الجزائر
بعد ما "أقصيت" من المسار السياسي منذ نحو سنة

كيف ستتعاطى الأغلبية البرلمانية مع مخطط عمل الحكومة؟

محمد مسلم
  • 1683
  • 4
ح.م

لأول مرة منذ عقدين من الزمن، يجد نواب الأغلبية البرلمانية المشكلة من أحزاب التحالف الرئاسي (سابقا) أنفسهم أمام “مخطط عمل” حكومة لا تمثلهم (…)، وهو تحد كبير يعقّد من مهمة تعاطيهم مع حكومة عبد العزيز جراد.

وخلال فترة حكم الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة، كانت رئاسة الحكومة أو الوزارة الأولى تمنح بالتناوب بين “التجمع الوطني الديمقراطي” ممثلا في أحمد أويحيى (تسع سنوات) وحزب جبهة التحرير الوطني ممثلا في كل من عبد العزيز بلخادم (ثلاث سنوات) وعبد المالك سلال (خمس سنوات)، وكذلك الشأن بالنسبة للحقائب الوزارية.

أما الذي أعد مخطط عمل الحكومة الحالية، عبد العزيز جراد، فهو وإن كان إطارا من حزب جبهة التحرير الوطني (عضو اللجنة المركزية)، إلا أن تقلده منصب الوزير الأول لم يكن بصفته ينتمي إلى الحزب الذي يسيطر على الأغلبية البرلمانية، وإنما بناء على اختيار من الرئيس عبد المجيد تبون، الذي يعتبر بدوره إطارا من “الحزب العتيد”.

وفضلا عن ذلك فالرئيس تبون الذي تحسب عليه حكومة عبد العزيز جراد، لم يكن لـ”جبهة التحرير” أي دور في انتخابه، لأنها اختارت التصويت على غريمه، مرشح التجمع الوطني الديمقراطي، عز الدين ميهوبي، الخاسر في السباق الرئاسي ضد تبون، وهي سابقة لم يشهدها الأفلان منذ نشأته، فحتى الأمين العام الأسبق، الراحل عبد الحميد مهري، وعلى الرغم من معارضته لمسار السلطة في التسعينيات، إلا أنه لم يدع إطارات ومناضلي الحزب إلى التصويت على منافس مرشح السلطة يومها، اليامين زروال.

وفوق ذلك، فأحزاب السلطة سابقا، “جبهة التحرير” و”التجمع الديمقراطي” والحركة الشعبية التي يرأسها وزير التجارة الأسبق، عمارة بن يونس، وتجمع أمل الجزائر “تاج”، الذي يرأسه وزير الأشغال العمومية الأسبق، عمار غول، تم إقصاءهم من المسار السياسي الذي أعقب سقوط نظام الرئيس السابق، بما فيه عدم إشراكهم في الحوار الذي رتب لمؤسسات الدولة الحالية.

كل هذه المعطيات تجعل من نواب الأغلبية البرلمانية (الأحزاب الأربعة السالف ذكرها) في خصومة سياسية افتراضية، مع السلطات الحالية، لكون هذه الأخيرة أمعنت في تهميشهم منذ نحو سنة، بعد ما كانوا يساهمون في صناعة القرار أو يشكلون محيط “المقررين”.
ومعلوم أن مرور مخطط عمل الحكومة على البرلمان بسلام، يتطلب حصوله على موافقة الأغلبية، في حين أن هذه الأغلبية تبدو مغيبة عن صناعة القرار عكس ما كانت عليه قبل أزيد من سنة، والسبب كما هو معلوم هو المعطيات الجديدة التي فرضها الحراك الشعبي على الأرض.

وبعد ما خسرت أحزاب التحالف الرئاسي سابقا، نفوذها في مختلف مصادر صناعة القرار في مؤسسات الدولة، إلا أنها لا تزال تحتفظ بورقة ضغط واحدة، هي سيطرتها على الأغلبية في غرفتي البرلمان، وهو معطى يساعدها على قول كلمتها في الكثير من المسائل التي تعيشها البلاد، ومنها عمل الحكومة.

لكن، هل الأحزاب الأربعة قادرة على توظيف الورقة الوحيدة التي بقيت بيدها، وهي مناقشة “مخطط عمل” الحكومة؟ أم أنها ستتغاضى وتمارس هوايتها المفضلة في دعم كل ما يأتي من السلطة؟ الممارسات السابقة لهذه الأحزاب، تشير إلى أن الخيار الثاني هو الأقرب إلى التفعيل.

مقالات ذات صلة