الرأي

لا أحد يهتم بقتلى سوريا!

قادة بن عمار
  • 1083
  • 9

قد لا نجد تفسيرا واضحا لعدة أمور وقعت في مجزرة دوما التي تضاف إلى قائمة طويلة عريضة من المجازر والمآسي التي يتعرض لها الشعب السوري منذ 8 سنوات وأكثر، أول تلك الأمور، كيف أن المجتمع الدولي ورغم كل التكنولوجيا التي توصّل إليها والتطور التقني الذي صدّع رؤوسنا به، وتمدد شبكات الجوسسة لتصل حتى غرف نومنا، لم يكشف حتى الآن عن القاتل الحقيقي، أو أنه لا يريد فضحه بانتظار ما ستسفر عنه تسويات سياسية بائسة.
نخشى أنه وبسبب تلك “التفاهمات” التي تقع تحت قبة مجلس الأمن أو في الكواليس، سيخرج علينا من ينفي وجود تلك الجثث أصلا وليزعم ربما أن أولئك الأطفال والشيوخ قتلوا بعضهم البعض، أو انتحروا ولم يتعرضوا للإبادة!
الواقع أن المجتمع الدولي الذي لم تُخدش إنسانيته ولم يشعر بأدنى مسؤولية لوقوع مئات القتلى نتيجة التجويع والحصار واستعمال البراميل المتفجرة، لا يمكنه أن يستيقظ فجأة ليُحاسب القتلة عن إبادة ضحاياهم بالغازات السامة!
الحالة الوحيدة التي يمكن لهؤلاء أن يتحركوا فيها، هي بحثهم عن مخرج من أزمة داخلية مثلما يتعرض لها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الآن، أو نتيجة بحث الغرب عن تقليم أظافر روسيا بعدما استطالت كثيرا، ولعل حادثة الجاسوس الروسي في بريطانيا مؤخرا وكذا رد الفعل المتناغم في أوروبا وأمريكا، كفيل بالإجابة عن هذه التساؤلات وكشف تلك المخططات.
روسيا تقول إن خبراءها وبعدما دخلوا “دوما” والغوطة الشرقية، أكدوا عدم وجود أي أثر للسلاح الكيماوي لكن وزير الخارجية الروسي لافروف لم يطرح على نفسه سؤال: هل نحن مُجبرون على تصديق الرواية الروسية؟ كيف لـ”حليف” أن يُورط حليفه الذي جاء من مسافة بعيدة للدفاع عنه وشنّ حربا لاستمراره!
حتى المندوب الروسي بمجلس الأمن وهو يتحدث بالأمس قال كلمة جميلة مخاطبا الأمريكيين، قال إنه قد “حان الوقت للاعتراف بانتهاء زمن دركي العالم” لكن المصيبة أن الدور لم ينته وإنما تم استبداله لصالح الطرف الروسي!
في كل الندوات التلفزيونية وجلسات مجلس الأمن والاجتماعات المعلنة والمغلقة، وعبر كل عواصم العالم، يتحدث الجميع عن الوضع في سوريا والحرب القذرة هناك، لكنهم لا يتحدثون عن تلك الوجوه التي ماتت مفزوعة، والملامح التي أخفتها الغازات السامة وعن القلوب التي توقفت بفعل استمرار القتل، لتبقى مجزرة “دوما” والغوطة، شاهدة على إرهاب دموي لا يريد أن يتوقف حتى يضيف لقوائمه المزيد من الأبرياء ولا حول ولا قوة إلا بالله.

مقالات ذات صلة