-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لتبقَ الإنجليزية وحدها في الابتدائي

لتبقَ الإنجليزية وحدها في الابتدائي

عامٌ كامل يمرُّ على الخطإ التعليمي في المدرسة، ونحن ننتظر تصحيح الإجراء الذي نفَّذته الوزارة، بخصوص تعليم الإنجليزية في الابتدائي.

إن الإجراء الذي تم تنفيذه بخصوص إدراج تعليم الإنجليزية في الابتدائي غير ملائم لروح القرار السياسي الذي تم تطبيقه وغير منسجم مع الحقائق التربوية التي يفرضها الاتجاه الصحيح الذي يُتبع في تعليم اللغة الأجنبية، وقد تنبَّه مجلس الوزراء لهذا الوضع الذي يجب أن يصحَّح ويعالَج علميا وتربويا، وأثار جوانب الموضوع في الاجتماع الخاص وبين الجوانب التي يفرضها تصحيح الوضع، وهذه الجوانب التي ذكرها هي تحديد السنة التي ينطلق منها التنفيذ وتحديد الصفة القانونية التي تعلم بها، وذكر نوع التعليم الذي ينفذ ومستوى المعلمين الذين يتولون تعليمها، هذه بعض الجوانب التي رآها مجلس الوزراء غير محددة في تنفيذ القرار السياسي المطبَّق، وهي ضرورية في التحديد وهو الذي ناقشه مجلس الوزراء في هذا الاجتماع الذي تتبعنا مناقشته وما أثاره.

وكنا ننتظر- بعد المناقشة- أن المسؤولين في الوزارة يراجعون الموقف ويصححون الوضع، وهو ما تم طرحه في المناقشة، وقد مرّ عامٌ كامل، ونحن ننتظر التصحيح، والقيام بالمعالجة التربوية للوضع. وقد كتبتُ تعليقا على الموضوع، وشرحت أهمية التصحيح وتنفيذ ما طرحه مجلس الوزراء، ونشرت ما كتبته تحت عنوان معالجٍ للوضع، وهو ضرورة اتخاذ قرارات تربوية هامة طرحها مجلس الوزراء في الاجتماع الخاصّ الذي خصصه لمعالجة الوضع غير الملائم لتنفيذ إدراج تعليم الإنجليزية في الابتدائي، وأعيد هنا ذكر ما تناولته في هذه المقالة التي عززت فيها ما أوضحه مجلس الوزراء، وأهم قرار تم تحليله في هذا الاجتماع هو القرار التربوي الخاص بتثبيت تعليم الإنجليزية في السنة الثالثة، هذا القرار يوضّح أن ما تم طرحه في السنة الماضية حين صدر القرار هو إدراجها في التعليم الابتدائي فقط، وما طرح في مجلس الوزراء هذه السنة هو الأمر بتثبيتها في السنة الثالثة، لأن نص القرار الصادر في السنة الماضية لا يطرح التثبيت وإنما يطرح التنفيذ في الابتدائي، ولم يحدد القرار السنة التي ينطلق منها إدراج هذه اللغة في الابتدائي، وما طرحه مجلس الوزراء، في هذا الاجتماع، هو الأمر بتثبيت تعليمها في السنة الثالثة، والعبارة التي تم ذكرها هي (مجلس الوزراء يأمر بتثبيت تعليمها في السنة الثالثة).

