-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
جرائم فرنسا في الجزائر تنسحب على الكاميرون

لجنة ماكرون حيلة للتغطية على جرائم الاستعمار

محمد مسلم
  • 2561
  • 0
لجنة ماكرون حيلة للتغطية على جرائم الاستعمار

تسير الكاميرون على خطى الجزائر في التعاطي مع الماضي الاستعماري لفرنسا، إذ ومباشرة بعد إعلان الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، عن إنشاء لجنة مشتركة من الباحثين من البلدين لتسليط الضوء على ممارسات فرنسا خلال فترة استعمار الكاميرون وبعد استقلالها، جاء الرد من النخبة في هذا البلد، معبرة عن مخاوفها من “تأريخ تحت سيطرة الدولة”.

وفي مقابلة مع صحيفة “لوموند” الفرنسية، أعرب جاكوب تاتسيتسا، وهو مؤلف مشارك مع توماس ديلتومبي ومانويل دوميرغي، في كتابين معروفين يتحدثان على القمع الاستعماري الفرنسي في الكاميرون، عن شكوكه في جدية مبادرة ماكرون، التي جاءت تحت ضغط الطبقة السياسية والنخبة الإعلامية في الكاميرون خلال زيارة ماكرون، لياوندي قبل نحو أسبوع.

واستبق الكاميرونيون تلك الزيارة بدعوة ماكرون إلى “الاعتراف بجرائم فرنسا الاستعمارية، على غرار ما قامت به في الجزائر”، وفق ما جاء على لسان بيديمو كوه، عضو الحركة الإفريقية من أجل الاستقلال والديمقراطية الجديد(Manidem)، الذي تحدث أيضا عن “خلاف تاريخي مع فرنسا”، ودعا إلى “وضع كل جرائم فرنسا على الطاولة وتسويتها بشكل نهائي مقابل إقامة علاقة سلمية”.

وقال المؤرخ الكاميروني: “ما زلت متشككا. إنه إعلان سياسي. لقد تم بالفعل إجراء دراسات جادة للغاية حول المذابح الجماعية للوطنيين الكاميرونيين، والتي لم يذكرها إيمانويل ماكرون في خطابه. بالإضافة إلى العمل الذي قمنا به..”

وقلّل المؤرخ الكاميروني من خطوة الرئيس الفرنسي، قائلا: “كنت أتوقع الاعتراف بهذه الحرب وتقديم اعتذار رسمي وإعلان بدء عملية التعويض. بدلاً من ذلك، شاهدت تحايلاً على هذا الاعتراف من خلال حيلة إنشاء لجنة من المؤرخين الفرنسيين والكاميرونيين. طريقة العمل هذه موضع شك بالنسبة لي، لأن من يحمل المحفظة غالبًا ما تكون له الكلمة الأخيرة ويفرض ما يجب فعله. لذلك أخشى أن يكون التأريخ تحت سيطرة الدولة”.

وتشبه الخطوة التي أقدم عليها الرئيس الفرنسي في المستعمرة السابقة الكاميرون، بتلك التي باشرها مع الجزائر في وقت سابق، من خلال تكليف المؤرخ الفرنسي، بنجامان ستورا، بإعداد تقرير حول ذاكرة الاستعمار الفرنسي في الجزائر، غير أن تلك المبادرة لم يكتب لها النجاح، لأن الطرف الجزائري لم يتجاوب معها، بعدم تقديم تقرير مماثل توجسا من مناورة كانت السلطات الجزائرية تتوقعها، وتجسد ذلك من خلال التقرير الذي سلمه ستورا إلى قصر الإيليزي في يناير 2021، والذي لم يتضمن أبسط ما كانت تطالب به الجزائر، وعلى رأسها تقديم اعتذار عن جرائم الاستعمار.

وينطلق المؤرخ الكاميروني في الحكم على الفشل المسبق لمبادرة ماكرون المتعلقة بالماضي الاستعماري لبلاده، من خلال الكيفية التي تم بها تشكيل اللجنة المكلفة بـ”تسليط الضوء على الممارسات الاستعمارية الفرنسية في الكاميرون”.

وقال جاكوب تاتسيتسا: “من خلال أخذ زمام المبادرة، تتخذ فرنسا مبادرتها، مما يسمح لها بالتحكم في اختيار أعضاء اللجنة، على وجه التحديد للحفاظ على مصالحها. بالنسبة لاختيار المؤرخين للجنة، فإن هذا يمثل إشكالية، لأن التاريخ هو تخصص أكاديمي، يجب أن تحكمه القواعد الأكاديمية وأن يستند إلى مراجعة من قبل المؤرخين، وليس من قبل السلطة السياسية. يجب أن تضم هذه اللجنة أيضًا باحثين من جنسيات أخرى وتخصصات أخرى، لأن دراسة الصدمات المتعلقة بالعنف، مثل التعذيب، تتحدى علماء النفس. يتعلق عدد الضحايا بالديموغرافيا التاريخية. والعواقب الاقتصادية هي مسؤولية الاقتصاديين”.

وتحدث المؤرخ الكاميروني عن أرشيف “حرب الجزائر” والهند الصينية كأدلة على جرائم الاستعمار الفرنسي، والتي قال إنها تنسحب أيضا على “حرب الكاميرون”، غير أن الفرنسيين يتجاهلون كما قال، الحقائق التي يتضمنها هذا الأرشيف، ويعمدون إلى التضييق على البحوث المستقلة التي تكشف بشاعة الاستعمار، وممارسة الرقابة عليها، ووضع العراقيل أمام الراغبين من المؤرخين في الوصول إلى المصادر ولاسيما تلك الخاصة بالأجهزة السرية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!