الرأي

كارثة.. وماذا بعد؟

جمال لعلامي
  • 946
  • 3
أرشيف

عندما لا يحصل 63 بالمائة من تلاميذ الابتدائي والمتوسط على المعدل، فهذه فعلا وقولا وعملا، كارثة، بكل المقاييس، وبكلّ الأشكال والإشكال، وهنا فقط ينبغي على شركاء قطاع “التغبية” الاجتماع في جلسة عاجلة وطارئة واستثنائية، لأن القضية أصبحت الآن، قضية حياة أو موت.. إمّا تحيا المدرسة بإصلاحات حقيقية ومدروسة، وإمّا تموت تحت وطء ضربات لا تريد أن تنتهي، سيدفع ثمنها جيل كامل، وستسدّد الفاتورة البلاد والعباد!
هذه هي “الكوارث” التي يجب أن تلتقي حولها الوزارة الوصية والنقابات، بدل الغرق في مستنقع الانتقام وتصفية الحسابات، وتبني خطاب التهديد والوعيد والإضرابات والخصم من الأجور والطرد من العمل، كلغة واحدة ووحيدة، لا يفهمها للأسف لا هؤلاء ولا أولئك، وإلاّ لعثروا جميعهم بأحسنهم وأسوئهم، على مخارج النجدة والحلول الاختيارية والاضطرارية!
هل يعقل أن “ينجح” 37 بالمائة فقط، بحصولهم على معدلات تحفظ ماء الوجه، وبقايا شرف وكبرياء مدرسة تعرّضت لكلّ أنواع القصف والخسف والنسف، والدليل هذه النتائج المؤسفة، المبكية والمضحكة، التي تعصر قلوب الوزارة نفسها والنقابات، وقبلهم، الأساتذة، وقبلهم كلهم، الأولياء والتلاميذ الذين تحوّلوا إلى ضحايا للإصلاحات يبدو أنها فاشلة، وأضاح لرؤى متناقضة مبنية على الصراع و”الهفّ” عوض أن تكون قائمة على مناهج علمية!
أساتذة “الجيل الثاني”، هم أيضا ضحايا لمظلومة تغبوية، أنتجت معلمين عشوائيين، لا يعرفون كيف يتعاملون مع تلاميذ من جيل جديد، وكأن بعضهم قادم من زحل أو المريخ، نتيجة التغيّرات الفلكلورية التي ضربت هزاتها الارتدادية المجتمع قبل وقوع الزلزال!
مشكلة المنظومة التربوية، أن المعلّم تساوى مع التلميذ في “الحقرة” والتهميش والتمييز والمفاضلة، وللأسف حوّلتهما “الإسلاخات” القديمة والحديثة، داخل القطاع، إلى خصوم، لا يحترمون ولا يشموّن بعضهما البعض، وهذا ما يفسر عديد الانزلاقات والخروقات التي تعصف بالحرم الجامعي وتنسف نسفا العلاقات التي كانت مقدسة بين التلاميذ والمعلمين!
الإصلاحات المطلوبة حاليا، هي كيف تعود الثقة بين المتمدرسين وأساتذتهم، وتتحقق مصداقية المناهج والمنظومة برمّتها، وكيف نعود إلى التعامل مع المعلـّم على أساس أنه “كاد أن يكون رسولا”، وليس مجرّد موظف أو عامل، وقبل ذلك، لن يستوي التعليم، ما لم تستوي التربية، بفرض احترام الأستاذ والدفاع عن حرمته وكرامته وسمعته وهيبته!
هذا لا يعني بأيّ حال من الأحوال، أن الأستاذ منزّه، ولا يُخطئ، وأنه إذا أخطأ على تلامذته وكلّ المجتمع ابتلاع خطئه وعدم تنبيهه ومناقشته، لكن الظاهر أن تتفيه كلّ شيء يأتي من الفئات التي لا يجب تتفيهها، هو أساس كلّ المصائب التي تعفس الصغير قبل الكبير!

مقالات ذات صلة