-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لا للكشوفات الشاملة للكورونا.. نعم للحجر الشامل

محمد شيدخ
  • 666
  • 1
لا للكشوفات الشاملة للكورونا.. نعم للحجر الشامل
رويترز
أشخاص يضعون كمامات للوقاية من خطر الإصابة بفيروس كورونا المستجد ويصطفون خارج مركز طبي للكشف عن الفيروس في العاصمة الألمانية برلين يوم الاثنين 6 أفريل 2020

تتصاعد النداءات متعالية ومتتالية هنا وهناك في بعض الأوساط الطبية، مطالبة بتعميم الكشوفات السيرولوجية لفيروس الكورونا حتى نتمكن من معرفة العدد الأقرب لحاملي الفيروس، أو المصابين بالداء في أوساط المجتمع ثم عزلهم قصد علاجهم بما تيسر، تفاديا للتعقيدات المحتملة، وإبعادهم عن باقي الفئات، والتكفل بمن كانت لهم علاقة قرب واتصال بهم، بالرغم من كون نداء المنظمة العالمية للصحة كان واضحا؛ إذ أكدت أنه من الضروري الانتقال إلى مرحلة الدفاع، المتمثلة في تعميم الكشف السيرولوجي للحالات المحتملة، ما يعني عدم التوصية بالتعميم الكلي والشامل لكل الراغبين في ذلك.

وللعلم، فإنه إلى حد الساعة هناك دولتان تقومان بإجراء الكشف للجميع، خاصة الراغبين في ذلك، إذ تقوم كوريا الجنوبية بإجراء 20000 كشف يوميا، ويصل عدد الكشوفات في ألمانيا إلى نحو 160000 كشف في الأسبوع، علما أن الطريقة المتبعة في الكشف السريع تعتمد على البحث عن المادة الجينية الخاصة بالفيروس بدراسة الإفرازات المأخوذة من الأنف والحنجرة خاصة.. وتعتبر نتائجها غير وافية من الناحية الطبية، لأنه في حالة إصابة إنسان بالكورونا، وتكون مناعته قوية قد يتقدم به المرض سريريا وتنهار الحمولة الفيروسية عنده، فلا نجد أثرا للجينوم الفيروسي الذي يصبح غير قابل للكشف، ونصرح بعدم احتواء جسمه للفيروس عن طريق هذه الطريقة، المسماة “بي سي ار”، والنتيجة تكون بعد ساعتين أو أربع. ومن هنا تبقى الطريقة المثلى للكشف هي اعتماد البحث عن المضادات الفيروسية في الدم من خلال السيرولوجية، هذه التحاليل غالية الثمن، التي نستطيع من خلالها التعرف على حاملي الفيروس والمرضى ثم عزلهم للعلاج بما توفر، منعا لحدوث بعض التعقيدات والتكفل بأقاربهم وبمن كانت لهم معهم صلة وقربى، وقد نستمر في إجراء التحاليل ونكتشف أعدادا كبيرة من المصابين، ونحتار ونتعب في حجرهم الصحي، ونزيد المجتمع تخويفا وهلعا، ما يُسقط مناعة الأشخاص، لأن الهلع والخوف من الأسباب الرئيسة لانهيار المناعة.. كل هذا والعلاج الحقيقي غير متوفر، ومن هذه الزاوية، قد نحتاج إلى هذه التحاليل السيرولوجية الشاملة والمكثفة في مرحلة ما بعد العزل والحجر التام للمدن، للتأكد من نجاعة العزل وخلوّ الأشخاص من المرض، استعدادا لمباشرة الحياة العادية ورفع حالة الوباء، لأنه في هذا الظرف بالذات لا يوجد من لديه معلوماتٌ وافية ودقيقة عن الوباء، لأن الفيروس جديد والدراسات لا تزال غير مكتملة الحلقات، ولن يستطيع أحد أن يعطي البشرية حلا سحريا أو خارقا. والاستراتيجية المناسبة في هذه الحالة تكمن في وضع البلاد أو الولايات التي بها على الأقل حالة وكل المدن المجاورة لها تحت العزل الكلي التام لمدة كافية لقطع سلسلة انتشار الفيروس، وقد نفقد بعضا من اقتصادياتنا وأموالنا ونحافظ على كيان الأمة، من خلال الحفاظ على أرواح أبنائها والإبقاء على سواعد رجالاتها وكوادرها ولحمة مجتمعها، ويجب أن نكون حذرين وعقلانيين ونعترف بخطورة الوضع لو طال أمدُه واستمرت الجائحة وتكاثر عدد الإصابات والوفيات- عافانا الله-، فلن نستطيع التحكم في الوضع جيدا، فحتى أفضل المنظومات الصحية العالمية لم توفق في التحكم في الوضع، بالرغم من تقدمها في عديد الميادين، ولسان حال العاقل يقول بحق الوقاية خير من العلاج، وحتمية انتهاج الوقاية عند انعدام العلاج أكثر من واجب، وقد يزول الوباء خلال أواخر الربيع وبداية الصيف، وقد يحدث ما حدث لنا مع “سارس”، الذي توقع الخبراء زواله في مثل هذه الفترة من سنة 2003 إلا أنه بقي إلى غاية شهر جويلية ثم تلاشى فجأة دون سابق إنذار.

وعلى هذا الأساس، نرجو من السلطات العليا في البلاد وضع هذه السياسة الاحترازية حيز التطبيق، ولو كان فيها نوعٌ من المبالغة لكنها السبيل الوحيد للسيطرة على الوباء والابتعاد عن خوض حرب إبادة فيروسية لا ندري عواقبها، وهذا ليس تخويفا بل تحليل منبثق من حس وطني وشعور بالخطر المحدق والرغبة في تفادي انهيار البنية البشرية للأمة، لأن تبعاتها خطيرة جدا على المديين القريب والبعيد، وتحضرني هنا مقولة في علم المناجمانت لصاحبها “ريني شار”، حيث يقول: “تحرَّك واتخذ إجراءاتك منذ البداية واستشعر الأمور كاستراتيجي ماهر”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • Ahmed

    ليس هناك تناقض حتمي بين استراتجية الحجر واستراتجية الكشف الشامل. من الممكن القيام بالاثنين معا شريطة توفير اللوجستيك الكافي. بل بالعكس سيمكن ذلك من المرور من حالة الدفاع الى حالة الهجوم. اما قولك ليس هناك دواء , فهذا غير دقيق. فقد اثبت بروتكول الكلوروكين نجاعته في حالات كثيرة في كثير من الدول منها الجزائر شريطة اعطائه في المراحل المبكرة, مما يستوجب الكشف المبكر . يبقى الامر لله من قبل ومن بعد ورحمته واسعة.