الرأي

كل عام وأنتم بخير

باري لوين
  • 469
  • 4

سعدتُ بالاحتفال مع عائلتي بعيد الميلاد المجيد للمرة الأولى بإقامتي بالجزائر، وهو مبنى شُيِّد في أواخر القرن التاسع، حيث أقيم فيها ما لا يقل عن 150 عيد ميلاد حتى الآن!
إن مشاهدة خطاب جلالة الملكة إليزابيث بمناسبة عيد الميلاد على التليفزيون يعدّ تقليدا في عائلتي نقوم به كل سنة. وقد ألقت أول خطاب لها بهذه المناسبة سنة 1957 وكان يبث على الراديو، أما اليوم فقد أصبح البريطانيون يستمعون لخطاب الملكة على اليوتيوب وعلى التليفزيون.
في خطابها لهذه السنة، قالت الملكة إن التقدم في العمر، عند بعض الثقافات، يُكسب المرء حكمة. وأضافت قائلة إنه على الرغم من وجود اختلافات كبيرة بين البشر، من الضروري أن نتعامل مع بعضنا بكل احترام وإنسانية من أجل تعزيز التفاهم والتقارب في وجهات النظر. وهي رسالة مهمَّة تشجعنا على تقبل الآخر، وهذا عكس ما نراه اليوم من اختلافات سياسية ومشاكل داخل المجتمع الواحد في العديد من البلدان.
لا تعدُّ المشاكل والأزمات التي نعيشها اليوم ظاهرة جديدة، فأثناء عطلة نهاية السنة قرأتُ كتابا عن العهد الفيكتوري في المملكة المتحدة الذي يمتدُّ بين نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. وما لاحظته خلال هذه القراءة وجود شبه بين تلك الفترة وبين زمننا اليوم من حيث التطور التكنولوجي الهائل والتحول الاجتماعي الكبير وتزايد دور المرأة في المجتمع وارتفاع الوعي السياسي وتنامي الشعور بالهوية الوطنية. كل ذلك أدى في بريطانيا إلى ظهور نزاعات ومدّ وجذب سياسي بين كل من مجلس العموم واللوردات حول دور كل منهما، وبين حزب العمال ضد الرأسماليين، وحق المرأة في التصويت، والعلاقة مع إيرلندا، ما أدى إلى اندلاع اضطرابات في قطاع الصناعة وتذبذب الاقتصاد وظهور تغيرات اجتماعية وسياسية.
تبين هذه الحقبة من الزمن دور التواصل في فض النزاعات وأهمية تقوية المؤسسات وسلطة القانون والدستور والاعتدال وخيار التسوية والتوافق في حل الأزمات.
وفي سياق متصل، تحضرني مقولة لونستون تشرشل: “إن الديمقراطية هي أسوأ أشكال الحكم، باستثناء كل الأشكال الأخرى التي جربت من وقت لآخر”، فالمبدأ الأساسي في الديمقراطية هو التوافق والاحترام المتبادل.
وفي الخطاب ذاته، تطرقت الملكة أيضا للكومنولث، وهي منظمة تمثل ثلث سكان العالم، إذ قالت إن الكومنولث تعزز أواصر المودة، وتشجع على الرغبة المشتركة في التعايش في عالم أكثر أمنا وسلاما. وأظن أننا نشاطر كلنا هذا الأمل في بداية السنة الجديدة.
سنة سعيدة للجميع!

مقالات ذات صلة