جواهر

لا تثقبي رأس العروس.. !

جواهر الشروق
  • 4035
  • 0
ح.م

أعرف من الفتيات اللواتي بلغن سن الزواج و لم يتزوجن من تصاب بنوبة اكتئاب شديد، وتنخرط في “وصلة” بكاء مرير كلما سمعت الزغاريد وأبواق مواكب الأعراس.

وأعرف من الفتيات اللواتي تأخر زواجهن من يمتقع وجهها، وتتبدل ملامحها، وتود لو تغرز كعب حذائها في رأس العروس في اللحظة التي تبادلها ابتسامة “مسمومة”.      

ورغم أن هذا السلوك يكشف عن “غيرة” مندسة وسط مزيج من المشاعر المتناقضة، إلاّ أنني أجد نفسي متضامنة معهن، و بودي أن أمسح دموعي بنفس المنديل الذي مسحن به دموعهن.

فلست أستغرب هذا السلوك من فتاة تخطت سن الزواج وباتت كلمة “بايرة” تدق سمعها في مجتمعنا الجزائري الذي يدرج الزواج ضمن خانة “الحياة والموت”، ويعظّم من شأنه إلى درجة أنه  ينتقص من قدر المرأة التي لم تتزوج ويجعلها إنسانة من “الدرجة الثانية”، و إن لم يحتقرها، أشفق عليها، وفي الحالتين تعيش المرأة العازبة حالة من الاكتئاب المزمن يجعلها مدبرة على الحياة، كارهة لكل من زفت إلى بيتها.  

ولكنك أيتها العازبة، لمَ تعتقدين أن كل من تزوجت وعلت الزغاريد من أجلها تعيش حياة سعيدة مطمئنة؟ ألم تسمعي بالعروس التي تطلقت في شهرين، بل في أسبوعين؟ ألم تسمعي بالعروس التي اكتشفت أن زوجها مدمن على المخدرات أو مجنون فاضطرت أن تبتلع انحرافه وجنونه من أجل أن لا تلوكها ألسنة الناس الحداد؟ ألم تسمعي بالمرأة التي تتلقى أوامر “عسكرية ” من زوجها وأهله وكلما عصت الأوامر كسرت عليها العصي؟ ألم تسمعي بالعروس التي اكتشفت أن فارس أحلامها كان يمتطي”بغلة”عمياء تقوده إلى كل امرأة ترميه برمشها  الفتّان؟.

لا أظنك تعيشين في كهف لتغيب عنك هذه الحقائق المرعبة عن الكثير من الزيجات التي ينتهي معظمها بالطلاق، أم أنك تتوقين للفستان الأبيض والزغاريد الملتهبة، وفي هذه الحالة يمكنك أن “تستأجري” فستانا أبيضا وتتفقي مع مجموعة من النساء يؤدين لك وصلة من الزغاريد..

لست أبدا ضد الزواج عندما يضمن لك المودة والرحمة والسكينة والاستقرار النفسي، حتى وإن كان معفّرا بالفقر والحاجة، ففي السعادة التي تلفه وترفرف عليه ما يمسح التراب عن وجهه، ولكني ضد الزواج الذي ترمي به المرأة إلى إغاظة بنات الجيران و زميلات العمل، والزواج الذي يجعلها ترى الحسرة والغيرة في وجوه بنات العم و بنات الخال، والزواج الذي تريد أن تسعد به من تحبهم حتى وإن أتعسها وسلب راحة البال منها.

أليست “عنوستك” أفضل من هذه الزيجات الشكلية التي ترضي هذا، و تغيض ذاك؟ أليس جدران أبيك خير لك من رجل كل يوم يضرب رأسك في جدران بيته؟

لذلك لا ” تثقبي” رأس العروس بكعب حذائك، أو بعينين حاقدتين، فلست تدرين ما الذي يخبؤه لها هذا الزواج، ولست تدرين ما الذي أخفاه الله لك من بهجة وسعادة في قادم الأيام. 

ما عليك إلاّ أن تحركي مخزون المواهب داخلك، ابحثي في نفسك عن الخيّاطة الماهرة، والطبّاخة الممتازة، والكاتبة المبدعة.. ابحثي عما يشغلك ويسلي أوقاتك، املئي وقتك بالقرآن الكريم وبذكر الله لتنالي الثواب وتسعدي في الآخرة الباقية، السعادة أيتها العازية بين يديك فلا تبحثي عنها في صالات الأعراس و حناجر المزغردات.

مقالات ذات صلة