الرأي

كبار‮ ‬المجرمين‮ ‬أولى‮ ‬بالإعدام

رشيد ولد بوسيافة
  • 6592
  • 21

حالة الغضب التي ميّزت الشارع الجزائري، بعد العثور على جثتي الطفلين إبراهيم وهارون، لا ينبغي أن تتوقف عند هؤلاء الشباب المنحرفين الذين يقومون بالاختطاف والاغتصاب والقتل، وكأن المشكلة الأساسية تكمن عند هؤلاء فقط.

نعم الشباب المنحرف مشكلة كبيرة تهدّد المجتمع والدولة، لكن من المسؤول عن هذه الظاهرة، ومن يقف وراء هذا الانفلات في المجتمع، لدرجة أصبح الحديث عن عصابات مسلحة في الأحياء الشعبية من الأمور المألوفة.

بلغة المختصين في علم الاجتماع، فإن ظاهرة الإجرام تكون نتيجة منطقية لغياب العدالة الاجتماعية وشيوع الفساد والمحسوبية والجهوية، وغيرها من الآفات التي لا يمكن لأحد أن يدّعي عدم وجودها في الجزائر وعدم انتشارها في مؤسسات الدولة كلها.

كل مجرم يحمل سكينا ويتجول في الشوارع، هو نتاج لإجرام آخر يرتكب يوميا من قبل المسؤولين في الإدارات والمؤسسات الاقتصادية، وهذا الاجرام هو أخطر من الجرائم التي ارتكبت في حق الأطفال الأبرياء في قسنطينة والعاصمة وسطيف وكل الولايات، لأن هذا الاجرام هو المسؤول عن‮ ‬خلق‮ ‬جيل‮ ‬كامل‮ ‬من‮ ‬الشباب‮ ‬المنحرف،‮ ‬الذي‮ ‬يرتكب‮ ‬كل‮ ‬أنواع‮ ‬الجرائم‮ ‬من‮ ‬سرقة‮ ‬واعتداء‮ ‬واغتصاب‮ ‬واختطاف‮ ‬وترويع‮ ‬للآمنين‮.‬

نعم لقد ثار الجميع ضد الشابين المنحرفين الذين قتلا هارون وإبراهيم، وطالبوا بإعدامهما في ساحة عمومية، بينما لا أحد طالب بإعدام المسؤوين عن “صنع” هذين المجرمين وغيرهما من المنحرفين الذين تعجّ بهم الشوارع ومحطات النقل وأقبية العمارات والبنايات المهجورة.

لماذا لم يطالبوا بإعدام المسؤولين الكبار الذين تورطوا في نهب الملايير من سوناطراك، وغيرها من الشركات الوطنية، وتسببوا رفقة غيرهم من الفاسدين في تجويع الشعب الجزائري وتجهيله وتحويل الآلاف من أبنائه إلى منحرفين ومجرمين؟

لست أدافع عن السّفاحين المتورطين في القتل والاغتصاب، بل أضم صوتي إلى المطالبين بإعدامهم، لكن قبل ذلك يجب التفكير في معاقبة أولئك الذين خرّبوا بلدا يزخر بالخيرات كالجزائر، وحولوا أبناءه إما إلى شحاتين في طوابير طويلة أمام مكاتب توزيع منح التضامن، أو فقراء مساكين‮ ‬يستهلكون‮ ‬الأجور‮ ‬الزهيدة‮ ‬في‮ ‬الخبز‮ ‬والحليب،‮ ‬أو‮ ‬إلى‮ ‬منحرفين‮ ‬ينشرون‮ ‬الرعب‮ ‬في‮ ‬أوساط‮ ‬المجتمع‮.‬

هو الوجه الحقيقي لمأساة الجزائريين الذي ابتلوا بنوع من المسؤولين الفاسدين، الذين نهبوا خيرات البلاد وحوّلوا بلد المليون شهيد إلى مسخرة أمام الإعلام العالمي، الذي لا يذكر اسم الجزائر هذه الأيام إلى رديفا لفضائح الفساد.

مقالات ذات صلة