-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
بعد ثلاث سنوات من تولي الرئيس تبون الحكم

قفزة تنظيمية ورقمية في قطاع التعليم العالي

إلهام بوثلجي
  • 1283
  • 0
قفزة تنظيمية ورقمية في قطاع التعليم العالي
أرشيف

أولى رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، منذ توليه سدة الحكم، ديسمبر 2019، عناية خاصة بقطاع التعليم العالي والبحث العلمي، وهو ما برز خلال ثلاث سنوات الأخيرة من قرارات وإصلاحات جوهرية بدأت ملامحها تتجسد وتتحقق في الميدان.
وإيمانا منه بأن نهوض الأمم ورقيها وتطورها لن يكون إلا بازدهار العلم والأبحاث، فقد اهتم الرئيس في برنامجه بإصلاح قطاع التعليم العالي ومعالجة الاختلالات التي شابته طيلة عشريتين من الزمن، وهو ما ورد في الالتزام رقم 41 لبرنامجه الرئاسي، الذي بدأت ملامحه تتجسد شيئا فشيئا بأرض الميدان.

إنشاء مدارس عليا في تخصصات حيوية
ونظرا إلى تداعيات جائحة كورونا على العالم والجزائر لأزيد من سنتين، فالإصلاحات الخاصة بقطاع التعليم العالي بدأت تبرز بعد التعافي من فيروس كورونا، والبداية كانت بإنشاء مدراس عليا للطلبة المتفوقين في البكالوريا، وهذا في إطار تشجيع أقطاب الامتياز في التخصصات الحيوية، حيث تم افتتاح المدرستين العليين للرياضيات والذكاء الاصطناعي خلال السنة الجامعية 2021-2022، وقد تم إنشاؤهما بموجب مرسوم رئاسي، وهو ما يعكس مدى الاهتمام الذي يوليه رئيس الجمهورية لهذا القطب التكنولوجي الذي يعول عليه كقاطرة حقيقية للتطور التكنولوجي للجزائر.
وفي سياق نفس الإصلاحات، تدعمت شبكة المدارس العليا في قطاع التعليم العالي، خلال السنة الجامعية 2022-2023 بالمدرسة الوطنية العليا للفلاحة الصحراوية بأدرار، التي تهدف إلى تكوين النخبة لترقية الفلاحة ومرافقة المستثمرين وإيجاد حلول علمية لمختلف التحديات المتعلقة بترقية الزراعة الصحراوية من خلال تثمين البحوث العلمية والابتكارات الرامية لضمان الأمن الغذائي و تعزيز استغلال الطاقات المتجددة التي تعد المنطقة قطب امتياز فيها.

إصلاح نظام الدراسات
ولأن إصلاح قطاع التعليم العالي لن يتأتى إلا بتغيير وتعديل القوانين القديمة، فقد حرص رئيس الجمهورية على إسداء تعليماته من أجل مراجعة خارطة التكوين وإصلاح نظام “أل أم دي”، بما يتماشى ومتطلبات التكوين الدولية والتغيرات الطارئة في العالم، وخاصة بعد أزمة جائحة كورونا، وهو ما تجسد بعد صدور المرسوم التنفيذي رقم 22-208، الذي دخل حيز التنفيذ مع الدخول الجامعي الجاري 2022-2023، الذي تم بموجبه إدخال نمط التعليم عن بعد كنمط تعليمي معتمد، بالإضافة إلى الحضوري، بالإضافة إلى عدة أنماط تعليمية تتماشى ومتطلبات العولمة واقتصاد المعرفة، كما تم تحديد معايير جديدة أكثر سلاسة للالتحاق بالتعليم في الأطوار الثلاثة “ليسانس، ماستر، دكتوراه”، وخاصة بالنسبة إلى الدكتوراه، التي تم تعديل نصوص الالتحاق بها لتتماشى مع التصور الجديد للتكوين المبني على تكييف مشاريع الدكتوراه مع البرامج الوطنية للبحث وفرق البحث المعتمدة، فضلا عن إعادة الاعتبار لشهادة مهندس دولة، وتمكين حاملي هذه الشهادة من دخول مسابقات الدكتوراه، دون المرور على الماستر.

نحو إصلاح شامل في التكوينات الطبية
في إطار مواصلة الإصلاحات التي أمر بها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، شهر أكتوبر 2021، لوضع تصور شامل وعملي لإصلاح التكوين في تخصص العلوم الطبية، وفقا للتغيرات الحاصلة في المنظومة الصحية العالميّة، وتنفيذا لبرنامج الإصلاح الذي انطلق منذ سنتين من خلال مراجعة برامج التكوين في كليات الطب وإعادة هندسة المقاييس والمواد في مختلف سنوات التكوين، واستحداث كلية منفصلة لتخصص الصيدلة، فقد بادرت الوزارة مؤخرا، لدراسة مشروع “مدرسة عليا لطب الغد”، التي ستسهم في تكوين الإطارات الطبية القادرة على التجاوب السريع والفعال مع التهديدات الصحية المحتملة.

