن نخشى من هذه القوة الجديدة على أنفسنا.. وعلى إسرائيل أكثر!

وأفيق وأنا أتحسس رأسي الذي كان يؤلمني إلى حد أن اعتقدت أني فقدته في أزمة التحالفات العربية الإسرائيلية في المنطقة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!