-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

كلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيته

خير الدين هني
  • 259
  • 0
كلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيته

اهتمّ النبي -صلى الله عليه وسلم- طوال مدة التبليغ بالحث على الالتزام بالأخلاق الفاضلة والتربية الحسنة، لأن المسلم لا يكون مسلما ملتزما وقورا مبجلا محترما، إلا بأخلاقه وفضائله واستقامته ونبله وكرمه، من أجل ذلك عمل -صلى الله عليه وسلم- على تعميم هذه الأخلاق الرفيعة بين أصحابه، فقد كان -صلى الله عليه وسلم- يحث أهله وأصحابه، على تنشئة أبنائهم على حب الإيمان بالله ورسوله، وعلى التحلي بالفضائل والمكارم والمحامد وحسن الاستقامة، لأنها من جواهر الدين وغاياته البعيدة، وكان يبيّن لهم أن تربية الأبناء وتهذيب سلوكهم مسؤولية كبرى تقع على عاتق الوالدين، وقد وسّع مفهوم هذه المسؤولية لتشمل الجميع، كل في مكانه وموقعه ورتبته ومنزلته.

عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِه”، والمراد أن كل مسؤول حافظ لرعيته ومؤتمن عليها، ما داموا تحت رعايته ومسؤوليته وتنشئته، وفق التعاليم الدينية والأخلاقية والقانونية والأعراف الاجتماعية، وقد قدّم النبي -صلى الله عليه وسلم- شرحا مفصلا في هذا الحديث الشهير، لِمَا يجب أن يقوم به كل مسؤول أٌوكِلت إليه مهمة تربية من هم تحت سلطته وقيادته ورعايته.

سواء كانت هذه السلطة سلطة دينية أو قانونية أو أخلاقية، ومن قصّر أو تهاون أو تقاعس في هذه الرعاية والحفظ والتنشئة الصالحة، أخلّ بمسؤولياته وتخلى عن واجباته نحو من هم تحت رعايته ومسؤولياته، ويترتب عن هذا التقصير تبعات ومسؤوليات يتحمّلها المُقصِّر في الدنيا والآخرة، لأن تنشئة الأجيال ورقابتهم ومحاسبتهم والحفاظ على سلامتهم ومصالحهم، واجب شرعي وقانوني، تقع تبعاتهما على كل من أوكلت إليه مهمة التربية والتنشئة والتهذيب والتوجيه والمراقبة والمحاسبة والتعزير عند الاقتضاء.

وحتى المسؤولون السياسيون والإداريون، ممن يملكون سلطة الدولة وشرعيتها ومشروعيتها، هم مسؤولون على المجتمع بكل طبقاته وفئاته، وعلى المتهاونين منهم بخاصة ممن كُلِّفوا بتطبيق القوانين والتشريعات على المخالفين والمشاكسين والفوضويين والمشاغبين ومن ساءت أخلاقهم، ممن يعتدون على ممتلكات الناس، أو يتفحشون أمامهم في الأماكن العامة، أو من الذين يخونون أماناتهم ويقصِّرون في أعمالهم وواجباتهم، أو يتهاونون ويتكاسلون ويتقاعسون، ولا يبدون أي جدية أو اهتمام  بأعمالهم، بما يحقق النجاعة والمردودية في الآجال المحددة، وبالجودة والإتقان المنصوص عليهما في دفتر معايير الوجاهة المتفق عليها في عقود العمل أو الصفقات، فالمسؤولية حسب الحديث النبوي الشريف أمانة تقع على عاتق الجميع مهما اختلفت مسؤولياتهم، ولا يُعفى منها أحد مهما بلغت رتبته ومنزلته.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!