-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

قراراتٌ إدارية هدمت المدرسة الجزائرية

أوحيدة علي
  • 2305
  • 4
قراراتٌ إدارية هدمت المدرسة الجزائرية

بادئ ذي بدء أشكر وأقدّر ما قامت به نقابتا (ساتاف) و(كناباست) من تحليل نتائج الفصل الأول، ومقارنتها أيضا بين علامات الفروض وبين علامات الاختبارات، وما استنتجته من تقييم عملي وميداني لا يرقى له شك، لأنه حقيقة من الحقائق التي لا تُعدّ ولا تُحصى؛ حقيقة تباين كبير بين علامات الفروض والاختبارات نُشرت في إحدى الجرائد يوم 16/12/2021.

لو أضافت النقابتان محورا آخر خصصته لمساءلة التلاميذ والطلبة في الأطوار الثلاثة لتوصلت إلى نتائج كارثية تكشف من يريد الإطاحة بهذا الجيل الذي سوف يكون مسؤولا عن حماية الجزائر وتطورها، بل تكشف من يريد المهانة والذل للجزائر التي ضحى عليها مليون ونصف المليون من الشهداء بقرارات إدارية هدفها الوحيد إضعاف المنظومة التربوية، ليستغل هذا الضعف ذريعة لإدخال منظومة أخرى الهدف منها تجريد الجزائريين من هويتهم، ووحدتهم، وتاريخهم، وحضاراتهم، ولغتهم، وإسلامهم، وعاداتهم من جهة، ونشر ثقافة التفرقة والحقد وتمزيق نسيج الأسرة من جهة ثانية، والتمييز بين منطقة وأخرى، وإحياء نعرات العائلة والقبيلة والعروشية من جهة ثالثة، بغية طمس حدود ومعالم الدولة، والأدلة على هذا كثيرة ومتشابكة أذكر منها على سبيل المثال:

Ÿ قرارات انتقال تلاميذ السنة الأولى إلى الثانية مهما كان مستواهم بحجة أننا لا نستطيع تقييم الكفاءة في سنة واحدة، ولما جاءت الوزيرة السابقة بن غبريط رمعون سنّت قرارا آخر يفرض انتقال تلاميذ السنتين الأولى والثانية مهما كان مستواهم التعليمي قصد قتل البذرة في التراب قبل خروجها من الظلام إلى النور.

Ÿ اقتراح تدريس العامّية في السنتين الأولى والثانية لتقضي على جذور اللغة العربية في المستقبل القريب، وحذف التربية الإسلامية في المستقبل البعيد، بعد دمجها في السنتين الأولى والثانية مع التربية المدنية واللغة العربية حتى تمحى معالمها وتصبح ثقافة عادية، بل عبارة عن خرافات وأمثال وقصص يرددها عامة الناس في المقاهي والأسواق والملاهي… الخ، ولهذا حذفتها من المسابقات التي تنظم بين الثانويات.

طالبت الوزيرة السابقة، وكذلك بعضُ النقابات بإلغاء امتحان السنة الخامسة، ولما فشلت في الأمر لجأت إلى فكرة جهنّمية لا يتفطن إليها الجن والإنس، وهي امتحان تلاميذ السنة الخامسة في مؤسساتهم، لنوفر لهم الراحة النفسية، والظروف الملائمة، ونخلّصهم من مشاكل النقل والتنقل، ونصَّ هذا القرار على وجوب بقاء مدير المدرسة في مؤسسته والطاقم الإداري له، وسوف يحاسَب كل مدير على النتائج الضعيفة.

Ÿ أما اللغة الفرنسية المبجلة على العربية في خطاب المسؤولين، والوثائق الإدارية والمؤسسات العمومية والخاصة، والمحلات التجارية فلا ينبغي تعليمها بالعامية، فهذا قولها في جريدة “الخبر” أثناء حوار يوم: 05/08/2015، حين قالت إن “الفرنسية وتكنولوجيا الإعلام شرطان للتوظيف في التربية”.

