-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لا أهلا ولا سهلا بنتنياهو

وجيدة حافي
  • 1786
  • 0
لا أهلا ولا سهلا بنتنياهو

عاد الذي عاث فسادا ودمارا بفلسطين والعالم كُلّه، وهو مُحمّل بأفكار و وعود ستقلب الطاولة على الجميع.. “نتنياهو” هذه المرة لن يتوانى في خلط الحسابات ونشر الفتن بين الأشقاء والأعداء على حد سواء، خاصة مع هذه الحكومة اليمينية المتطرفة خبيثة النيات التي ابتزته وفرضت عليه أسماء معروفة بتطرفها وموقفها من عديد القضايا وخاصة الفلسطينية، فهل سيتحكم الرجل في مقود القيادة كما وعد حليفته أمريكا ويكبح جماح “بن غفير” و”سموتريتش” وبقية الأعضاء المعروفين بعُنصريتهم وكُرههم لكل ما هو عربي إسلامي؟

الرجلان معروفان بالتحريض على العُنصرية ومُحاربة كل ما يمتّ بصلة للعرب، لهذا فالضجة قائمة عليهما داخليا وخارجيا، إضافة إلى كل هذا فلا أحد مُستعدّ للدخول في صراعات ومشاكل في هذا التوقيت بالذات، أمريكا مشغولة بالحرب الروسية الأوكرانيية وعيناها على الصين التي تتوسع إقتصاديا وبهدوء، وأي خطوة غير مدروسة وإشتباك مع الفلسطينيين سيُزعج إيران وحزب الله، وسيخلط الحسابات ويُعقّدها، لكن في نفس الوقت هي فُرصة مواتية لإخواننا في فلسطين للرجوع وبقوة وتذكير العالم بقضيتهم ونضالهم الشريف ضد العدو الغاشم، منتهك ومُغتصب أراضيهم، وللأسف فإنّ تطبيع بعض الدول ورضوخها لإسرائيل هو ما أضعف القضية، وأطفأ عيون إعلامهم عن الجرائم التي تحدث على أرض المقدس، دُول تتظاهر بالدعم والحب، ولكن تفعل ما يُرضي مصالحها ويخدم أجنداتها وفي كل المجالات، لذا فمن الأفضل للإخوة في أرض المقدسين الإعتماد على أنفسهم ومُحاربة كل من تُسول له نفسه الدوس على أرضهم، وهذا ليس ببعيد، لأن حركات المقاومة تنتظر عود الثقاب المفجر للوضع، وخاصة بعض الحركات كـ”عرين الأُسود” و”كتائب بلاطة وجنين” الذين ليس لهم أي علاقة بالحكومات المطبعة وغير المطبعة، وهذا ما سيُعقّد مهمة الرجل إذا ما حاول إشعال عود الثقاب.

العلاقة الأردنية مع هذه الحكومة ستكون دون شكٍّ باهتة ورسمية وفي أضيق الحدود لهذا لا نُريد من لقاء الملك بنتنياهو بداية صفحة جديدة ملؤها الزيف والأكاذيب، لا نُريد للأردن أن يكون السبب في عودة شرعية نتنياهو وكسر عُزلته، وطوق نجاة له.

داخليا الرجل غير مُرحَّب به، ففترة حُكمه تعني مزيدا من الدم وكثيرا من العُنف مع الفلسطينيين، وهجرة الإسرائليين إلى مناطق آمنة، مع تغلغل مفهوم “اليمين الجديد” وهيمنته والأحزاب الحريدية والدينية المتطرفة والمستوطنين على المشهد السياسي والحزبي، حتى أن كثيرا من الصحف حذرت من أعتاب ثورة دينية إستبدادية هدفها تدمير الديمقراطية التي تُعتبر أساس الدولة الإسرائليية كما يزعمون، فاليمين المتطرف يُضيف الشرعية على الكاهانينة (حركة كاخ مُصنَّفة إرهابية في إسرائيل) والتي باتت مُنتشرة في أوساط الشعب، فهي من أشهر الجماعات المتطرفة التي تُنادي بهدم المسجد الأقصى، وترحيل العرب كُلّيا لصالح الشعب اليهودي المقدس، نشأت في 1994 بعد مجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل، وتفرّعت منها حركات وشخصيات مُتطرفة كـ”إيتمار بن غفير”، أضف إلى ذلك خوف الصهاينة من تخلي الإدارة الأمريكية عنهم في حالة ما إذا قامت الحرب، خُصوصا بعد التلميحات الأمريكية إلى عدم التعامل مع “بن غفير” وغيره من المتطرفين والمتشددين.

