-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
أجبرت العالم على تغيير جغرافية وتاريخ المونديال

قطر تحتل قلوب عشاق كرة القدم بنكهة عربية إسلامية راقية

ب. ع
  • 692
  • 0
قطر تحتل قلوب عشاق كرة القدم بنكهة عربية إسلامية راقية

حققت دولة قطر على مدار شهر، من شتاء 2022 أكثر مما كان يأمله المسلمون والعرب، من خلال تنظيم راقي لدورة جرت في بيت عربي أصيل، حققت من خلالها ما لم يكن يتصوّره أكثر المتفائلين، وتكمن قوة قطر في أنها لم تعتمد على الإمكانيات المالية التي تتوفر عليها بفعل ثروتها النفطية، وإنما ضخت الرصيد العربي الإسلامي وقدمت صورة راقية جمعت بين العصرنة من خلال الأبراج والجسور وكنوز السياحة، والبنية التحتية، والعراقة من خلال تقديم قطر والخليج العربي كقطعة من الجنة الدنيوية التي تحلم شعوب العالم العيش فيها.

في سنة 2010 عندما انتزعت قطر شرف احتضان المونديال، كان العالم الكروي الأوروبي بالخصوص رافض للجغرافيا وغير قابل اللعب بين الكثبان الرملية، ورافض قطعا تغيير زمن المونديال من الصيف حيث لُعبت كل الدورات السابقة من 1930 إلى 2018 في الصيف، حيث العطل والجو المريح في أمريكا الجنوبية وأوروبا وحتى في الولايات المتحدة الأمريكية وكوريا الجنوبية واليابان، إلى فصل الشتاء، فوجدت الدول الأوروبية خاصة التي تمتلك الدوريات الكبرى التي تضم فيها ملايير الدولارات مثل إنجلترا وإسبانيا وألمانيا وإيطاليا وفرنسا، وجدت نفسها مجبرة على توقيف هذه المنافسة، كما تمت برمجة كل المنافسات الأوروبية الكبرى على رزنامة المونديال القطري.

كل هذه التضحيات من الأوروبيين، كانت تقابلها بحار من لعاب الانتقاد لقطر قبل المناسبة إلى درجة الحلم بإلغائها أو تغيير مكانها، وخلالها، بين من يعتبر البلاد مُكممة للأفواه وترفض الروح الأخرى في الرياضة، ولكن مع مرور أيام المونديال بدأت تصمت تلك الأصوات وتعترف بأن قطر احترمت نفسها، وفرضت على الآخرين احترامها، ومن غرائب الصدف أن الذين حاولوا التشويش على قطر وصورة قطر مثل المنتخب الألماني، غادرت في أولى الطائرات العائدة إلى بلدانها، وبدلا من أن ينقلوا معهم إلى ألمانيا انتقادا لقطر، ولما أسموه بالأجواء غير الديمقراطية وغير المعترفة بالحريات، وجدوا أنفسهم محل انتقاد من الألمان أنفسهم، كما كانت الدورة طعنة للاستكبار العالمي، وخاصة للصهيونية التي استفادت مثل كل القنوات الإعلامية من امتياز التغطية، ولكنها لم تمكث كثيرا بعد أن تأكدت بأن ما حققته من تطبيع طوال الأشهر الماضية كان مجرد وهم، وتبخر في ظرف شهر من خلال رفض كل العرب ومن دون استثناء الحديث، مع الإعلاميين الإسرائليين الذين غادروا قطر وفي قلوبهم حرقة عندما عرفوا بأنهم شعب الله المنبوذ.

أغلقت كأس العالم 2022 صفحاتها مساء أمس الأحد، وعاد الجميع إلى بلدانهم وبقيت في القلوب دولة قطر، التي رفعت تحدي كان يبدو صعبا ومعقدا لأن في خيال الناس الدورات التي لعبت في القرن الحالي، من كوريا الجنوبية واليابان وألمانيا وجنوب إفريقيا والبرازيل وروسيا، أي في كل القارات، وكان يبدو صعبا مطاولة هذه البلدان المترامية في كل بقاع الدنيا، وأصبح من الصعب على الدول الثلاث القادمة التي ستحتضن المونديال وهي المكسيك وأمريكا وكندا، مشتركة في أن ترتفع إلى سقف ما حققت دولة قطر في نسختها الناجحة والأخيرة بـ 32 دولة.

لقد تبادل الجزائريون وبقية الشعوب بكثير من الدهشة والفرحة ما تحقق في مونديال قطر، بعيدا عن المستوى الفني، ومشاركة أشهر نجوم الكرة المستديرة وعلى رأسهم ميسي ورونالدو ونايمار، كما كانت الفيديوهات القادمة من الدوحة تصنع المتابعة القياسية، من حدائق عائمة لا تقل جمالا عن بندقية إيطاليا، وجسور متحدية لا تقل روعة عن جسور سان فرانسيسكو وأبراج تنطح السحاب وملاعب كانت تحف فنية ومتاحف تتحدث عن تاريخ الخليج العربي، وشعب مضياف صوّر حاتم الطائي بعد 14 قرنا من وفاته إلى واقع يسير في الأسواق، وإسلام وعربية في قمة رقيهما، وسيكون من السهل الآن على أي دولة عربية أو دول عربية مجتمعة، أن تتقدم مستقبلا بملفاتها لأجل احتضان كأس العالم بعد النجاح الخرافي الذي حققته قطر ونجحت بضربة معلم باعتراف الأوروبيين والأمريكيين قبل أهل إفريقيا وآسيا، ويمكن اعتبار ما تحقق في قطر نموذجا يقتدى به، يحقق الرقي والثقة بالنفس، التي افتقدها العرب والمسلمون مؤخرا، فما صاروا يرون الجمال سوى هناك، ولا يرون القبح سوى هنا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!