Ÿ قرار كتابة الأعداد والعمليات الحسابية من اليسار إلى اليمين، وقد أثر هذا الاتجاه على التلاميذ، ولذا يكتبون (الفتحة- الكسرة) من اليسار إلى اليمين.

Ÿطالبت الوزيرة السابقة، وكذلك بعضُ النقابات بإلغاء امتحان السنة الخامسة، ولما فشلت في الأمر لجأت إلى فكرة جهنّمية لا يتفطن إليها الجن والإنس، وهي امتحان تلاميذ السنة الخامسة في مؤسساتهم، لنوفر لهم الراحة النفسية، والظروف الملائمة، ونخلّصهم من مشاكل النقل والتنقل، ونصَّ هذا القرار على وجوب بقاء مدير المدرسة في مؤسسته والطاقم الإداري له، وسوف يحاسَب كل مدير على النتائج الضعيفة، إنه منطقٌ مقلوب: فالأستاذ يُعلِّم، والمدير يُحاسَب، والهدف من هذا هو: عليك أيها المدير أن تتساهل مع الحراس، وأن تساعد تلاميذك بأي طريقة كانت حتى لا تتعرض للعقوبات، أي يمكن كتابة الإجابة على السبورة، ومن أراد التأكد من هذا يسأل التلاميذ، ويتأمل نتائج جميع المؤسسات. ليستنتج أن هذا القرار مِعولٌ من المعاول الهدامة لأبنائنا، بل للجزائر، والسؤال: هل انتبه أصحاب الميدان إلى هذا أم أن الأمر لا يهمهم لا من قريب ولا من بعيد؟ عجيب أمر هؤلاء! والأعجب من يمثلهم! والأعجوبة من يؤيدهم!

Ÿ الوزيرة رحلت، ولكن مشروعها يطبَّق في الميدان بعدها، لأن إلغاء (السانكيام) تحايلٌ على المادة: 49 من القانون رقم: 08-04 المؤرَّخ في 15 محرم 1429 الموافق لـ23 يناير 2008، المتضمن القانون التوجيهي للتربية الوطنية، بحجة أنه كان عبئا على التلاميذ، وتصبح شهادة شرفية، أي لا معنى لها، لأنها لا تهم الأستاذ ولا التلميذ ولا الوليّ، ليعمّ الجهل والتجاهل ويتحقق الهدف المقصود، هدف استكمال مشروع الإصلاحات، وتطبيقه تطبيقا كاملا يصعب التراجع عنه، أو استبداله، أو إصلاحه. إنها حجة واهية وملهاة للمجتمع وأصحاب الميدان ليعمل أصحاب المشروع في هدوء وهناء حتى يصلوا إلى نهاية ما تم تسطيره منذ عقود وعقود…

Ÿ والبرهان على هذا الاتجاه يحتم عليّ القول: إن إلغاء امتحان السنة السادسة من المدرسة الأساسية في التسعينيات واستبداله بقرار تضمنُ كل مدرسة بموجبه انتقال منها 85% أدى إلى تهاون المعلّمين والمديرين والتلاميذ والأولياء إلى درجة أصبح ينتقل إلى المتوسط كل من لا يفرِّق بين الاسم والفعل، ولا يستطيع انجاز عملية جمع بسيطة، ومن أراد التأكُّد من هذا عليه أن يرجع إلى أرشيف التعليم المتوسط إذا لم يُحرق أو يُتلف حتى لا تظهر الحقيقة ويُكشَف أصحاب المعاول.

