قضايا بيع الذهب المغشوش عبر الفايسبوك تغزو المحاكم
انتشرت خلال الفترة الأخيرة، ظاهرة سرقة جديدة، كما أخذت حيزا كبيرا خاصا بها من خلال طرق النصب والاحتيال التي باتت تعتمدها في اللّعب باستخدام حيل إجرامية على زبائن الفايسبوك..
فبعد أن غزت التجارة الفايسوكية بشكل مُلفت منذ مدة لا بأس بها، وانتشرت بقوة ولم تقتصر على السيارات والهواتف النقالة وبيع الألبسة والأحذية والأفرشة ومواد التجميل والأطعمة وكذا الأجهزة الإلكترونية والكهرومنزلية فقط، بل شملت أيضا كل ما هبّ ودبّ من المستلزمات والأغراض، إلى أن بلغ بها الحد إلى بيع كل أنواع الحلي من إكسسوارات ومجوهرات مصنوعة من النحاس والفضة وحتى الذهب، وهو الأمر الذي زاد من حجم عمليات النّصب التي تحصل يوميا عبر موقع التواصل الاجتماعي “الفايسبوك”، وتحويله من وسيلة للتواصل والحوار والتعارف إلى وسيلة للتجارة المختلطة بتوابل النصب والاحتيال وكل أنواع الإجرام، حيث راحت عمليات النصب والاحتيال تكبر يوما بعد يوم إلى أن صرنا نسمع عنها في محاكم الجنح وحتى الجنايات..
قضايا بيع الذهب المغشوش في الفايسبوك تغزو المحاكم
عالجت نهاية الأسبوع المنصرم، محكمة الجنح بقسنطينة، قضية تتعلق بعملية نصب واحتيال كبيرة قام فيها القاضي ووكيل الجمهورية بتأجيلها بعدما استمعوا للشهود والدفاع واطلعوا على حجم السرقة التي وقعت، إذ من المحتمل أن يتم إعادة تكييف الوقائع لتحويل القضية من جنحة قد يأخذ فيها المتهمون عقوبة خفيفة لا تزيد عن 7 سنوات، إلى جناية تصل عقوبتها إلى 20 سنة سجنا نافذة فما فوق، حيث إنّ القضية تتلخص كما دار خلال جلسة المحاكمة، في أن المتهمين وعددهم أربعة من بينهم شابة في العشرينيات من عمرها، قاموا بعرض بعض المجوهرات على أساس أنّ محتواها ذهب خالص عبر صفحتهم التجارية في الفايسبوك، وعرضوا أسعار كل قطعة، لتطلب سيدة في العقد الخامس من عمرها الاطلاع على المجوهرات، حيث التقت بالمتهمة الشابة المدعوة “ف.ي”، بالمدينة الجديدة علي منجلي بقسنطينة، إذ أطلعتها على بعض المجوهرات، وعندما طلبت الضحية أن ترافقها المتهمة إلى محلّ لبيع المصوغات، من أجل إجراء كشف على المجوهرات للتحقق من محتواها، وافقتها المتهمة الرأي، وأخذتها إلى محل قريب منها مختص في بيع الذهب، وهو المحل الذي يعمل فيه باقي المتهمين الثلاثة، حيث ادعوا أنّه لا علاقة لهم بالمتهمة، وقاموا بتحليل المجوهرات وأكّدوا للضحية أنها سليمة ومصنوعة من الذهب الخالص.
كما أوهموها بأنهم سيقتنون المجوهرات المتبقية من عند المتهمة، لتقوم الضحية بشراء مجوهرات بسعر 48 مليون سنتيم، وبعد فترة زمنية فاقت عشرة أشهر كما أكدت الضحية، بدأت تلاحظ ظهور بقع سوداء على المجوهرات التي اقتنتها، فحاولت الاتصال بالمتهمة للاستفسار عن السبب، لتتفاجأ بهاتفها مغلقا، وبحثت عنها في الفايسبوك، فلم تجد لها أي أثر، عندها أخذت تلك المجوهرات إلى صائغ بوسط مدينة قسنطينة، ليخبرها أن المجوهرات مصنوعة من الذهب و”البلاكيور” وليست كما كانت تعتقد أنها من الذهب الخالص، وبعد تداولها على العديد من الصائغين وتأكدها من صحّة المعلومة التي قدمها لها أول صائغ، اتجهت للمصالح الأمنية وقدمت شكوى ضد المتهمة، وقدمت لهم صفحتها الفايسبوكية القديمة ورقم هاتفها، ليتم توقيفها وبعد التحقيق معها، اتضح أنها مشتركة مع عصابة تنفذ نشاطها في النصب والاحتيال عبر الفايسبوك..
