-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
قال إن كتابة التاريخ دراميا مسؤولية فتحي كافي:

كتاب الدراما فشلوا في مواكبة نجاح الروائيين والإنتاجات الأجنبية خطر على المشاهد الجزائري

حاوره: محمود بن شعبان
  • 266
  • 0
كتاب الدراما فشلوا في مواكبة نجاح الروائيين والإنتاجات الأجنبية خطر على المشاهد الجزائري
أرشيف
الأكاديمي فتحي كافي

شدد الأكاديمي فتحي كافي، خلال حواره مع “الشروق”، على ضرورة الانتصار للثقافة الجزائرية في الكتابة الدرامية والاستثمار في التكوين لصناعة كتاب دراميين في نفس مستوى الروائيين الجزائريين. كما أكد على ضرورة توخي الحذر في الكتابة الدرامية المتعلقة بالتاريخ الجزائري لتقريبه إلى الواقع.

بصفتك مختصا في المجال، كيف يمكن تقديم مصطلح “الكتابة الدرامية” للقارئ؟
الكتابة الدرامية، في نظري، هي تحويل الكلمة إلى الفعل في المسرح، وإلى الصورة في السينما، خاصة وأن الصورة هي من تملك زمام الأمور في الفن السابع، بالخصوص في البيئة الصحراوية المليئة بالحكايا والمرتكزة على الشاعرية والعادات والتقاليد والحميمية في إطارها المعيشي الملهم، بالمقارنة مع مجتمعات الشمال التي طغت عليها الحداثة والآلة، ولأن السرد يملأ المخيال، فإن هذا الأخير يساهم بشكل كبير في صناعة الصورة بالكتابة والإخراج.

حدثنا عن تجربتك في تكوين شباب تندوف
المعروف، أن ولاية تندوف تملك تقاليد مسرحية منذ القديم، حيث عرفت بفنانيها وجمعياتها الناشطة في عالم الفن الرابع، وبتنظيم بانوراما سينما الساحل والصحراء في هذه الولاية، فإن شبابها سيعيشون تجربة أخرى، تجعلهم يدخلون عالم الصورة بكل تفاصيلها الفنية والتقنية، بدءا من الكتابة والمعالجة الدرامية للأفلام والتصوير والتركيب والإخراج، الذي من شأنه توسيع مجال الإبداع لديهم وإثبات إصرارهم على إبراز مواهبهم من جهة، وإيصال صوت نضال الشعب الصحراوي الذي نقاسمه قضيته من جهة أخرى.. ولهذا، أردنا من خلال الورشات التكوينية للسينما المبرمجة ضمن فعاليات بانوراما سينما الساحل والصحراء، تقديم أدوات التحكم في الصناعة السينمائية للتفتح أكثر على البعد السينمائي الإفريقي، الذي تعرض نوعا ما للإهمال. وبالتالي، فإن تكوين شباب الجنوب سينمائيا سيسمح بتثمين البعد الإفريقي إبداعيا.

ما هي العناصر الأساسية التي ركزتم عليها خلال التكوين؟
أولا، علينا أن نسمي الأشياء بمسمياتها، فأنا أشرفت على ورشة خاصة بالمعالجة الدرامية للأفلام. وهذا جانب سبق كتابة السيناريو، لكونه ولد مع المسرح. لذا، أردت أن أحسس المتربصين بالجانب الدرامي والتمييز بين عناصره التي من شأنها تلقينه طريقة كتابة السيناريو، استنادا إلى عناصر أخرى، كالكاميرا واللقطات وغيرها، وهذا خيار شخصي مني بالنظر إلى قناعتي بأولوية العناصر التي أظل وفيا لها على غرار الحوار، الشخصيات الصراع والهدف، بالإضافة إلى الحديث عن الدراما كمفهوم ومحاولة غرسه في المتلقي عبر أمثلة نموذجية، عملا بمقولة: “الدراما تهتم بالقطار الذي لا يأتي في الموعد”.. فبهذه الأقوال، يترسخ مفهوم الدراما عند المتربصين أكثر مع قراءة السيناريوهات ومشاهدة الأفلام المتنوعة، أفضل من تغريق الطالب في الجانب النظري الذي قد يجعله ينفر من عالم الكتابة والمعالجة الدرامية.

استنادا إلى خبرتك في المجال، إلى أي مدى يمكن أن تساهم البيئة في التوجه الدرامي للكاتب؟
أكيد، يقال إن الإنسان ابن بيئته. وبالتالي، فإن هذه الأخيرة تشكل في الأساس نقطة استلهام، ليس فقط للكاتب وإنما للمبدع بشكل عام، سواء من ناحية المواضيع التي يهتم بها أم طريقة معالجتها، وحتى التقاليد الاجتماعية التي يحاول تجسيدها. فزاوية المعالجة لدى ساكنة تندوف تميل أكثر نحو الأدب والشاعرية، لتميز سكانها بنزعة التأمل التي تعد تمرينا رائعا للكاتب، كما أن الأسرة والقيم الاجتماعية لدى سكان البيئة الصحراوية تختلف عن مثيلتها في قسنطينة أو تيزي وزو أو وهران، أو لدى الفنان المغترب المتشبع بثقافة أجنبية.. وهذا أمر طبيعي، بالنظر إلى محيط المبدع الذي يؤثر على محتوى أو حتى طريقة كتابته.