Ÿ وهذه القرارات لم تكن في عهد الإصلاحات، بل بدأ تنفيذُها بسنوات قبلها، مثل قرار غلق أكثر من ستين معهدا تكنولوجيا على مستوى الوطن، وإدخال بيداغوجية الأهداف لطمس معالم المدرسة الأساسية والتمهيد (للمقاربة بالكفاءات) التي أتى بها أصحابُ المشروع من (كندا) كتمويهٍ وخديعة للجزائريين لكي لا يثوروا على أصحاب المشروع إذا أتوا بها من فرنسا، والسؤال: لماذا لا يُفتَح نقاشٌ في وسائل الإعلام والجرائد بين أصحاب الميدان، والمختصين في التربية وعلم النفس، وكل خبير تربوي، وكل من له صلة بالتربية والتعليم، دون تهميش للمجدِّين الصادقين، والاحتفاظ بالمتملقين والمتزلفين والمؤيّدين والمطبِّلين من أصحاب الميدان والنقابات؟ أما الأحزاب المدجَّنة فهي التي أدت بالبلاد إلى الهاوية، لأنها أيدت الإصلاحات الكاذبة، وساندتها، بل حضنت جميعَ المفسدين في جميع المجالات ليتكاثروا، كما تحضن الدجاجة بيضها ليتكاثر أفراخُها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • قارئ

    المقاربة بالكفآءة تعتمد على النشاطات لكل محتوى من الوحدات المقررة في المنهاج والتلميذ هو الذي يسنتج الخلاصة من كل نشاط ، لكن إذا وجد التلميذ صعوبة في إستنتاج الخلاصة فإن الأستاذ هوالذي يلخص النشاط.بعد نهاية الدرس يقترح تمارين وواجبات منزلية ووضعيات إدماجية يوضف التلميذ كل الموارد والمعارف التي إكتسبها لحل مختلف الوضعيات.المشكل في هذه الطريقة هو يجب مضاعفة الوقت وصعوبة الموارد الجديدة تجعل التلميذ يبحث عن معلومات لا يفهما ومستحيل يفهمها إذا لم يشرحها له الأستاذ ويفصلها،زيادة علل ذلك يوجد تباين في مستويات التلاميذ .التدريس بالمقاربة بالكفآءة قد تصلح في وضعيات معينة لكن في وضعيات معقدة يصعب تطبيقها لضيق الوقت وصعوبة الموارد الجديدة.

  • ثانينه

    بن غبريط كفاءه ودرايه بشان الاطفال كانت ترمي الي انشاء جيل قادر علي التفكير والملاحظه والاستننتاج لاجيل يعتمد علي الاستنساخ والحفظ وملا الداكره بما لايصلح..وكانت متفتحه علي كل مايجري في العالم وخاصه تعلم اللغات ..وللاسف الرداءه تتفوق مره اخري وتعيدنا الي نقطه الصفر.

  • merghenis

    "قرار كتابة الأعداد والعمليات الحسابية من اليسار إلى اليمين". لا أدري ماذا يقصد الأستاذ بهذا الكلام . الأعداد تكتب من اليسار إلي اليمين وهو شأن الرياضيات و لاعلاقة لأحد بهذا.أما العمليات ، حسب المنطق يجب أن تجرى من اليسار إلى اليمين و لكن حاليا تجرى من اليمين إلى اليساروفي هذا الموضوع تختلف الفيزياء و الرياضيات. على كل حال في غياب الآلة الحاسبة الإتجاه الأول يجنب الخطاء.

  • محمد

    (مقاطعة جريدتكم لتعليقاتي لا تمنعني من التعبير عن رأيي في المنظومة التربوية الحالية).أحس بصدق صاحب المقال وأمله في إنقاذ المدرسة من الجريمة المرتكبة في حقها لكنني لا أوافقه فيما وصل إليه من ضرورة الإبقاء على امتحان الانتقال من الطور الابتدائي إلى المتوسط ولو أنني أذكر له أن امتحانات الانتقال من قسم إلى آخر في الابتدائي كانت سارية المفعول ماضيا لما كان للمعلم كفاءة مهنية وضمير مهني يكفل له المصداقية يجعلانه مصونا من كل شبهة.كان المعلم مربيا حقا مع صرامة موضوعية لا يتزلف لأحد ولا ينتظر من أحد جزاء ولا شكورا.لكن اليوم لا تجد في الميدان إلا الطامعين في الحصول على مناصب سياسية واجتماعية تكفل لهم الثراء دون جهد ولا تعب.هكذا أصبح قطاع التعليم إداريا وتربويا.المناقشة لا تكون بين الوصوليين والهمجيين إنما تنجح بين أصحاب الضمائر الحية الوطنيين.