جواهر
"الشروق" ترافق مضيفات الطائرات وتكشف خفايا المهنة:

لسنا بائعات هوى.. تقديم الخمر يزعجنا وتحرشات المسافرين تحرجنا!

جواهر الشروق
  • 14813
  • 46
الأرشيف
ما هي نظرة المجتمع لهذه المهنة ؟

تواجه مضيفات الطيران الكثير من المتاعب والسلوكات غير اللائقة من قبل بعض المسافرين الذين يسيئون الظن بهن ويعتبرونهن صيدا سهلا، حيث يرشقونهن بنظرات وتحديقات ماجنة، فيما يعتبرهن آخرون خادمات لهم. وتضاف هذه المضايقات إلى قيود أخرى تفرضها طبيعة العمل في الملاحة الجوية التي ترتكز بشكل خاص على القد الممشوق والطلّة البهية، فضلا عن العمل الليلي وإجبارية تقديم الخمر إلى المسافرين التي تشكل حرجا للكثيرات، لكنّهن رغم هذا يرغمن على فعلها لأنها من صميم خدمات الشركات الدولية.

“الشروق” تقرّبت من بعض المضيفات لتنقل صورة حيّة عن شهاداتهن ويومياتهن وترفع اللّبس عن الأفكار المسبقة السلبية التي يحملها كثير من الأشخاص تجاههن.

البداية كانت مع سمية، التي رفضت ذكر اسمها الحقيقي، حيث وصفت تجربة عملها في الطيران الجوي التي تعود إلى 7 سنوات تقريبا بالإيجابية، فالأمور بالنسبة إليها تسير على ما يرام ماعدا بعض المنغصات من حين إلى آخر وهي نادرة تدخل في إطار متاعب المهنة سرعان ما يتم ضبطها وأحيانا تستدعي الأمر تدخل قائد الرحلة.

أمّا كريمة التي التقيناها على رحلة لشركة الطاسيلي فتقول إنّ عملهن متعب جدا ولا يلقى تفهما من قبل كثير من الأهل، لاسيما بالنسبة إلى العمل الليلي الذي تضطر الفتاة فيه إلى التأخر وتوصيلها من قبل سيارة المؤسسة، غير أنّ الأمر مغاير بالنسبة إليها، فأهلها يتفهمون عملها ويثقون فيها.

نظرة المجتمع، تقول كريمة، قاصرة جدا لهذه المهنة التي لا تثار فيها إلا زوايا مظلمة هي أقل من أن يشار إليها هكذا.

وتوضح كريمة أن الحفاظ على سمعة المؤسسة ووفاء الزبون لها تتطلب حنكة وتلطفا في المعاملة وذكاء يضع خطوطا حمراء أمام المسافرين.

 

تقديم الخمر يزعجنا لكن قواعد العمل تجبرنا

أجمع أغلب من تحدثنا إليهن من مضيفات أن تقديم الخمر أمر يؤرقهن لحرمتها شرعا وعرفا، غير أنّ إجبارية الخدمة المفروضة على كل الطاقم العامل بشركات الطيران يجعلهن يرضخن للأمر ويقدمنه، وهو ما يحرج الكثير.

ويحاول البعض إغفال تقديم المشروب الكحولي قدر المستطاع، حيث يضطرون إلى التهرب وتكليف زميل آخر وأحيانا يتجاهل هؤلاء إبرازه ضمن المشروبات حتى لا يطلب منهن، أمّا إذا أصر أحد المسافرين فتتم الاستجابة للطلب مرغمات.

وهنا تقول كاتيا إنها تدرك حرمة الأمر، إلا أنها تضطر إلى فعله تنفيذا لقواعد الخدمة المطلوبة وتدعو الله أن يغفر لها ذنبها!

وعلى النقيض من هؤلاء، لا يأبه كثير للمسألة مقابل الحصول على منصب عمل وراتب مغر، فالمهم حسبهم أنهم لا يحتسونه ولا يشترونه هم فقط يقدمونه وكل واحد مسؤول عن تصرفاته وذهب البعض إلى حد التشكيك في حرمة حديث الرسول القائل بحرمة الخمر لغير شاربها وهو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة: عاصرها، ومعتصرها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وساقيها، وبائعها، وآكل ثمنها، والمشتري لها، والمشتراة له”.

 

طلب رقم الهاتف والدعوة إلى العشاء من طرف المسافرين

وعن المضايقات والتحرشات التي تعترض عمل المضيفة تقول مريم إنها “تحدث باستمرار وترتبط بطبع المضيفة وتعاملها مع الزبون، لكن حفاظا على سمعة الشركة نتعامل بلباقة ونحاول تجنب الأمر، أما إن زاد الأمر عن حدّه فهنا قد نضطر إلى الاستعانة بزميل في الطائرة أو حتى قائد الرحلة لوضع الشخص عند حده”.