الجامعة كمحرك للقطاع الاقتصادي
وحرص رئيس الجمهورية منذ توليه الحكم على تغيير النظرة النمطية إلى الجامعة، من مانحة للشهادات الأكاديمية لطلبة باحثين عن عمل، إلى جامعة منتجة وخالقة لفرص الشغل من خلال تكوين طلبة مقاولين وتمكينهم من تحويل أبحاثهم إلى مشاريع منتجة ومساهمة في الاقتصاد الوطني، وهو المشروع الذي بدأت ملامحه تبرز في الميدان مع بداية السنة الجامعية الجارية، بعدما تم التأسيس لشهادة جامعية- مؤسسة ناشئة أو ابتكار، التي سيتمكن بموجبها الطلبة في نهاية التخرج “إلى تحويل مذكراتهم إلى مؤسسات ناشئة، والحصول على دعم من صندوق دعم المؤسسات الناشئة الذي أنشأه الرئيس في إطار استراتيجيته الرامية إلى تشجيع المقاولاتية وخلق فرص عمل للانتقال بالاقتصاد الجزائري من نظام كلاسيكي ريعي إلى نموذج يعتمد على قطاعات منتجة أخرى وعلى اقتصاد المعرفة، تكون فيه المؤسسات الناشئة “القاطرة التي تقود هذا الانتقال.

إخراج الأبحاث من مراكز البحث إلى الميدان
ولم تقتصر الإصلاحات على الجامعة فقط، بل شملت مراكز البحث التي منحها الرئيس أهمية بالغة، لتعيد ترتيب أولوياتها والمشاركة في الأبحاث ذات الأولوية الوطنية، حتى تسهم في معالجة القضايا وتشخيصها وصياغة الاقتراحات المناسبة للقضاء على الإشكالات المتعددة وخاصة في محاور الأمن الغذائي والصحي والطاقوي، وفي مجال الحوكمة والرقمنة.

إعادة الاعتبار للهيئات البحثية
وبرز اهتمام رئيس الجمهورية بالبحث العلمي وإعادة الاعتبار للهيئات البحثية، من خلال تعديل القانون الخاص بمهام المجلس الوطني للبحث العلمي والتكنولوجيات، وبتنظيم الأكاديمية الجزائرية للعلوم والتكنولوجيات، لما لهما من دور في تطوير البحث العلمي الذي يعد من الأولويات، كما أنهما هيئتان علميتان مستقلتان كرسهما الدستور، حيث تم وضعهما تحت وصاية رئيس الجمهورية، إذ تعد الأكاديمية بمثابة هيئة تفكير وخبرة واستشارة في مختلف مجالات العلوم والتكنولوجيات العصرية، وهي شريك لمؤسسات الدولة والهيئات العمومية والخاصة، فيما يتكفل المجلس الوطني للبحث العلمي والتكنولوجيا برسم السياسة الوطنية للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي في العلوم والتكنولوجيا وكذا العلوم الاجتماعية ويحدد الأولويات بين البرامج الوطنية للبحث وتنسيق وتقييم تنفيذها.

إدخال الإنجليزية في التعليم بالجامعات
وتنفيذا لقرار رئيس الجمهورية الرامي إلى تعزيز اللغة الإنجليزية كلغة تعلم في الجزائر، وبعدما انطلقت وزارة التربية في تكوين التلاميذ في هذه اللغة بداية من السنة الثالثة، فقد أعادت وزارة التعليم العالي هذه السنة إحياء مشروع تعزيز اللغة الإنجليزية في الجامعات، إذ صدرت عدة قرارات في هذا المنحى، ومنها مباشرة تكوين الأساتذة والباحثين في اللغة الإنجليزية، سواء من خلال تمكينهم من التسجيل في الليسانس وحتى المراكز المكثفة للغات، حتى يسهموا في عملية التأطير استعدادا لإدخال الإنجليزية في تدريس بعض المقاييس والمقررات، وإنجاز البحوث بالإنجليزية لتعزيز مرئية الجامعات الجزائرية.

مواصلة برنامج الرقمنة
وحرصا من رئيس الجمهورية على مواكبة التطورات في المجال التكنولوجي، وخاصة الرقمنة، فقد أسدى تعليمات لمسؤولي قطاع التعليم العالي للإسراع في تعميم الرقمنة سواء في الشق البيداغوجي أم الخدماتي، وهو ما دفع بوزير التعليم العالي إلى الإعلان عن مخطط لرقمنة قطاع التعليم العالي والبحث العلمي، ويضم 7 محاور استراتيجية و16 هدفا يتضمن85 مشروعا، إذ سيتم تحقيقها في الفترة الممتدة من الفاتح نوفمبر المقبل إلى غاية ديسمبر 2024، وسيزيد من فرص وحظوظ نجاح الطلبة، بفضل الخدمات التي تتيحها لهم رقمنة القطاع التي سينجم عنها تسهيل حياة الطلبة، ما يجعلهم يتفرغون للتحصيل العلمي والمعرفي، والتوجه نحو الإبداع والابتكار.
ولم تقتصر الإنجازات والمشاريع على الشق البيداغوجي والبحثي، فالرئيس أسدى تعليمات صارمة لمراجعة وإصلاح قطاع الخدمات الاجتماعية لتحسين معيشة الطالب، إذ يرتقب أن تعاد صياغة القوانين الخاصة بقطاع الخدمات الجامعية بعد صياغة المقترحات من قبل اللجنة التي تم إنشاؤها لهذا الغرض، كما تترقب الأسرة الجامعية لاسيما الأساتذة والباحثين صدور القانون الأساسي الخاص بهم، الذي وعد الرئيس بمراجعته بعدما ظل مطلبا ملحا للأساتذة طيلة سنوات.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!