-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

قراءة في  الحصاد الثقافي لسنة 2021

أحسن تليلاني
  • 198
  • 0
قراءة في  الحصاد الثقافي لسنة 2021

عشية انقضاء سنة 2021 ودخول عام 2022، هذه بعض ملاحظاتي حول المشهد الثقافي سنة 2021 وآفاق سنة 2022، أقولها بصفتي كاتبا وباحثا وليس مديرا، مع خالص التمني للجميع بحلول عام ميلادي سعيد (2022 ) عامر بالنجاحات والانتصارات والخيرات والبركات.

أولا: تأثيرات وباء كورونا على الشأن الثقافي، حيث إنه بقدر ما أغلق المسارح ومختلف الفضاءات الثقافية، فإن هذا الوباء اللعين قد فرض على الكتاب والمبدعين البقاء في بيوتهم والتفرغ للكتابة والإنتاج الثقافي، كما فرض على أهل الثقافة البحث عن بدائل رقمية عبر مختلف المنصات الافتراضية لنشر المنتجات الثقافية، فكان هذا الوباء من قبيل (رب ضارة نافعة)، حيث أقبل الجميع وخاصة الشباب على الإنتاج الثقافي في شتى صنوف الإبداع من الأشعار والروايات إلى السينما والفنون التشكيلية وصولا إلى المسرح والأغاني والأشرطة المرسومة، غير أن هذه الإبداعات- على كثرتها وتنوعها- يعوزها النقد والغربلة خاصة في ظل عدم اهتمام المختصين الأكاديميين بها، وابتعاد وانعزال الجامعة عن المحيط الثقافي، ولذلك لاحظنا كثرة النشاطات الثقافية في مختلف ولايات الوطن بمجرد رفع إجراءات الحجر الصحي شهر أكتوبر الفارط وفتح القاعات من جديد، وهي إن كانت تظاهرات محلية إلا أنها استطاعت أن تعيد للثقافة حضورها في مختلف المدن الجزائرية شمالا وجنوبا، ولعلنا نلاحظ جميعا هذه الأيام مع العطلة الشتوية العودة القوية لمسرح الأطفال، وكذلك مختلف اللقاءات والملتقيات وحتى بعض المهرجانات.

ثانيا: أن البرنامج الذي جاء به السيد رئيس الجمهورية خاصة فيما يتعلق بالحفاظ على الذاكرة الوطنية قد ألقى بظلاله على الفعل الثقافي سنة 2021، بحيث لاحظنا الاستثمار في المناسبات الوطنية كذكرى يوم الهجرة 17 أكتوبر، وذكرى أول نوفمبر، ومناسبة 11 ديسمبر وغيرها من المناسبات، كما

لاحظنا تغيرات كبيرة في الممارسات الثقافية، فقد اختفت مثلا تلك التظاهرات التهريجية التي تقوم على الشطيح والرديح وحلت محلها تظاهرات تستثمر في التاريخ الوطني والمناسبات، وتستفيد من الطروحات العلمية، مما رسخ القناعة لدى الجميع بأن أي تظاهرة ثقافية لابد ان تخضع للتخطيط ورسم الأهداف، لأن الثقافة بمقدورها المساهمة في التوحيد العقلي والوجداني للأمة، ولعل أبرز حدث ثقافي هذا العام بعد تعيين وزيرة جديدة للثقافة، هو عودة الحديث عن فيلم الأمير عبد القادر وغيره من الأفلام التاريخية مثل فيلم الشهيد زيغود يوسف وفيلم بوقرة وفيلم الحواس، كما يجري الحديث عن التحضير للقيام بتظاهرات ثقافية كبرى بمناسبة الذكرى الستين للاستقلال .

ثالثا: على مستوى الأدب نلاحظ كثرة الإصدارات ورواج الأدب الجزائري عربيا وحتى عالميا، يتجلى ذلك في تتويج الكثير من الكتاب الجزائريين بجوائز عربية أبرزها تتويج د.عبد الملك مرتاض بجائزة سلطان العويس عن مجمل أعماله وكذلك النجاح الباهر الذي أصبح يحققه الكاتب ياسمينة خضراء الذي ترجمت أعماله الى اكثر من 50 خمسين لغة. ولعل أبرز حدث ثقافي في مجال الكتاب إنما هو الإعلان عن اقامة المعرض الدولي للكتاب في الربيع القادم، وهي التظاهرة الثقافية التي من شأنها إعادة تنشيط حركة الطبع والنشر وكذلك تنشيط سوق الكتاب وتشجيع المقروئية.

رابعا: في مجال المسرح نلاحظ عودة المسرح الجزائري إلى الواجهة الوطنية والعربية خاصة بعد تتويج مسرحية جي بي أس بعدة جوائز وكذلك توجه وزارة الثقافة نحو إنشاء مسارح جديدة خاصة في منطقة الجنوب، وإعادة فتح أبواب المسارح المحترفة للجمهور بعد غلقها بسبب جائحة كورونا، وعودة مختلف تلك المسارح بانتاجات جديدة، كما نلاحظ عودة قوية لمسرح الهواة ومسرح الأطفال، وازدياد اهتمام الباحثين في مختلف الجامعات الجزائرية بدراسة العروض المسرحية بعد الانكفاء لسنوات طويلة على دراسة النصوص فقط، ومن المؤكد أن الاهتمام بدراسة النص المرئي قد رسخ لدى الدارسين امتلاك أدوات دراسة العرض كالسينوغرافيا والإنارة والأداء وغيرها.

خامسا: في مجال السينما نلاحظ اهتمام السلطات العليا في البلاد بهذا الفن إلى درجة تعيين المخرج السينمائي أحمد راشدي مستشارا لرئيس الجمهورية في سابقة تاريخية لم تحدث من قبل، وهي بالتأكيد مبادرة لها دلالاتها في الاعتراف بأهمية السينما بصفتها فن العصر، وضرورة تطوير الصناعة السينماتوغرافية، وهو ما يتجلى أيضا في العمل الدؤوب الذي تقوم به وزارة الثقافة من أجل استعادة قاعات السينما وتهيئتها من جديد ودعم الإنتاج السينمائي وتشجيع الخواص على الاستثمار في السينما بخلق وبناء استديوهات التصوير، ومن المؤكد أن فيلم الأمير عبد القادر سيكون من أضخم الانتاجات السينمائية التي ستدشن عودة السينما الجزائرية للواجهة الوطنية والعالمية عام 2022

سادسا: تنامي الوعي الوطني بأهمية التاريخ، وضرورة الحفاظ على التراث المادي واللامادي، وقد ترسخ هذا الاهتمام أكثر بفضل إصدار رزنامة من التشريعات والنصوص القانونية التي تهدف إلى حماية التراث وحفظه خاصة ما تعلق بالعمران والآثار التي هي ليست مجرد أحجار بل هي أسرار وأخبار الأجداد، كما تزايد الاهتمام بالتراث الشعبي جمعا ودراسة، ومن المؤكد أن هذا الاهتمام هو أحد نتائج توجه السلطات العليا في البلاد نحو الاهتمام بالذاكرة وتعزيز الهوية الوطنية

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!