الرأي

قطعت جهيزة قول كل “خاطب”

عمار يزلي
  • 1049
  • 4
ح.م

يبدو أنه قد تم احتواء أول محاولة تفجير للجنة الحوار من طرف الجماعات الرافضة للحوار أصلا؛ فالقوى التي تزعّمت الحَراك، هي نفسها التي خُطط لها سلفا في مخابر غير المخابر الوطنية لتتزعم الحَراك، زعامة مزعومة ما كانت لتحصل في صناديق الانتخابات لفقدانها أي شعبية في الأصل.. وجدت نفسها زاعمة متزعِّمة لحركة شعبية نادرة، مطالبها كانت واضحة: رفض الخامسة ومحاسبة من نهبوا البلاد ونشروا الفساد. مطلب، صار يتلون كل يوم ليصبح مطلب “يروحو قاع”.. عنوانا استئصاليا واضحا.

الحَراك الذي خططت له قوى توفيق في الجزائر العميقة منذ 2016، والتي كانت ترفض نظام بوتفليقة المتهالك شعبيا، استثمرت في هذا التذمُّر الشعبي الشامل، وتم تحريك الشارع لمآرب خاصة بها وإن كان الشعب مستعدا لها قبل قوى الجماعات الضاغطة هذه والتي فقدت سلطتها الفعلية بداية من 2015. وتحرَّك الشارع بشكل لم يكن متوقعا من أحد إلا منهم. وبدا للمتظاهرين أنهم خرجوا عفويا ومن تلقاء أنفسهم ولم يكونوا يعرفون أن وراء هذا التحريك عصابة تستعملهم لأغراض ومشروع مشبوه. مصالح الأمن كانت على علم بمن يحرِّك من، ولأيِّ هدف: فاستثمار غضب الشعب من العصابة الحاكمة، من طرف “الأقلية الساحقة” من أحزابٍ علمانية وجمعيات مدنية وتنظيمات ونقابات… كان بهدف ركوب الموجة الشعبية التي لا تحوز عليها انتخابيا. وفعلا، ركبت موجة الشعب والحَراك وراحت هي باسم الحَراك تؤلِّه الحَراك وتخوِّف كل من ينادي بالحوار مع السلطة.

تم احتواء الحَراك بذكاءٍ وإستراتيجية نادرة بأن تم تأمينه من أي اختراق أو تفجير للوضع، الشيء الذي كان محرِّكو الشارع في البداية يراهنون عليه لكي يتدخَّل الجيش ويقمع الشعب وتتمكَّن شبكة توفيق من عزل بوتفليقة وتعيين مجلس انتقالي ومرحلة انتقالية شبيهة بما سلف في 1992، ويعود توفيق ومصالح فرنسا التي تقف وراء هذه المخططات كلها منذ التسعينيات إلى الحكم عن طريق حَراك شعبي تتزعَّمه.

هذا هو التفسير الواقعي لما حدث، وما يحدث. لهذا، فالقوى التي ترفض الحوار والانتخابات اليوم، وتزعُم أنها “تتزعَّم” الحَراك وهم قلة إيديولوجية علمانية فرنكو يسارية جهوية مصالحية، ترتبط إيديولوجيا بالمد الفرنكوفوني التاريخي في الجزائر وخارج الجزائر.. مغاربيا على الأقل، إن لم يكن إفريقيا.

مؤسسة الجيش ودوائرُه الأمنية، عرفت كيف تُحبِط المؤامرة وتعتقل زعماء الفتنة والأذرع المالية والفسدة في ظرفٍ قياسي وفعّلت الحماية القانونية والضمانات لتطبيق القانون بكل صرامة وبكل حرية وشفافية، ما أزعج الدوائر التي لا تزال تعمل على رفض كل مشروع تقوم به السلطة ومنها إجراء الانتخابات الرئاسية بطريقةٍ تختلف عما ألفته العصاباتُ السياسية وعصابات الجزائر العميقة المعادية للشعب، العاملة ضد مصالحه والناهبة لخيراته المرتبطة تاريخيا بأعدائه.

هذا هو السبب الذي يجعل من لجنة الحوار الحالية تواجه كل أشكال التخوين وتفرض عليها لتجعل من هذه القوى، بديلا عن السلطة وتحييد كل المؤسسات الرسمية. إنه أشبه بمحاولة انقلاب أبيض.. وافتكاك بالمناورة ما لم تفتكّه بالمعارضة.

انتهت اللعبة، وقطع ردُّ القايد صالح قول كل “خاطب”، شاعلٍ للعطب.

مقالات ذات صلة