-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لا لتسييس زلزال سوريا وتركيا

وجيدة حافي
  • 1105
  • 0
لا لتسييس زلزال سوريا وتركيا

الزلزال ظاهرة طبيعية تحدث نتيجة عدة اهتزازات متتالية وصدمة على سطح الأرض في فترة زمنية قصيرة، وهذه الاهتزازات ناتجة عن حركة الصخور، وتتسبب في خسائر بشرية ومادية، وما حدث في تُركيا وسوريا مُفزعٌ ومُحزن في آن واحد، فرؤية تلك المشاهد والصرخات والآنات من تحت الأنقاض صراحة يكسر القلب ويدميه.

هذه الزلازل ما هي إلا رسائل لبقية الدول التي يعتمد مهندسوها ومعماريوها الغش في بناء العمارات، وفرصة لإعادة النظر في المواد المستعملة في تشييد العمارات الشاهقة، لكي لا نجد أنفسنا في نفس السيناريو ونخسر الكثير من الأرواح والجهد وحتى المال لإعادة الإعمار.

وبموازين الدُنيا تلك مُصيبة وفاجعة أليمة، لكن بموازين الآخرة خير للضحايا الذين نحتسبهم شهداء بإذن الله، فكل ما يأتي من عنده سُبحانه وتعالى خير وبركة، وكمسلمين ومُؤمنين بقضاء الله وقدره ما علينا إلا الصبر والدُّعاء لإخواننا وأخواتنا هناك أحياء وأموات.

كارثة طبيعية غير مُتوقعة أسقطت الأقنعة وأظهرت الخُبث والنفاق عند من يتغنُّون بالحُقوق ويُلزمون الآخر بالواجبات، فالغرب بعد الآن لم يبق له ما يُخفيه ويُنافق به في المُؤتمرات وأمام الكاميرات، فالزلزال لم يُفرّق بين الأسد وأردوغان، ولا بين مُؤيد ومُعارض، ضرب مناطق المعارضة ومناطق النظام في سوريا، والضحية واحد وهو المواطن السوري المغلوب على أمره، والذي يُعاني من سنوات من حصار إقتصادي وحرب طاحنة دمرت كل شيء، وقضت على أحلام الكثير من سكان هذا البلد العربي. والأمر ذاته يُقال عن تُركيا التي إستيقظ أهلها على زلزال مُدمر أخلط كل الحسابات الضيقة، ولم يعد للسياسة وحساباتها مكانٌ على الأقل في الوقت الحالي، فكل القلوب حزينة على فقدان الأحبة والديار، والمفروض أن كل الدُّول تتحرك لتقديم المساعدة للأهالي من إيواء وإطعام، وحتى المساهمة بخيم وبطانيات لمواجهة البرد القارس بفعل إستمرار تساقط الثلوج، فالوقت ليس للمُحاسبة والعقوبات، لأن سوريا ليست بشار الأسد، فهي بلد عربي أصيل يسكنه شعبٌ عظيم مُسلم، لا يستحق هذه المعاملة الفظة من بعض الذين يعتبرون أنفسهم أوصياء على الآخر، ويتحجّجون بقانون قيصر، والمجازر المرتكبة في حق أبناء هذا الوطن، فالسوريون بعدما حدث، نسوا كل مشاكلهم وحتى الحروب التي أثقلت كاهلهم وعذبتهم نفسيا وجسديا، نسوها مُؤقتا وإنشغلوا بالكارثة وكيفية الخروج منها وبأقل الأضرار.

أما العرب الذين إتفقوا على أن لا يتفقوا، فكالعادة إنقسموا بين مُتضامن وغير مُتضامن وخاصة مع سوريا، فالدول العربية الشُّجاعة صاحبة النخوة لم تُفرِّق بين تركي وسوري، وبين مناطق المعارضة والحكومة، مُباشرة أرسلت مُساعداتها المادية والمعنوية، أما التي مازالت تحسب ألف حساب للآخر، فقد تجاهلت الحدث ومرت عليه مُرور الكرام، خوفا من الغضب الأمريكي وعُقوباته، ونست أن دائرة الدهر تدور، ويوم لك ويوم عليك، واليوم في سوريا وغدا الله أعلم، والمفروض أننا نتوحد ونُوطد العلاقات مع بعضنا البعض كدول عربية، لا أن نفعل الواجب وننسحب من الساحة، ونتركها لكل من هب ودب يعبث ويعيث فسادا وظُلما، فالقصة يا جماعة ليست ابتسامة بشار وعبوس أردوغان، هي بداية لسلسلة من المعاناة والفقر لأهلنا  في سوريا، الذين لا حول ولا قوة لهم، وهذا لا يعني أن الأتراك قادرون على مُواجهة الأزمة، لكن مُقارنة بسوريا، فتركيا غير مُقسمة، ولا توجد على أرضها حروب وصراعات، مشاكل داخلية سياسية بين السلطة والمعارضين وخاصة مع اقتراب الانتخابات التركية، فالمعاناة واحدة، وهذه الزلازل ما هي إلا رسائل لبقية الدول التي يعتمد مهندسوها ومعماريوها الغش في بناء العمارات، وفرصة لإعادة النظر في المواد المستعملة في تشييد العمارات الشاهقة، لكي لا نجد أنفسنا في نفس السيناريو ونخسر الكثير من الأرواح والجهد وحتى المال لإعادة الإعمار، رسالة لنا كبشر لمراجعة ومحاسبة أنفسنا قبل فوات الآوان، وهذا بإلاكثار من الطاعات والتقليل من المعاصي المنتشرة في زماننا هذا وعلى الملأ، رسالة من الطبيعة إلينا، ولسان حالها يقول “رفقا بي” فما بت أستطيع تحمل هفوتكم وأخطائكم البيئية.

تعازينا القلبية لكل أهل ضحايا الزلزال المدمر، وشُكرا لكل من قدّم يد المساعدة وقاوم الضغوط، الكارثة عظيمة وضحاياها كُثر، منهم من إنتقلت روحه إلى بارئها، وآخر مازال يتكبد الخسائر المادية والمعنوية التي لحقت به، وأطفال لم يُصدّقوا بعد أنهم أصبحوا يتامى، وحياتهم المستقبلية لن تكون في حُضن عائلاتهم، هنا يجب التوقف ومُساعدة هؤلاء لتجاوز المحنة والتعايش معها، فمن منا سينسى تلك الطفلة التي بقيت 50 ساعة تحت الأرض، وأُخرى تحت الأنقاض وهي تحمي رأس أختها الصغيرة، قائلة للمسعف “عمو طلعني وأعمل لك اللي بدك، بصير عندك خدامة” والسوري الذي فقد كل عائلته، وحالات أخرى لم تصل إليها الكاميرات وتوثقها، لكن الأكيد أنها عانت مثل غيرها وأكثر.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!