الرأي

لا سياسة بعد اليوم!

قادة بن عمار
  • 2028
  • 8
ح.م

هنالك أمر يقع في الإعلام المصري منذ فترة ويتكرر عندنا في الجزائر، لكن لا أحد ينتبه، ربما لأن مصر متفوقة علينا “تلفزيونيا” بعدة سنوات، أو لأن الظاهرة باتت عادية جدا فلا تثير رغبة أحد بالكلام وبالتعليق، بل لا تثير انتباه الجميع!

هذه الظاهرة تتمثل في منع النظام السياسي للقنوات التلفزيونية الخوض في الشأن العام وتحديدا ما تعلق بالسياسة حيث تم توقيف أكثر من برنامج تلفزيوني، وتعليق عمل أكثر من صحفي لهذا الغرض، فمنهم من تم إحالته على التقاعد المبكر، ومنهم من اختار مجالا آخر للتكلم فيه، وفئة ثالثة تم منعها باستعمال أسلوب القهر وأدوات القمع، والنتيجة واحدة: لا سياسة بعد اليوم.

النظام العربي الرسمي، سواء في الجزائر أم مصر أم في بلدان الخليج، وغيرها من البلدان، لا يمكنه أن يتسامح مع مسألة الخوض في السياسة ويعتبر الأمر خطا أحمر لا يجوز الاقتراب منه، لكنه يتسامح تماما بل ويتغافل عن كل شيء آخر بما في ذلك الرياضة والفن والثقافة!

لذلك ينتشر الجدل هذه الأيام حول الثقافة وتمويل الأفلام وكتابة السيناريو في الجزائر، فيصبح الجميع مختصا في مثل هذه المسائل، تماما مثلما يصبح الحديث عن كرة القدم مسألة متاحة للجميع، والأمر هنا لا يعد سوى تنفيس عن المكبوت فأنت تستطيع الكلام في كرة القدم لكنك ممنوع من الخوض في السياسة والتسيير العام وقرارات الحكومة إلا في حدود ضيقة جدا!

قد يقول البعض إن السياسة أصلا باتت مقترنة عند الشعوب بالفساد والانتهازية وبكل ما هو سلبي ومقيت، ورديء، كما أن ابتعاد القنوات التلفزيونية والمثقفين والنخب عموما عن الخوض فيها، يحترم رغبة شعبية واسعة قررت تطليق تلك السياسة بالثلاث، لكن هذه النظرة وإن كانت واقعية وحقيقية فيمكن تفسيرها بالوجوه التي تمارس السياسة حاليا ودفعت بالناس إلى نبذها!

في النهاية، أنت لا تستطيع تقديم برنامج تلفزيوني سياسي في بلد بلا سياسة، ولا نخبة، بلد لا شيء واضح فيه، من النظام الحاكم إلى المعارضة الباحثة عن السلطة!

مقالات ذات صلة