الرأي

كلمة حق.. لكن في الوقت بدل الضائع

في الوقت الذي حققت إسرائيل أهدافها الدموية من عدوانها على غزة، من حيث ترهيب الناس ولعب دور “فتوة” البلد الذي يمارس “بلطجته” في الوقت الذي يشاء والمكان الذي يشاء، من دون أن يتدخل أي كان ولو بنهره، في هذا الوقت صار تواجد علماء في الوطن الإسلامي مثل عدمه، وصارت مختلف الصحف والفضائيات العربية بين الحين والآخر تجد نفسها مضطرة أو ربما لأسباب إعلامية فقط، لأجل أن تكتب عن خروج هذا العالم أو ذاك، عن صمته للإدلاء بتصريح عن قضية مصيرية ومحنة عاشتها الأمة ولكن بعد أن قضى العدو منها وطره.

وحتى بعض التصريحات الاستفزازية، لم تحرّك الصامتين من الذين حسبناهم وربما حسبوا أنفسهم من العلماء، كما حدث مع بعض المحسوبين على السلفية في الجزائر، حيث تساءل الناس، بأعلى أصواتهم عن سبب تأخرهم، وربما اختفائهم في الدلو بدلوهم، في قضية فلسطين، وما تعرضت له غزة من تدمير والقدس الشريف من تزوير، رفضوا الحديث، وكأن الأمر لا يعنيهم كما أهمّهم دائما الجهاد في أفغانستان من أجل تحرير بلاد جمال الدين، من بطش الشيوعيين، وكما فعلوا في فتواهم على قتل معمر القذافي، وكما أهمّهم الجهاد في سوريا ضد “النازيين البعثيين العلويين”، ومازالوا يُنظرون إلى ذلك برغم اختلاط المقاومة الحقيقية بالبهارات الأمريكية والإسرائيلية، والفلافل الداعشية.

وعندما ينتظر عالما من علماء الأمة قرابة الشهر من تقتيل الأبناء والنساء وتخريب المساجد ليقول كلمة “الحق” المكتومة، فإن الأمة تكون بالتأكيد قد بلغت مرحلة من الخطورة التي تنبئ فعلا بالنهاية.

لقد شهد التاريخ في فجر البعثة المحمدية أن أول غزوة قادها الرسول  صلى الله عليه وسلم على تخوم آبار بدر، شارك فيها زهاء الثلاثمائة مسلم من المهاجرين والأنصار، ولم يتخلف عن الغزوة إلا ثلاثة رجال بأعذار بين المرض وحراسة متاع المسلمين، وشهد التاريخ بأن المسلمين جميعا هبّوا إلى فتح بلاد الروم في اليرموك التي مكنت من فتح بلاد الشام وفلسطين بالخصوص، حتى قيل بأن الأمير الراشد عمر بن الخطاب ووزيريه علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان، بقوا لوحدهم في المدينة المنورة. ويجمع الآن الصهاينة قواهم العسكرية والسياسية لأجل قهر نساء وأبناء المسلمين في قطاع غزة، ولا يكتفي العلماء بالغياب عن فعل الجهاد ولا عن قول كلمة الحق أمام سلاطين الجور، ولا عن أضعف الإيمان، بل إن بعضهم اختار الصف الآخر.

 

ونعود لنؤكد بأن الذين قالوا من دون أن يكون هذا القول تنزيلا أو من الكلام الشريف، بأن لحوم العلماء مسمومة، هم الذين فتحوا الباب لكل من تعلم آيات واشترى بها ثمنا قليلا، على أن يسمي نفسه عالما ليقود الأمة من النور إلى الظلمات تحت مظلة عصمة ما يسمى بلحم العلماء المسموم، الذي يصيب كل من تناوله باللعنة.

مقالات ذات صلة