قيم العرب والأمازيغ
دعتني مشكورة جمعية الأصالة للنشر والدراسات للمشاركة في يوم دراسي أقامته بـ”دار الإمام” يوم 14 جانفي حول “القيم الروحية في الثقافة الأمازيغية” وحددت الجمعية دعوتها بإلقاء مداخلة هي إعادة قراءة في كتاب تاريخ الزواوة الذي كنت قد حققته وراجعته وعلقت عليه ونشرته عام 2005عن “دار الحضارة” لصاحبها الأديب رابح خدوسي الذي أظهر اهتماما بالكتاب وتكفلت بنفقات هذا الكتاب وزارة الثقافة مشكورة.
وبرغم وضعي الصحي الذي تعرفون فقد تمالكتُ على نفسي ولبيت الدعوة وقدمت من البويرة إلى “دار الإمام” على كرسي متحرك، وقد استقبلني أهل الدار وأهل الجمعية بما يليق بالروح الأمازيغية والعربية التي اطنب ابو يعلى الزواوي في كتابه المشار إليه في ذكر محامدهما وفضائلهما وتمسكهما بالدين والكرامة الوطنية وابتعادهما عن محاولات المستعمر وأتباعه من المثقفين المستلبين من حرْفَ وإفراغ القيم الروحية الأمازيغية والعربية الأصيلة من مضمونها، هذا ما تحاوله مجددا الجمعية المشار إليها، حيث أن نيتها كما علمت تخصيص يوم دراسي آخر عن مالك بن نبي المدافع القوي عن قيم الروح الجزائرية خلال الثورة والتاريخ الطويل لهذا الشعب الذي ربط الدفاع عن البلاد بالدفاع عن الثقافة فكانت ثورته التي نتغنى اليوم بأمجادها أهم ثورة ثقافية شهدها العرب خلال القرن العشرين؛ القرن الذي كان مالك بن نبي شاهدا عليه ولم تقف في وجه كلماته أي لغة، فقد كان يكتب بالفرنسية وكنا نقرأه من بيروت والقاهرة بالعربية ،وكنا نعتبره ونراه مفكر الثورة الجزائرية الكبير.
وبما يخصني قمت شاكرا أهل الفضل باستعراض الفضائل والقيم الروحية للزواوة كما أوردها الزواوي في اوائل القرن العشرين. ويمتاز كتاب تاريخ زواوة كما يمتاز مؤلفه الشيخ ابو يعلى الزواوي بالاهتمام البالغ من طرف الشيخ طاهر الجزائري سليل بني وغليس وليد دمشق الشام ومؤسس حركة القومية العربية ونهضتها التي أنهت حكم العثمانيين بعد ان أخذت عليها اضطهادهم القومي الطويل الأمد والعميق الأثر للعرب والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها كما كانوا عليه الجزائريون قبل الاحتلال الفرنسي، حيث لم يقاوموه، بل تركوا أمر المقاومة العسكرية والروحية لهذا الشعب الذي لم يتوقف كفاحه الروحي بعد.