الرأي

لستم أوصياء على الشعب

صالح عوض
  • 990
  • 2
ح.م

  الصفعة التي نالتها الأحزاب التونسية والقيادات التقليدية في أكثر عمليتي انتخاب تشريعية ورئاسية تفيد بوضوح أن الشعوب ليست بقاصر وأنها تعرف كيف تحاسب وتعاقب كل من تلاعب بعمرها وحاول تصدير الوهم لها ولم تنفع الأحزاب تاريخيتها ولا رمزيتها ولا العناوين التي تحملها وخرج من تحت الركام رجل بعزيمة شباب وروح شباب ودعم الشباب ليقول كفى، إن العصفور خرج من القفص ولن يعود إليه مهما نثرتم له من قوت على رصيف السجن المقيت.

اختار الشعب التونسي عن جدارة رجلا لا يتكلم إلا بمسئولية بمفردات محددة المعاني ويمتلك الحس التاريخي والعزيمة لرفع شأن البلد ويعيد للغة معناها وألقها بعيدا عن الديماغوجية التي اشتهر بها قوم المتفذلكين من الساسة.. وكانت الثقة عنوانه لكي يضيف إلى ألقه العلمي ألقا من نوع آخر؛ إنه الوقوف عند ثغور الدستور وما ينص عليه من حقوق للأفراد والجماعات وخط سير الدولة وصون مؤسساتها، فكان شباب تونس الذين راهنوا على تفتتهم وفسادهم وإغراقهم في اللامسئولية على موعد مع صناعة أروع تجربة سياسية عربية حتى الآن، إنها الذهاب الحر إلى الانتخابات وبكثافة لرفع رأس تونس بعد تجربة عجفاء لعب فيها صبية العمل السياسي إلى الدرجة التي تجرأت فيها المافيا على تقديم مترشح لأعلى منصبٍ سيادي في البلد ويجاهر علنا أن التطبيع مع الكيان الصهيوني شأنٌ لا خلاف عليه.

ومن هنا بالضبط آن الأوان أن يدرك قطاع الطرق الذين يضعون العصي في الدواليب أن الشعوب قادرة على أن تحسم قرارها وتقدم من تشاء، وتستطيع أن تعرف الصالح من الطالح، وهي لا تريد أن يفكر نيابة عنها أحد، ولن ترضى أن يتم مصادرة قرارها السيد الحر.. لقد أرادوا أن تكون تجربة تونس مختبرا لتدمير روح التحرر والانعتاق من ربقة الاستعمار ولكن شباب تونس الغيارى حوّلوها إلى تجربة فذة تنجح فيها الأمة باقتدار.. ولئن كانت التجربة الناجحة في تونس ترفع رايات فلسطين خفاقة، فذلك يعني بوضوح أن الحرية والكرامة والسيادة والنهضة والنظافة تستلزم استحضار فلسطين، أما المافيا فإنهم سيلجأون إلى شركات الدعاية الصهيونية لتبييض وجوههم بعد أن بيَّضوا الأموال..

لا نملك إلا أن نقول: مبروك لشباب تونس وشعبها وسيكتب التاريخ لتونس صفحة بداية في تصحيح مسار الحريات في بلادنا العربية كما كتب للزيتونة مجدا تليدا سجله الإمام ابن باديس ورفاقه في واقع حال كانت فيه جمعية العلماء العظيمة وجبهة التحرير الفذة عنوانين لانتصارنا الخالد.. إنها أمة تبدع في اللحظات التي يظنها العدو أنها انسحبت من المسرح.. وليأتينكم نبأه بعد حين.

مقالات ذات صلة