لقد حدد مجلس الوزراء السنة وحدد الصفة التي تراعى في تعليمها، وما تم تنفيذه بداية من تنظيم الموسم الدراسي هو أن الوزارة اجتهدت وقررت أن تكون السنة الثالثة هي السنة التي ينطلق منها التنفيذ رغم أن نص القرار لم يحدد السنة، ولم يحدد الصفة التي تعلم بها ولم يحدد نوع التعليم الذي ينفذ ولم يحدد أيضا مستوى المعلم الذي يتولى تعليمها، فقررت الوزارة في هذا المجال إسنادها وتعليمها للعناصر المتوفرة دون شك، ولكن مجلس الوزراء حدد المستوى وضبط الشرط المطلوب، والشرط هو أن يكون المعلم مهيئا لتدريسها، فاقترح تخصيص عملية تكوين في المدارس العليا للمعلمين الذين يُسند إليهم تعليمها، ولكن هذا الشرط غير متوفر في المدرسة، وتم اللجوء إلى التنفيذ التجريبي المؤقَّت، وهو التنفيذ الذي لم تُهيأ ظروفه، ولم تُحدد شروطه، وهذا ما جعل مجلس الوزراء يطرح الجوانب الأساسية التي يجب توفيرها ليعالج الوضع، وليتم تعليم الإنجليزية تعليما متميزا وناجحا.

وتحديد السنة الثالثة الذي تبنته الوزارة في بداية التنفيذ لم يتم وفق دراسة علمية، وإنما تم وفق ما كان العمل به جاريا في السابق، والمشكلة التي لم تُطرح في السنة الماضية ولم يُصرَّح بها في هذه السنة، هي ما يُفهم من دلالة وجود الإنجليزية في السنة الثالثة، أن وجودها في هذه السنة الثالثة يفرض أن يكون تعليمها تعليما معوِّضا للفرنسية وليس مرافِقا لها، لأنها تحل محلها وتصبح هي اللغة الأساسية المعتمَدة في الابتدائي، وهذا لم يُصرَّح به، لأن الفرنسية تنتقل على مستوى آخر لتصل في النهاية إلى بداية التعليم المتوسط، وحينها تلتقي مع الإنجليزية ويتم التكامل بينهما قائما، وهذا لم يُصرَّح به، ولكن يُستخلص من الوضع الذي تُعامَل به الإنجليزية، لأنه لا يُقبل تربويا أن يتم الجمع بين لغتين أجنبيتين في بداية التعلم، وتلميذ السنة الثالثة الذي تعلّم الإنجليزية لم يستكمل أساسيات معرفة لغته، فكيف تضيف إليه تعلّم لغتين مختلفتين في أصواتهما؟ لذا تم اقتراح تصحيح هذا الوضع بإعطاء الإنجليزية التوقيت الكامل والصفة الملائمة للنظام الذي تُعلّم به ويتم إسناد تعليمها إلى معلم متكون خصيصا. هذا ما طُرح مجلس الوزراء ليعالَج به الوضع المنفذ الذي لم تحترم فيه الجوانب الأساسية، وهو العلاج الذي انتظرنا ما تقوم به الوزارة في معالجة التصحيح.

وما يجب ذكره في الأخير، هو إبراز ملاحظة تتعلق بظروف تنفيذ القرار الخاص بتعليم اللغة الإنجليزية، وهو القرار الذي صدر في العام الماضي ولم تهيئ الدولة ظروف تنفيذه، وأساسيات للتعامل معه، وقد بادرت الوزارة بالشروع في عمليات التنفيذ دون دراسة، فاكتفت بإدراج تعليمها في السنة الثالثة، من دون تحديد نوع الإجراء، ومن دون دراسة علمية.. لقد لجأت إلى التنفيذ التدريجي المؤقت، وهو ما قامت به في عملية ارتجالية لم تدرس جوانبها، مما جعل مجلس الوزراء هذه السنة يعيد طرح الموضوع، ويتدارك ما لم يتم ذكرُه ويشرح الجوانب التربوية التي تراعَى في التنفيذ.

لا يُقبل تربويا أن يتم الجمع بين لغتين أجنبيتين في بداية التعلم، وتلميذ السنة الثالثة الذي تعلّم الإنجليزية لم يستكمل أساسيات معرفة لغته، فكيف تضيف إليه تعلّم لغتين مختلفتين في أصواتهما؟ لذا تم اقتراح تصحيح هذا الوضع بإعطاء الإنجليزية التوقيت الكامل والصفة الملائمة للنظام الذي تُعلّم به ويتم إسناد تعليمها إلى معلم متكون خصيصا.

