الرأي

كمشة نحل ولا شواري ذبّان!

جمال لعلامي
  • 4343
  • 4

سألت بكل براءة أحد المواطنين في الشارع عندما صادفته يتفحص ويفحص الملصقات الاشهارية للمترشحين، عن رأيه في هؤلاء، فردّ عليّ بنرفزة وسرعة وبكلّ عفوية وعنفوانية: “ياو كمشة نحل ولا شواري ذبان”، قبل أن يصعّد: “إذا ربحو يبرح خاين السوق”(..)..التزمت الصمت وغادرت المكان في صمت، دون أن أزيد معه كلمة، خوفا من تصعيد لا يُحمد عقباه، فأصبح على سؤالي نادم، ويصبح هو على مرض السكّري أو الضغط الدموي والعياذ بالله!

تـُرى: هل هذه الإجابة هي فردية ومعزولة؟، هل هي محصورة أم منتشرة؟، هل تلقائية أم لحسابات معينة؟، هل هي نتاج واقع مرّ، أم هي انتقام وتصفية حسابات؟، هل هي تصريح شعبي أم موقف سياسي؟، هل هي حقيقة أم سراب؟، من يتحمل مسؤولية هذا اليأس والقنوط الانتخابي؟، ما الذي يجعل ذلك المواطن حاقد وغاضب على المترشحين؟.

ألا يوجد وسط 42 حزبا وبين آلاف المترشحين والقوائم الحرة، من ينفع ويصلح ويُصلح؟، هل كلّ هؤلاء يضرّون ولا ينفعون؟، ألا يُمكن -لبعضهم على الأقل- أن يقدّموا خدمات جليلة للبلاد والعباد؟، ألا يُمكن لبعضهم أن يمثل الزوالية في البرلمان؟، هل يُعقل أن آلاف المترشحين من الجزائريين لا يصلحون؟، من الذي قتل الثقة ودفن مصداقية الآلاف، وبينهم المتعلم والأمّي وصاحب الخبرة والمتحصل على الشهادة والإطار والوزير والموظف والأستاذ والصحفي والمهندس والإمام والمحامي ورجل الأعمال؟

مصيبتنا في البرلمان والمجالس المحلية تحديدا، كبيرة، فالمسؤولية تبقى عميقة ومشتركة، ووليدة عدّة سنوات، فمثلما يتحمل المنتخب والمير والنائب والوزير والحزب، مسؤولية هذا النفور واللاّ اهتمام وعدم الاكتراث، فإنه من الضروري ان نعترف، ونقول بأن الناخبين أو على الأقل جزءا منهم، يتحمل نصيبا من المسؤولية!

إن منطق الكرسي الشاغر والغياب، حتى وإن كان مبرّرا وله أسبابه المقنعة والموضوعية، فإنه يبقى “الضرس المسوّس” الذي سينغـّص حياة صاحبها سواء في نومه أو يقظته، فقد أثبتت التجارب الانتخابية السابقة، أن فاشلين ومنبوذين وعاجزين ومحترفي “الهفّ”، فازوا في الانتخابات، ليس بعدد الأصوات المشاركة، ولكن بسبب عدد الأصوات الغائبة والمقاطعة!

نعم، التغيّب والمقاطعة وحتى القطيعة، هي فعل انتخابي، ليس خاصا بالجزائر فقط، وإنـّما بكلّ الدول التي تنظم انتخابات، لكن يجب القول إن هذا الفعل يصبح قابلا للاستغلال والاستثمار، سواء من طرف نوع معين من المترشحين والأحزاب، أو من قبل صيادي الفرص وفنـّاني الاصطياد في المستنقعات الراكدة والمياه القذرة!

لقد انتهت الحملة الانتخابية، بعد 21 يوما كانت للوعود والعهود و”الهدرة” والثرثرة، وللتنابز بالألقاب والتطاول والتحامل، وكانت أيضا لوعد الجزائريين بإدخالهم الجنة، ويوم الخميس القادم، “ما ينفع غير الصّح”، فلن ينفع لا مال ولا بنون، ولا يُمكن للمترشحين بكلّ ألوانهم وأطيافهم أن يُظهروا النجوم في عزّ الظهر!

.. الآن ستكثر وتتكاثر الحسابات، ويُصاب مترشحون بالسكّري والنرفزة والكولون، ومنهم من تظهر عليه أعراض الكوليرا والطاعون والجذري والبوحمرون.. فمجرّد ساعات فقط ويحلّ 10 ماي 2012، حيث سيكرّم المترشح أو يُهان!

مقالات ذات صلة