الشروق العربي
لسانيات ماكالاه وهيلولة وشني

كلمات حرفها اليهود يتداولها الجزائريون

فاروق كداش
  • 12356
  • 18
ح.م

بمجرد أن تطأ أقدام اليهود أرضا إلا وحاولوا تدنيس تراثها وتحريف موروثها، وفي رحلة تيههم في المعمورة هاجروا إلى الجزائر فذابوا في المجتمع وتعلموا لغته ووراحوا كعادتهم يعيثون فسادا فيها… الشروق العربي تفتح أرشيف التاريخ، بحثا عن مدنسات لسانية يهودية خلال تواجدهم في الجزائر المحروسة.

كان اليهود خلال الفترة العثمانية والاحتلال الفرنسي يتكلمون لهجة مدجنة هجينة بين العبرية واللهجة الجزائرية، وبعد مرسوم كريميو سنة 1870 الذي جنس أكثر من خمسة وثلاثين ألفا من يهود الجزائر قل استعمال هذه اللهجة واختفت تدريجيا لتترك المكان للغة الفرنسية.

وخلال البحث، نجد أن هناك الكثير من الكلمات التي دخلت في القاموس الجزائري، التي أصلها يهودي محض، مثل كلمة هيلولة، التي تعني الضجة والصخب، وتقال أيضا في المرء الذي يبالغ كثيرا “داير هيلولة”، ومعانيها كثيرة في لهجتنا، ولكن أصلها يهودي. والهيلولة عند اليهود هو عيد يمجد ذكرى “تساديكيم”، وهم أحبار وحكماء اليهود.. ويمارس “ليهود” طقوسا احتفالية، خاصة خلال هذه المناسبة المقدسة، ويقرؤون أسفار التوراة على قبور أجدادهم…

وهناك عبارات كثيرة حرفها اليهود، ولكنها بقيت متداولة بين الجزائريين، مثل ماكالاه، أي لا داعي. وهي في الأصل تحريف لجملة “لا مكان للإله”.. وهي جملة كان يرددها اليهود في معاملاتهم مع المسلمين في الجزائر المحروسة، وغيرها من المدن، مثل قسنطينة وتلمسان والتيطري، أي لا دخل للدين في المعاملات التجارية. وهناك جمل لها دلالات دينية وتعد إساءة إلى تعاليم الإسلام، روج لها اليهود فأصبحت تقال دون أن ندري معناها المسيء، مثل “عيشة راجل”، نسبة إلى السيدة عائشة- رضي الله عنها- وكذلك “عيشة وباندو”، وهي أيضا نسبة إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- وأم المؤمنين عائشة. ورغم أن هناك مصادر تؤكد أن هذين اللفظين قد يكون أصلهما شيعيا، في عهد الدولة الفاطمية في المغرب العربي، بزعامة عبيد الله المهدي، الذي كان من أشد الغلاة على الصحابة، وخاصة السيدة عائشة- رضي الله عنها- وروج اليهود لهذه الإساءات في ما بعد وخلدوها وأضافوا عليها إساءات أخرى، مثل: عيشة أصبحت هايشة وعيشة البواسة. وفي الغرب كان يقال قديما التالية عيشة أي الأخيرة … وحرف اليهود اسم النبي يونس، وهو جوناس في التوراة والإنجيل، وأصبح مرادفا لكل شخص مشؤوم.. أما كلمة تشيتشوان التي تعني الأطفال، فهي كلمة عبرية بحتة وتفيد نفس المعنى. ويقال إن الدلاع في العبرية هو اليقطين أي القرع أو الكابوية.

ومن الكلمات التي يمكن أن تكون مجرد مصادفة، لأنه ليس لها نفس المعنى، وهي شني، التي تفيد التعجب والسؤال. أما في العبرية، فهي بمعنى يوم الإثنين. وهناك مناطق لا تزال تتداول كلمة بكبوك، وتعني بالعبرية القارورة. أما القادوم، وهي الفأس، فهي بالعبرية تقال قردوم وهي أداة الحفر.

ويعبر الجزائريون عن الذي يتظاهر بالورع والإيمان، بأن لحيته لحية “الربي”، الذي يعني الرابين أو الكاهن.

ونجد في اللغة العبرية كلمات عديدة تنطق كالعربية، مثل أذن وعين وكهف وبني آدم.. والملفت أن كلمة أبي تنطق بالعبرية أبا بالتشديد مثل بعض اللهجات المحلية في الجزائر. وكذلك كلمة أمي تنطق أما وأيما.

اندمج اليهود في الجزائر إلى درجة أنهم اتخذوا أسماء جزائرية وحرفوها بعض الشيء، مثل عَيّوش، مخلوف، يشيش، خليفة، خَلْفُون، سعْدون، لَعْزِيز، لَحْبِيب، سَلاّم… أما بالنسبة إلى النساء: قمرة، مالْحَة، عزيزة، مسعودة.. كما اتُّخِذت أسماء استثنائية بهدف إبعاد العين والأرواح الشريرة والجنون، كما كان يُعتَقَد آنذاك، مثل: خْمَيَّس، حْوِيتُو (من الحوت)، وأيضا وْصَيَّف، وياقوتة، وعْلِيلَش.

مقالات ذات صلة