الرأي

كاميرا كاشي!

جمال لعلامي
  • 7021
  • 5

صدّقوا أو لا تصدّقوا، حمس تلتقي مع الأرسيدي، وهذا الأخير يجتمع مع النهضة، للبحث عن مخارج نجدة لرئاسيات 2014، في إطار مشروع “ميثاق الإصلاح” لاختراع أو فرض أو تعيين أو تزكية “مرشح إجماع” بين أطياف الطبقة السياسية التي عليها أن تتوب بالجملة والتجزئة ونحن في شهر التوبة والغفران، حتى يُغفر لها ما تقدّم وما تأخر من ذنوب!

ما الذي تغيّر يا ترى حتى يتحالف “الإسلامويون” مع “العلمانيين” حتى يجتمعوا في العام 2013 ويشرعوا في النقاش والتحليل والتفاوض حول “مرشح مشترك” يتقدمون به أمام بقايا الناخبين في رئاسيات 2014، التي تبقى حسب توقعات واستنتاجات العرّافين السياسيين مفتوحة على كلّ الاحتمالات والسيناريوهات!

هناك تحالفات اضطرارية وأخرى اختيارية وثالثة غريبة وعجيبة، والآن قد يبدأ الفاهمون في الاقتراب رويدا رويدا نحو “حبّة الفهامة” حتى يفهموا ما يحدث من فهامة بين إسلاميين من عيار حمس والنهضة، و”ديمقراطيين” من شاكلة الأرسيدي، فهل هي الكاميرا الخفية والمخفية!

المثير للانتباه أن “التقارب” أو “التصالح” أو البحث عن المصالح بين الأرسيدي وحمس، يأتي بعد “سقوط” أبو جرّة سلطاني وصعود عبد الرزاق مقري، تزامنا مع رحيل سعيد سعدي ومجيء محسن بلعباس، فهل هذا الجديد في العلاقات بين هذه الأحزاب التي ظلت لسنوات متناقضة ومتحاربة، سببه تغيير رأسها وتنحية شيوخها وتعويضهم بجيل جديد يتبنى البراغماتية؟

المصيبة أن الطبقة السياسية شرعت في البحث عن “فارس أحلامها” لرئاسيات 2014، وذلك حقّ من حقوقها السياسية، لكن هل من حقها محاولة تضليل الرأي العام وتغليطه وفرض عليه “مرشح توافق” من المفروض أن الصندوق هو الوحيد الكفيل بانتخابه والتصويت لصالحه؟

إن ما يحدث على مستوى الطبقة السياسية، أشهرا قليلة قبل خامس رئاسيات تعددية، يحرّض في أغلب الحالات على الانتحار السياسي، فعندما يصبح مقري صديقا جميما لبلعباس، وتصبح حمس والنهضة حليفين استراتيجيين للأرسيدي، فهذا معناه أن السياسة هي بالفعل فنّ الممكن والكذب!

الأحزاب التي تعجز عن ابتكار أمين عام أو رئيس يقودها ويرعى مصالحها ومواقفها، لا تستحق بأيّ شكل من الأشكال الاحترام، والأحزاب التي تأكل الغلـّة وتسبّ الملـّة لا تستحق هي الأخرى التقدير، والأحزاب التي ترتمي في أحضان أحزاب اتهمتها بـ”الكـُفر” السياسي لا تستحق هي كذلك الولاء والطاعة!

هذه الممارسات والسقطات والمسرحيات، قتلت الثقة لدى الأغلبية المسحوقة من الناخبين، وحوّلت الفعل السياسي إلى مجرّد شطحة فلكلورية بلا متفرّجين، ولذلك تمرّ اجتماعات حمس والنهضة مع الأرسيدي مرور الكرام، وتتحوّل أزمة الأفلان والأرندي إلى طبخة مفروضة على المدعوين لحفل زفاف سياسي مُقام في ساحة عمومية بأصحاب البارود والكرابيلا!

 

نعم، من الطبيعي أن يسلك النشاط الحزبي والسياسي، طريق السكاتشات التي ترفع يافطة “همّ يضحّك وهمّ يبكي”، ولولا هذه المضحكات المبكيات، لما فقدت الواجهة مصداقيتها وصام الجميع عن الحلول والبدائل وعرض البرامج الكفيلة بإعادة الباقي المتبقي من الثقة التي “راحت في كيل الزيت!” 

مقالات ذات صلة