جواهر

كرهك أم ضمن وجودك؟

نادية شريف
  • 7665
  • 18
ح.م

بعد فترة من احتكاك الرجل بالمرأة قد يحدث ودون سابق إنذار أو أسباب واضحة أن يهملها ويتجاهلها، فإن تعارفا قبل الزواج مثلا وكانت بينهما علاقة عاطفية فمن المرجح أن تبدأ في الأفول شيئا فشيئا إلى أن ينصرف عنها إلى غيرها أو يتقدم لخطبتها وهو لاه عنها، وإن تعارفا في فترة الخطوبة فقط، فمن حسن حظها أنها ستحظى بأشهر من الغزل والدلال قبل أن تحال إلى الهامش!!!

هذا حال الكثيرات في زماننا الذي جفت فيه الضمائر وبردت المشاعر، ولقد أخبرتني إحدى الفتيات أنها مخطوبة وأنها تعرفت على خطيبها ونسجت معه خيوط علاقة غرامية كانت تظنها أبدية ولكن ما لبثت أن سكنتها الخيبة، حيث أنها تقضي جل لياليها في البكاء سرا، أما نهارها فيطبعه الشرود نظرا لإهمال فارس أحلامها لها بمجرد أن تقدم لها رسميا وألبسها الخاتم!

ما قالته الفتاة العشرينية التي تتمتع بقدر كبير من الثقافة والجمال حرك بداخلي ألف سؤال، إذ كيف يمكن لها أن تقضي فترة الخطبة التي من المفروض أن تكون أجمل مراحل العمر في حزن وتذمر؟ كيف لها أن تبكي وتنوح وتُهمَل وقد أوتيت من الحسن ورجاحة العقل ما يلوي عنق أي رجل؟ ثم هذا حال المخطوبة فكيف هو حال المتزوجة التي قطعت أشواطا وأشواطا؟؟؟

دفعني الفضول لسؤال عدد من المتزوجات ولقد ذهلت لسماع شكاويهن من أزواجهن المهملين.. زوجات كنت أظنهن سعيدات للغاية وراضيات بقدرهن، ويا لخيبتي حين اكتشفت تعاستهن، إذ وبمجرد أن فتحت الموضوع معهن بدأن في التحسّر على شبابهن الذي ضاع وعواطفهن التي لم تشبع، حتى أني وجدت من بينهن من تقول “يا ليت الشباب يعود يوما” وهي في عزّ شبابها!!

أجل نساء كثيرات يعانين من الألم ويتخبطن في الفراغ ويكبتن أحزانهن التي تترجمها العصبية حينا والدمع أحيانا.. هن نساء لسن عازبات كما نتوقع أو أرامل كما نسمع، وإنما متزوجات ولهن شريك حياة ولكن للأسف يعشن الوحدة بكل فصولها.. يعشن في انتظار نظرة مشفقة أو لمسة حانية أو كلمة ترفع المعنويات ولكن هيهات وهيهات!!!

هذا الإهمال الكبير الذي تحسه المرأة من قبل شريك حياتها، تقضي تقريبا جل وقتها في محاولة فهمه، إذ من غير المعقول بالنسبة لها أن يتحول الحب الكبير إلى جفاء، والاهتمام إلى لامبالاة والمشاعر الجارفة والكلمات المعسولة إلى صمت مطبق، ولكن تلك هي الحقيقة المرة وذاك هو الواقع الأليم الذي يحتاج لتحليل وتسوية..

ولأني اعتدت البحث في الأسباب فلقد خلصت بعد طول تفكير وتنقيب إلى سرّ الرجل الذي يخفيه، فهو حين يكره المرأة يتجاهلها، وحين يضمن وجودها يهملها، وحين تدخل حياته أخرى يتنكر لها، أما حين يكون مدمنا على العمل أو على مواقع التواصل، أو خاشعا في متابعة الأخبار والأفلام أو لٌعب الهاتف المحمول فتلكم هي القنبلة الموقوتة التي تخرب عشه الزوجي من حيث لا يدري!!!

مقالات ذات صلة