فلسطينيًّا الأمر لا يختلف كثيرا، لأن الإستيطان والعُنصرية ثقافة سائدة بين كل الحكومات المتعاقبة، فقد كان هناك على الدوام تنافس بين السياسيين والأحزاب لتحقيق الأهداف الإسرائيلية. “نتنياهو” أو غيره لن يُغيّر شيئا بالنسبة للمُقاومة وللفلسطينيِّ الأصيل، بالعكس ستنتعش القضية من جديد، وسيضطر الرجل للتوسل والاستنجاد لتوقف الصواريخ وعودة الأمن والسلام.

أما العرب فقد انقسموا إلى رأيين، الأول ينظر بقلق لهذه العودة كالأردن الذي يسكنه ملايين اللاجئين الفلسطينين والذي يخاف من تزايد الهجرة والنزوح إليه في حالة التوتر في فلسطين وإقدام الرجل على طرد الفلسطينين من أراضيهم وتهجيرهم قسرا إلى الأردن كوطن بديل، كما أن “بن غفير” يُعتبر عدوا للوصاية الهاشمية التي تعود حقبتها تاريخيا إلى “الشريف الحسين بن علي” بعد مبايعته من أهل فلسطين عام 1924، وفي عام 2013 وقّع الملك مع الرئيس الفلسطيني “محمود عباس” إتفاقا أُعيد التأكيد فيه على الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس، فتنياهو معروف بعدائه للمملكة وإستعداده لإضعاف دورها في القضية الفلسطينية، كذلك الخوف من مُطالبته بضم منطقة غور الأردن وشمال البحر الميت إلى إسرائيل، لذا فالعلاقة الأردنية مع هذه الحكومة ستكون دون شكٍّ باهتة ورسمية وفي أضيق الحدود لهذا لا نُريد من لقاء الملك بنتنياهو بداية صفحة جديدة ملؤها الزيف والأكاذيب، لا نُريد للأردن أن يكون السبب في عودة شرعية نتنياهو وكسر عُزلته، وطوق نجاة له.

لُبنان مُتوتر من نجاح نتنياهو خاصة أنه أعلن قبل الإنتخابات الأخيرة مُعارضته لإتفاق ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، وقد وضّح أنه لن يلغي الإتفاق ولكن سيتعامل معه كما إتفاق أوسلو، تصريح ذكي في وقت حساس، فالرجل يعرف أن الإتفاق مدعوم من أمريكا وفرنسا، وهو غير مستعد للدخول في مواجهة معهما.

خليجيًّا هذه العودة بمثابة ضربة لإيران التي تعتبر تهديدا كبيرا لدول الخليج التي بدورها تعتبره عامل توازن إقليميا في مواجهة إيران، لكن الرجل طموحاته كبيرة في الخليج وهو يسعى الآن إلى ضم السعودية لقائمة المطبعين لوزنها السياسي والإقليمي، ونجاحه في جر السعودية للفخ دون شك سيُسهّل عليه المأمورية ويفتح الباب لدول عربية وإسلامية للذهاب في ذات الطريق، فهل ستذهب السعودية إلى فخ نتنياهو أم أنها سترفض وتتشبث برأيها في تحقيق سلام فلسطيني إسرائيلي وإعطاء الفلسطينين حقوقهم وفق المبادرات والقرارات المعروفة؟ سؤال مؤجل إجابته للأيام القادمة بإذن الله.

لا أهلا ولا سهلا بنتنياهو، ونتمنى من الدول العربية مُراجعة حساباتها والتخلي عن الأنانية في مُعالجة ملف فلسطين، فلولا هذه الخلافات والتطبيعات، لما تجرأ أحدٌ على الدوس على كرامة أهلنا وإخواننا الفلسطينيين، فنتنياهو وغيره وجدوا الأرض الخصبة والملائمة للتمادي في الظُلم والقهر، مشاكلنا الإقتصادية تُحلّ بالتعاون ووضع اليد في اليد للنهوض بإقتصاد عربي قوي، لا بالخيانة والتجاهل وضرب بعضنا البعض جهرا وسرا، فالذي حدث حدث ونتنياهو شئنا أم أبينا واقع لابد من التعايش معه وبذكاء حتى لا نقع في نفس الأخطاء السابقة، الأكيد أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة لن تتوانى في العنف والقتل بموافقة من رئيسها الذي بدت بوادر الإحتجاجات تظهر منذ مجيئه، وما حدث للسفير الأُردني “غسان المجالي” عند دخوله المسجد الأقصى خير دليل على ما سيُخبئه الإسرائيليون في قادم الأيام، فالعنصرية لن تُردَع بالكلام بل بالمقاومة وبإجراءات عقابية جادة، أما غير ذلك فالإنفجار قريب جدا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!