هل تفقد الرواية قوتها خلال مسارها باتجاه الشاشة؟
أولا، علينا التركيز على أن عملية تجسيد الرواية في شكل أعمال سينمائية أو مسرحية، تعد عملية صحية بامتياز وجب تثمينها، وأنا شخصيا اشتغلت على هذا التوجه في العديد من الأعمال، على غرار رواية مالك حداد في مسرحية أرمونيكا ومونودرام عزيز طارازان، من أقصوصة لعزيز نسيم، بالإضافة إلى محاولة أخرى “رقصة الهاوية”، لعبد الحميد بن هدوقة، مع الكاتب عبد الرزاق بوكبة، لكن المجازفة في الأمر، تكمن في فرضية الوقوع في السردية الطاغية على الفعل، ولذلك، يجب على الكاتب الذي يريد الخوض في تجربة التنقل من الرواية إلى الكتابة الدرامية، أن يتشبع بالثقافة الدرامية بشكل كاف، وأن يكون متمكنا من أدواتها بشكل صحيح، حتى يضمن التنقل السلس بين أحداث الرواية، ويكون وفيا لقوتها في السينما أو المسرح، مثلما حدث في رواية “ريح الجنوب” التي كتبها عبد الحميد بن هدوقة في 1970 وحافظ المخرج محمد سليم رياض على قوتها عندما جسدها في فيلم “ريح الجنوب” عام 1975، بالإضافة إلى مسلسل “الحريق” لمصطفى بديع والمقتبس عن رواية محمد الديب حيث تم من خلاله الانتقال من الرواية نحو التلفزيون بشكل سلس ووفي، ما وسع من نجاحها الجماهيري بعد أن كان مقتصرا على النخبة، أضف إلى ذلك، مساهمة نجاح الأفلام والمسلسلات المقتبسة من الرواية في التحفيز على القراءة كفعل راق ومؤسس للثقافة الجزائرية، وتضميد الشرخ الذي سببته الأعمال المقتبسة من الأعمال الأجنبية، والابتعاد عن تشتيت الإنتاجات الأجنبية، التي أصبحت تشكل خطرا على مخيلة المشاهد الجزائري وهويته الإبداعية المعرضة للطمس.

كيف هي حال الكتابة الدرامية الجزائرية حاليا؟
رغم الجهود الكبيرة في المجال، إلا أن الكتابة الدرامية في الجزائر مازالت تعاني بسبب عدم الاستثمار في صناعة الكتاب للدراما، وتحقيق النجاح الذي سجله الروائيون والأدباء الجزائريون، كواسيني لعرج وامين الزاوي وياسمينة خضرا، الذي جسد له عمل في هوليوود بعنوان “سنوات كابل”، وبالتالي، وجب فعلا إعادة النظر في استغلال رصيدنا الأدبي وأسمائنا الأدبية في أعمالنا الدرامية والسينمائية، لبلوغ نفس نجاح رواياتنا عربيا ودوليا.

لم لم تحظ الكتابة بنصيبها الأكاديمي في التكوين مثلما هي الحال في المسرح والسينما؟
للأسف، أدركنا بشكل متأخر أن تراجع نوعية الأعمال التلفزيونية والسينمائية راجع لغياب كتاب دراميين وسيناريوهات مدروسة، وهذا أمر كفيل بإعادة النظر في هذا الشق وإعطائه حيزا لائقا به من خلال دراسات وتكوين أكاديمي في المجال. والحمد لله، هناك جهود من طرف الدولة الجزائرية في هذا الجانب مؤخرا، كفتح تخصص ماستر في الكتابة الدرامية على مستوى المعهد العالي لمهن فنون العرض والسمعي البصري، بالإضافة إلى مختلف الورشات التكوينية التي تقام هنا وهناك، لصالح المهتمين بالكتابة الدرامية عبر مختلف ولايات الوطن، التي نتمنى أن تأتي بثمارها قريبا.

بروز العديد من الأعمال السينمائية التاريخية في الجزائر يقودنا إلى البحث عن ركائز الكتابة فيها، ما تعليقك؟
الكتابة عن التاريخ مسؤولية كبيرة وعملية معقدة، لكونها تحتوي على أحداث وأشخاص من الماضي ليست لديهم القدرة على تأكيد أو نفي ما ورد في العمل أو الدفاع عن زاوية المعالجة التي يطرحها الكاتب والمخرج.. لذا، يجب تجنب إطلاق الأحكام فيها والحذر في تناول الأحداث،كما يجب الأخذ بعين الاعتبار الشهادات الحية والمتعددة للأشخاص وتدوينها، التي من شأنها تقريب التاريخ إلى الحقيقة، وتجنب الجدل الذي قد تسببه تلك الأعمال في شقه المتعلق بمدى مصداقية ما ورد فيها.

نصيحتك إلى الجيل الجديد من الكتاب..
نصيحتي الوحيدة إليهم، هي الانتصار للثقافة الجزائرية من خلال الكتابة، في ظل انبهارنا بالثقافات الدخيلة، خاصة أن الجزائر تملك من التراث والتقاليد والروايات ما يجعلها مصدرا للإلهام والإبداع في مختلف المواضيع الثقافية والاجتماعية السياسية والرياضية والتاريخية التي تجعله متشبعا بالإبداع الدرامي.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!