الرأي

لا شماتة في الموت!

قادة بن عمار
  • 6994
  • 11

منطقي جدا أن يخرج رموز ما يسمى بالجماعة السلفية في مصر، ليهلّلوا ويفرحوا بوفاة مدير المخابرات السابق عمر سليمان، لكن من غير المنطقي أن يُصدر هؤلاء بيانا سريعا، يحجرون فيه على أحاسيس الناس، ويدعونهم إلى الفرح الجماعي والاحتفال في الشوارع بخبر الرحيل، كما يزعمون أن عمر سليمان لن يدخل الجنة، ومكانه في جهنم وبئس المصير، فهل حصل هؤلاء على قوائم الداخلين للنار والخارجين منها؟ وبأيّ حق يُنصّب البعض نفسه وكيلا عن الله فوق الأرض؟ فيقررون مصير خصومهم حتى بعد الموت! وهم الذين فروا منهم في الدنيا ولم يستطيعوا محاسبتهم على أعمالهم حتى في حياتهم على غرار عمر سليمان نفسه!!؟

لا نقول هذا الكلام دفاعا عن رجل المخابرات وأمريكا بالمنطقة، عمر سليمان، فقد أفضى إلى ربه، ويبدو ذلك كافيا لقراءة العِبر من هذا الرحيل، لرجل استمر في السلطة عقودا، ووصل لمنصب نائب الرئيس، ثم رشّح نفسه ليدخل قصر الرئاسة من الباب الواسع في الانتخابات السابقة، لكنه عاد في صندوق خشبي من أمريكا، بعدما مات هناك بمرض نادر في القلب، أصابه قبل فترة قصيرة، مثلما قال الأطباء!

لا شماتة في الموت، فحتى رموز الاستبداد الذين قهروا شعوبهم، وأهانوها طيلة عقود، لا يجب أن تكون نهايتهم بشكل يسيء للثورات النظيفة، بقدرما يحقق غريزة البعض في الانتقام، وهنا، كان من المؤسف حقا ـ بل من المخزي ـ أن ينشر البعض هذا الأسبوع “صورا جديدة وفيديو للعقيد القذافي” وهو جثة هامدة، يتلاعب بها عدد من المسلحين المجانين، والحجّة التي تم استعمالها في ذلك، تبدو أقبح بكثير من ذنب النشر، حيث قيل إن هذا الفيديو تم بثه لترهيب بشار الأسد، وكأن هذا الأخير لم يرهبه مبارك وراء القضبان، أو بن علي وهو يهيم بطائرته باحثا عن مطار يلجأ إليه، أو الرئيس اليمني السابق صالح وهو ينجو من صاروخ ضرب قصره!

نموذج ليبيا كان سيئا للغاية، في الحكم، وفي الثورة، وفي شكل الصمود والمقاومة، وحتى في الخاتمة، ولا ريب في ذلك، طالما أنه نموذج الصهيوني برنار ليفي، وعلى الليبيين استعادته إن آجلا أو عاجلا!

لكن لا يجب أن نُحوّل الفترات الانتقالية في دول الربيع العربي إلى فترات انتقامية، تُجردنا من كل الأخلاق والإنسانية، فنخرج محتفلين بخبر الرحيل أو شامتين في موت أحدهم، خصوصا أن مثل هذه البيانات لا تنعكس على مصدّريها سوى بالسلب، على غرار ما قاله الداعية وجدي غنيم، حين وصف اللبراليين وخصوم الإسلاميين بأنهم مجرد صراصير، داعيا للتخلص منهم، فكم ربح اللبراليون من هذا التصريح الغريب، وكم خسر الشيخ غنيم من وراء هكذا موقف، لا يغني ولا يسمن من جوع.

مقالات ذات صلة