ومن بين أهم المضايقات التي تتعرض لها هي طلب رقم الهاتف والدعوة إلى العشاء أو فنجان القهوة وكذا الإلحاح في الحديث الجانبي والاستفسارات.

 

سلوكات مقرفة للمسافرين تحول الطائرات إلى مفرغات

يضرب بعض المسافرين قواعد النظافة عرض الحائط، وتكشف “الشروق” من خلال رحلات كانت شاهد عيان فيها عن سلوكات مقرفة للمسافرين، ومن أفظعها قص أظافر اليدين والقدمين والتجول في الطائرة دون أحذية مع ما ينجر عنه من روائح كريهة وكذا ترك بقايا الأكل على المقاعد وأسفلها لاسيما من قبل الأطفال. وهي تصرفات عديمة الاحترام، تضاف إلى كوارث أخرى تحدث في الحمام حيث يحجزه البعض لحلق لحيته أو التدخين في سرية فضلا عن القذارة التي يخلفها البعض وراءهم.

 الأسوأ في كل هذا أيضا ما تقبل عليه بعض الأمهات اللواتي يغيرن حفاظات أبنائهن على مرأى من الجميع، فالرائحة تصيب بالإغماء، وتثير الاشمئزاز.

ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل يتعداه إلى طلبات أخرى كتحضير رضاعة أو غسل مصاصة رضيعها التي سقطت على الأرض وووو…

ويتعامل هؤلاء مع المضيفات من منطلق أنهن خادمات لابد عليهن من تلبية مختلف الطلبات والأصل أن خدمة المسافر لها حدود يجب أن يفقهها المسافر.

وتروي لنا في السياق إحدى المضيفات طلبا غريبا لسيدة كانت على متن الطائرة، حيث أعجبت بها كثيرا خطبتها لابنها وتمنت لو أنّها تقبل الزواج وتتوقف عن العمل.

كما طلبت إحدى السيّدات من المضيفة أخذ طبق الأكل الذي قدّم لها إلى بيتها لأنها لم تستطع تناوله في الطائرة. وهو ما اعتبرته حقا لها. وعند قبول الفكرة طلبت سيدة أخرى بجوارها أن تقدم لها طبقين إضافيين لأخذهما إلى بيتها وتجنيب نفسها الطبخ تلك الليلة!

مسافر آخر لم يحترم الممنوعات المشار إليها أثناء الرحلة وأشعل سيجارته، رغم أن الأمر خطر على المركبة وعلى حياة السكان.

وتناولت وسائل الإعلام في وقت مضى حادثة جزائري أقدم على التبول على أحد الركاب في الطائرة المتجهة من الجزائر إلى فرنسا. وهو ما أثار حفيظة كل المسافرين، بعد أن تحوّلت رحلتهم إلى فوضى وعنف، وهم على ارتفاع 30 ألف قدم.

وتحدثت المواقع العالمية بإسهاب عن هذه الحادثة وعن صاحبها المخمور الذي انتهك كل الآداب والقوانين فلم يكتف بالمجاهرة بالتدخين وراح ينزع قميصه وبقي عاريا يتفاخر بعضلاته ليراه الآخرون، ولما طلبت منه المضيفة التوقف عن التدخين، لم يأبه لها واستمر في إزعاجه للركاب.

وبعد لحظات أبدى راكب كان يجلس بالقرب منه امتعاضه، ليرد الأخير بالتبول عليه أمام الركاب والمضيفات، واضطر الطيار إلى تغيير وجهة الطائرة إلى مدينة “ليون” لوقوعها في منتصف الطريق، وقام بهبوط اضطراري، وتم اعتقال هذا الراكب المزعج من طرف الشرطة الفرنسية.

 

المزعجون والفوضويون يمنعون من السفر

يتخذ القائمون على الرحلة الجوية إجراءات قانونية ردعية في حق كل من يخل بالنظام والآداب أو يقوم بسلوك سيئ داخل الطائرة، فإن حدث الأمر قبل إقلاع الطائرة يحق للمضيفة الإبلاغ عن الأمر ويتولى قائد الرحل بالتعاون مع أمن المطار منع الراكب من السفر وتأجيل رحلته إلى حين الفصل في الأمر، وأحيانا أخرى يتم فض الخلاف بطريقة ودية.

وتبقى تلك الحوادث قليلة الوقوع، غير أن أسبابها تافهة جدا، تبدأ برفض الالتزام بالمكان المحدد في التذكرة أو سوء تأويل للحديث وهو ما يتطوّر إلى ملاسنات وخلافات يمتص أغلبها ويخرج القليل الآخر عن السيطرة.

مقالات ذات صلة