عصابة تستغل محل يبيع “البلاكيور” وتنصب على زبائنه ببسكرة
وفي مدينة بسكرة، عالجت مؤخرا محكمة الجنح بقنطرة قضية مماثلة لا تختلف مجرياتها كثيرة عن قضية النصب والاحتيال الفايسبوكية التي وقعت بقسنطينة، وجعلت الكثير من زبائن الفايسبوك يُعرِضون عن التسوق والتعامل مع التجار الفايسبوكيين، حيث تلخصت وقائعها في، أنّ صاحب محلّ مختص في بيع “البلاكيور” بكل أنواعه أراد تطوير نشاطه التجاري، إذ قام بفتح صفحة فايسبوكية وراح ينشر المجوهرات التي يبيعها عبر صفحة خاصة به في الفايسبوك، كما عرض عنوان المحل ورقم هاتفه لمن أراد الاقتناء، وكل من تُعجبه سلعة، يتردد عليه في محله الكائن مقرّه بمنطقة قنطرة ولاية بسكرة، إلى هنا الأمر عادي.
وبعد مرور فترة من الزمن تم سرقة تلك الصور الفايسبوكية التي ينشرها صاحب هذا المحل، من قبل مجموعة من الشباب، وفتحوا صفحة خاصة بهم وعرضوا معلومات من رقم هاتف وغيرها عبرها يزعمون فيها بأنهم من أتباع نفس المحل الموجود بمنطقة قنطرة، وبدؤوا في صنع نفس المجوهرات من ناحية الشكل لكن محتواها يجمع بين “البلاكيور” والقصدير، وليس من “البلاكيور” الذي يبيعه صاحب المحل والمضمون بعشر سنوات، حيث يسبب حساسية على الجلد بعد لبسه مباشرة، وبعد فترة زمنية معينة، قام تاجر ينحدر من مدينة سكيكدة بالتعامل معهم وقدم طلبية عن سلعة بمبلغ 80 مليون سنتيم، من دون أن يعلم أنهم عصابة أشرار وليس لهم أي صلة بصاحب المحل الحقيقي الذي اعتاد التعامل معه ببسكرة، وبعد أن أخذ سلعته وبدأ ببيعها في ولاية سكيكدة أين يقطن، تلقى الأخير العديد من الشكاوى من قبل زبائنه، وعندما اتصل بصاحب المحل الذي ينحدر من منطقة قنطرة، أخبره الأخير أنه ليس مسؤول ولا تمده أي صلة بالجماعة التي باعته السلعة، هنا تقدم بشكوى لدى مصالح أمن ولاية سكيكدة وبسكرة معا التي فتحت تحقيقا معمقا في القضية وتمكنت من الوصول إلى المشتبه بهم في قضية الحال..
الأئمة مطلوبون لتوعية المواطنين
وخلال المحاكمة، طالبت النيابة العامة بتدخل الأئمة عبر المساجد من أجل تقديم نصائح ومواعظ للناس لتفادي الوقوع في مثل هذه الأمور من خلال الابتعاد عن اقتناء أغراضهم من مواقع التواصل الاجتماعي باعتبارها غير مضمونة.. ودون الحديث عن هذين القضيتين، تواجه المحاكم الجزائرية يوميا عشرات قضايا النصب والاحتيال التي تحصل عبر “الفايسبوك”، إذ لم تعد تقتصر على نشر الصور الإباحية والتهديد وغيرها، بل فتحت التجارة الفايسبوكية المجال لتسجيل كم هائل من القضايا الإجرامية التي تتمحور في مجملها حول النصب والاحتيال والسرقة بشتى أنواعها.