جواهر
بالترفّع والإحترام بدل التفكير في الإنتقام:

كيف تصونين كرامتك وتكسبين راحة بالك بعد الانفصال؟!

الشروق أونلاين
  • 10253
  • 6
ح.م

قصص حزينة ونهايات مشينة؛ تخلف في القلوب أحقادا دفينة ورغبة جامحة في الانتقام.. تلك هي مقدمات وتبعات قرار الانفصال بين الزوجين في مجتمعنا، فك الميثاق الغليظ الذي شرعه الله عز وجل – رغم كونه أبغض الحلال- رحمة بالزوجين، وحفظا لكرامتهما عندما يستحيل استمرار الشراكة بينهما، من النّادر أن يتم دون حدوث خلافات من العيار الثقيل، تُكسر فيها حواجز الإحترام، وتُنكر العشرة والخبز والملح، وتنتهك الأعراض، وتفشى الأسرار، ليس بين الزوجين فحسب بل تتعداها إلى عائلتيهما.

تشير آخر الدراسات إلى أن المرأة تتأثر نفسيا أكثر من الرجل من قرار الانفصال، لكنها تتعافى أسرع منه، وهي دراسة موافقة  لواقع الحال في شطرها الأول، نظرا للصورة النمطية المجحفة التي ينظر بها للمطلقة، بالإضافة إلى أسباب أخرى كشعورها بالإهانة، وتضاؤل حظوظها في الارتباط مرّة أخرى، عكس الرجل الذي يملك حظوظا أكبر للارتباط ثانية بعد انفصاله عن زوجته.

الشطر الثاني من نتائج الدراسة القائل بأن المرأة تتعافى بشكل أسرع من طليقها فيه نظر، فالكثيرات يعشن رهينات أحزانهن وأحقادهن على الطليق مدى الحياة، والسبب لا يعود دائما إلى ظلم هذا الأخير، بل هناك أسباب أخرى تضلع المرأة فيها، فتكون حال المتواطئ على نفسه، منها التجسس على طليقها، ومحاولة الانتقام منه بورقة الأطفال، والتهور باسم الدفاع عن الكرامة. في حين ينصح خبراء العلاقات الزوجية المرأة بأن تبتعد عن كلّ ما يضاعف أحزانها وخسائرها المادية والمعنوية، إذ لا شيء يحفظ كرامتها، ومصلحة أبنائها بعد الطلاق، بقدر ما يحفظها سلاح الاحترام، والإحسان والصفح، والتأسيس لحياة جديدة بكل ثقة ورضا بحكمة الله في قضائه، وهو ما تؤكده أيضا هذه التجارب الواقعية.

فكرت في مصلحة ابنتي

الاحترام والمعاملة الحسنة، والهدايا لأطفاله هو عربون الصداقة والفضل الذي تحفظه إحداهن لطليقها وأب طفلتها الوحيدة، متجاهلة كل الانتقادات التي يوجهها إليها إخوتها وكل من يعرفها، تقول السيدة: “أنها استطاعت أن تحافظ على احترامه لها، وتحبّبه في ابنته رغم أنه انفصل عنها بسبب عدم استعداده للإنجاب معها، واعترافه المتأخر بأنه أخطأ بعدم مصارحتها قبل الزواج، بأنه يريد زوجة لا تنجب لتربي أبناءه من زوجته المتوفاة، وتضيف السيدة أنها قبلت الطلاق بالتراضي دون إثارة للمشاكل، وفكّرت في مصلحة ابنتها في مجتمع لا يرحم المرأة المطلقة، ولا ابنة المطلقة التي تعيش في قطيعة مع والدها، وتضيف: “أنها كانت ستضر ابنتها وتيتمها بحياة والدها لو استمعت إلى تحريضات إخوتها وفكرت في الانتقام”.

حفظت كرامتي بالترفع

وإذا كانت الكثيرات تستهويهن فكرة الانتقام من الطليق الظالم، ولا يجدن طريقة لإشفاء الغليل منه سوى في التجسس عليه ومحاولة خلق المشاكل له وتشويه سمعته، وتلقين أبنائه أبجديات الحقد عليه، فالسيدة فريدة ترى عكس ذلك تماما، فلا شيء – حسب تجربتها الشخصية – حفظ كرامتها وهيبتها لدى طليقها وحقّق لها السلام النفسي وراحة البال، سوى هدوؤها وترفعها عن مبادلته الإساءة بالإساءة، والأجمل من ذلك أنها رفضت اغتياب طليقها بأي كلام مسيء مكتفية بعبارة “خلص المكتوب”. وهو ما جعله يندم على فراقها ويعترف بأنّه لن يجد مثلها، ويخصص لها قسطا من النفقة مع ابنه رغم أنها رفضت الرجوع إليه.

والجدير بالذكر أن ترفع المرأة وصفحها عن طليقها لا يعتبر نوعا من الضعف أو الخنوع، ولا يقصد به التنازل عن حقوقها وحقوق أبنائها، إنما يقصد به تجنبها للأساليب الساقطة كإفشاء أسراره، وانتهاك عرضه وعرض أهله، والتجسس عليه، وإيغار قلوب أبنائه عليه.

ولا خير من الامتثال لقوله عز وجل: {وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} بمعنى الإحسان وعدم التنكر للعشرة ولحظات المودة والاحترام التي جمعت بين الزوجين، لأن الطلاق مهما كان مرا إلا أن فيه حبل نجاة للزوجين كما قال الله تعالى: { وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا}.

 

مقالات ذات صلة