والملاحظة المستخلصة من الوضع القائم، هي أن التنفيذ يتطلب تحديد الظروف التربوية الواجب تحديدها ليتلاءم التنفيذ مع روح القرار، وينسجم مع أهدافه، فالخطّة التي نفذتها الوزارة خطة غير مدروسة كان المفروض أن يوجه المسؤولون اهتمامهم للقرار، ويوجهوا جهود الوزارة للقيام لتهيئة الظروف، والجانب الذي كان يجب أن يسبق صدور القرار أو يرافقه هو التفكير في إيجاد ظروف تربوية مهيأة للتنفيذ، فلو كانت الظروف موجودة ومهيأة لتم تنفيذ القرار بكل أريحية، ولما تأخر الحديث عن شروط التنفيذ سنة كاملة.

وهناك سببٌ آخر يرجع إليه قلة الاهتمام بتهيئة الظروف التي يتطلبها تنفيذ القرار هو عدم وجود الهيأة المكلفة بالتوجيه السياسي والتربوي (مجلس أعلى للتربية) هذه الهيأة هي التي توجِّه الوزارة ولا تترك الأمر من دون موجِّه، هذا الوضع هو الذي جعل الدولة تثير الموضوع، وتطرحه في مجلس الوزراء ودفع المسؤولين إلى مراجعة الخطة المتبعة في تنفيذ المشاريع والقرارات، وهذا ما تم تناوله في مجلس الوزراء الذي عُقد يوم 28 جوان 2023، نرجو أن يصحَّح الخطأ التربوي ويعاد تنظيم الوضع وفق ما تم تحديده في النقاش، إننا ننتظر تصحيح الخطأ وإعادة تنظيم سير التعليم بالتصحيح الوحيد الذي تم الإعلان عنه هو ما يتعلق بمستوى الأستاذ الذي تم ذكره وتعيينه.

أما الجوانب الأخرى، فلم يشملها التصحيح، نوع التعليم والصفة الملائمة للتنفيذ، والمكانة التي يحتلها وجود اللغة في التعليم، فهذا كله لم يصحح، نرجو أن يتدارك المسؤولون هذا الوضع ويعالجوه وفق ما جدده مجلس الوزراء، إضافة موضحة ما تشمله الدعوى إلى التصحيح، فنوع التعليم الذي ينفَّذ لم يشرح الصفة التي تميزه بحيث يكون التعليم المنفذ تعليما شاملا يجمع بين الكتابي والشفهي، منفردة في سيرها تحدد أسلوب التنفيذ وهي الصفة التي تميز سير التعليم إذ تكون هذه اللغة منفردة في سيرها لا تزاحمها الفرنسية في السنة الثالثة أو الرابعة ولا تزاحمها في المكانة التي تحتلها فتبقى منفردة في أداء مهامها، هذا هو التصحيح الذي كان يجب تناوله.

نرجو من المسؤولين التنبّه إلى هذا، نرجوهم أن يوجّهوا اهتمامهم لمراجعة الوضع وتصحيح الخطأ الموجود وضبط الصفة المميزة لوجود هذه اللغة التي قررت الدولة الاهتمام بها.

هذا هو التصحيح الذي تمنينا أن يمارس وفق ما حدده المجلس الوزراء، إننا ننتظر من الوزارة معالجة هذا الخطأ، وأهم جانب في المعالجة هو قرار تأجيل تدريس الفرنسية لتبقى الإنجليزية وحدها في الابتدائي.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • علي عبدالعزيز

    نعم الحقيقة المرة أن أبناءنا لم يحسنوا بعد لغتهم الأم ثم كان من الأجدر ترك الإنجليزية وحدها وليس الضغط على التلميذ المسكين بهذا الحجم الهائل من البرامج التي لم يدركها المعلم فكيف بالتلميذ.