الرأي

قصص “اختطاف” هزلية للتعمية على كوابيس مرعبة

حبيب راشدين
  • 3221
  • 14
ح.م

بينما يُشغِلنا الإعلام العالمي الواقع تحت الهيمنة الصهيونية الماسونية والأوليغارشية المالية العالمية بمسرحيات هزلية مثل قصة اختطاف الكاتب السعودي جمال خاشقجي، وقبله “اختطاف” الصين لرئيس منظمة انتربول الصيني الأصل، جرت وتجري أحداثٌ بالغة الخطورة على مستقبل الأمن العالمي مرَّ عليها الإعلام مرور الكرام.

دعونا نصفِّي الحساب مع قصة “اختطاف” جمال خاشقجي، بلفت الانتباه إلى أنه كان ينتسب لجهاز المخابرات السعودية، قريب جدا من رئيسها السابق تركي الفيصل، وهو أيضا قريبٌ من الـ”سي أي أي”، وكانت الدوائر الاستخباراتية الأمريكية تستهدي وتستأنس بمعرفته بخبايا القصر ودهاليز عائلة آل سعود، فهو كان وسيظل ـ إن لم يكن قد صُفِّي جسديا ـ جزءا من الصراع الدائر داخل العائلة الحاكمة في السعودية، وربما يكون قد جُرَّ إلى مسرح مناورات خصوم بن سلمان داخل العائلة وفي أوساط أمريكية إسرائيلية، فليس صدفة أن يرِد في الصحافة التركية ذكرُ وجود عملاء إسرائيليين رفقة الفريق السعودي المتهم بالاختطاف.

في غضون ذلك، ومع استبعاد حصول تصعيدٍ تركي يفوق طاقتها العقابية، يتم توظيف عملية “الاختطاف” مع ما يُوظف اليوم في واشنطن لإضعاف الرئيس الأمريكي قبيل الانتخابات النصفية للكونغرس، بينما يجري إبعاد الرأي العام العالمي عن متابعة أحداث كبيرة خطيرة على الأمن العالمي، مثل حادث اسقاط طائرة إيليوشين الروسية في سورية، والذي أخفى بشأنه الروس والأمريكان تفاصيل عملية مركَّبة شارك فيها إلى جانب اسرائيل طيران بريطاني وقطعة بحرية فرنسية، أريد لها أن تُسقط قواعد الاشتباك السارية منذ بداية التدخل الروسي في سورية، بحصول رد روسي متهوِّر غير مدروس يفرض على ترامب الدخول في تصعيدٍ عسكري مفتوح معه ويُنهي الغزل المتنامي بينهما.

الحادث الثاني عسكري أيضا: شمل تنظيم الروس والصينيين الشهر الماضي لأكبر مناورة عسكرية منذ الحرب العالمية (فوستوك 2018) ردَّ عليها المعسكر الغربي الأطلسي بتنظيم مناورة نهاية هذا الشهر، هي الأضخم في سجلّ حلف “النيتو”، بينما أمر بوتن في 11 من هذا الشهر بتمارين نووية بالذخيرة الحية اختبرت سلاحها النووي بوسائطه الثلاثة.

الحادث الثالث البارز جرى في مبنى الأمم المتحدة بمناسبة انعقاد الجمعية العامة الـ73 للأمم المتحدة، كشفت فيه مداخلات: ترامب، وماكرون، وسيرغي لافروف، عن العنوان الحقيقي للصراع بين منظومة غربية أطلسية مستبدَّة بالمؤسسات الدولية، تسخِّرها بإفراط لفرض عولمةٍ فاشية في خدمة حصرية للعصابة الأوليغارشية المعادية للدولة القُطرية، المانعة لقيام مبادلات مُنصفة بين الدول والشعوب، وبين أقطاب ناشئة ترفض استمرارها حتى لو اقتضى الأمر بناء مؤسسات موازية لها، تُنهي تسخير الأطلسيين لمجلس الأمن كأداة للتغطية على عدوانيتهم، وتهمِّش أو تُنهي دور صندوق النقد الدولي والبنك العالمي الساقطين بالكامل تحت هيمنة العصابة الأوليغارشية العالمية.

الأحداث الثلاثة مرتبطة، وتبشِّر بنهاية سنةٍ مضطربة، حبلى بالمخاطر والتهديدات، مرتهنة بنتيجة الانتخابات النصفية للكونغرس الأمريكي التي يراهن عليها: إما للبدء في ترحيل الرئيس الأمريكي وعودة أحد سدنة الكنيس الأوليغارشي إلى البيت الأبيض ليقود العالم حتما إلى حربٍ مفتوحة بين الغرب الأطلسي والقطب الروسي الصيني، أو يفوز فيها ترامب ويتحرَّر بالكامل لتنفيذ برنامج تطهير مستنقع واشنطن، وتدبير تفاهمات دائمة مع الروس والصينيين تُبعد كابوس المواجهة العسكرية المفتوحة التي يكون فيها اختطاف صحفي أقلَّ من تفصيل.

مقالات ذات صلة