الرأي

.. لا أخجل ولن أحشم!

جمال لعلامي
  • 1165
  • 6
ح.م

“هل تخجل من زملائك عندما تتكلم بالعربية؟”.. أي بمعنى: “هل تحشم..؟”.. هذا واحد من آخر الاختراعات التي تكشفها مضامين “إصلاح” المظلومة التغبوية، وتصوّروا الإجابات التي ينتظرها صانعو هذا السؤال العجيب والغريب، الذي لا يُمكن إلاّ أن تكون الإجابة عنه بالنفي، أي بـ”لا”!
مثل هذه الأسئلة “غير التربوية”، تؤكد أن هناك أفرادا وجماعات قد تورطوا فعلا في “تسييس” المدرسة، وحتى إن وجّهت وزيرة التربية في لقائها من لجنة التعليم بالبرلمان، أصابع الاتهام إلى “مؤلفين ومفتشين”، فإن الأمر يبقى خطيرا، طالما أن المعنيين لم يُحاسبوا ولم يُعاقبوا!
هذا التصرّف قد يكون معزولا ودون خوف أو تأثير، لو تعلق الأمر مثلا بنقاش في الحافلة أو السوق أو المقهى، أمّا أن تقتحم هذه الأسئلة المفخخة مدارسنا، بهذه الطريقة وفي هذا الوقت، وبشكل فلكلوري واستعراضي، فهنا يجب عدم تتفيه الأمور واستسهال المخاطر!
المدرسة ليست بحاجة إلى “فتنة” أخرى، ومجنون هو من يعتقد أن اللعب بالنار سيحرق البعض فقط دون البعض الآخر، ولهذا، كان على وزارة التربية، إذا كانت فعلا بريئة، أن تحقّق وتلغي وتعاقب، لكي لا ينقلب السحر على الساحر، ولا يسقط الفأس على الرأس!
هناك أسئلة لا تطرح، لأن الإجابة عنها، في الحالتين، عندما يكون الردّ بـ”نعم” أو “لا”، سيجرّ إلى نقاش عقيم لا حول ولا قوّة فيه، ولا مخرج منه، إلاّ بإثارة البلبلة والقلاقل والأحقاد، والزجّ بالحرم المدرسي، في معركة جديدة، يكون الرابح فيها خاسرا، والنافع ضارا!
هناك الكثير من الأسئلة الواجب طرحها على الأساتذة والتلاميذ معا، لكن بعيدا عن الخطوط الحمراء وعن البديهيات والمسلّمات والمقدّسات، والظاهر أن استفتاء البكالوريا الذي جاء بسؤال: “هل أنت مع تأخير امتحانات الشهادة إلى ما بعد رمضان؟”، أسالت لعاب “المؤلفين والمفتشين”، وأثارت شهية الصيّادين في المياه العكرة، ويُراد بالتالي نقل المدرسة إلى مستنقع صراعات لا علاقة لها بها، بل لا يجب المغامرة أصلا بجرّها إليها ولو برغبة منها!
تلغيم المدرسة بقنابل العلوم الإسلامية ومواد الهوية والتاريخ والجغرافيا والعربية والأمازيغية، وغيرها من القضايا التي لا يجب التفكير في أصلها وفصلها، حتى لا تقع في “الشرك” والعياذ بالله، هي مغامرة جديدة أو متجدّدة، يجب أن تتوقف اليوم قبل الغد، مهما كانت الأطراف التي تحرّكها أو تريدها أو تخطط لها أو تستفيد منها أو تنفذها، لأنها في الأول والأخير ستهزّ كيانا آخر من القلاع الصامدة، التي لا ينبغي أبدا اللعب والتلاعب بها!

مقالات ذات صلة