-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الكاميرون تطالب باريس بالاعتذار عن جرائمها

لعنة الجزائر تلاحق فرنسا في إفريقيا

محمد مسلم
  • 8303
  • 0
لعنة الجزائر تلاحق فرنسا في إفريقيا

انتقل صدى مطالب الجزائريين لفرنسا بالاعتذار عن جرائم الماضي الاستعماري، إلى بقية البلدان الإفريقية التي نالت منها ممارسات الدولة الفرنسية، وجاء الدور هذه المرة على ضحية أخرى، وهي الكاميرون، كبرى دول إفريقيا الوسطى.

فقد وجد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، سياسيين وناشطين كاميرونيين في انتظاره رافعين لافتات تطالب باريس بالاعتراف بالجرائم الاستعمارية، خلال الزيارة التي قادته الإثنين إلى الكاميرون في مستهل جولته الإفريقية.

“لدينا خلاف تاريخي مع فرنسا. ليس وصول ماكرون هو الذي سبب المشكلة. ننتهز الفرصة لإيقاظ الكاميرونيين إزاء قضيتنا مع فرنسا، وهي وضع كل جرائمها على الطاولة وتسويتها بشكل نهائي إذا أردنا إقامة علاقة سلمية”، بهذه العبارات واجه بيديمو كوه، عضو الحركة الإفريقية من أجل الاستقلال والديمقراطية الجديد(Manidem) ، خلال مؤتمر صحفي انتظم في مدينة دوالا الكاميرونية.

وتعتبر الكاميرون من الدول التي خضعت لكل من الاستعمارين الفرنسي والإنجليزي، بعدما كانت تحت الاستعمار الألماني، وذلك بقرار من عصبة الأمم في أعقاب الحرب العالمية الأولى وهزيمة ألمانيا. ويتهم الكاميرونيون جيش الاحتلال الفرنسي بالتورط في جرائم راح ضحيتها الآلاف من أنصار حزب اتحاد شعوب الكاميرون، الذي كان يحارب من أجل الاستقلال، وعلى رأسهم رئيسه روبن أوم نيوبي.

وفي الندوة الصحفية التي انتظمت بمناسبة هذه الزيارة، طالب عضو آخر من الحركة الإفريقية من أجل الاستقلال والديمقراطية الجديد، وهو فالنتينو دونغمو، الرئيس الفرنسي “الاعتراف بجرائم فرنسا الاستعمارية، على غرار ما قامت به في الجزائر”، وفق ما جاء في برقية لوكالة الصحافة الفرنسية (فرانس براس).

وأشار بالمناسبة السياسي الكاميروني بأصبع الاتهام إلى الفرنك الإفريقي (فرنك CFA)، الذي فرضته باريس على عدد من الدول الإفريقية، بما في ذلك الكاميرون، وهي العملة التي باتت في نظر الكثير من الرافضين للسياسة الفرنسية في القارة السمراء، من بقايا الاستعمار الذي يتعين التخلص منه.

كما تحدث جون فرو ندي، رئيس الجبهة الاشتراكية الديمقراطية، وهو أحد حزبي المعارضة الرئيسيين، عن “مسؤولية فرنسا (…) عن الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان” والانتهاكات التي ارتكبت خلال النضال من أجل تقرير المصير والاستقلال وإعادة التوحيد”.

وتعتبر الصرخة التي جاءت هذه المرة من الكاميرون، امتدادا لصرخات إفريقية أخرى، انطلقت من جمهورية إفريقيا الوسطى، ثم مالي والتشاد وبوركيافاسو، ولا تزال في التوسع، في لحظة فارقة من الوعي السياسي الإفريقي.

وكان لافتا في تصريحات السياسي الكاميروني حضور الحالة الجزائرية باعتبارها رائدة في الضغط على باريس من أجل حملها على الاعتراف بجرائم الماضي الاستعماري، وهو توجه عاد بقوة في الآونة الأخيرة إلى الآلة الدبلوماسية بعدما كان قد اختفى لسنوات طويلة.

ويجسد هذا التوجه، التصريح الذي أدلى به وزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة، من العاصمة المالية باماكو، عندما قال إن الثورة التحريرية ساهمت في جعل القارة الإفريقية “مقبرة للاستعمار بفضل التضحيات التي قدمتها الأجيال السابقة لتحرير بلدانها”.

ويأتي الحراك الكاميروني والإفريقي عامة، والرامي إلى إدانة الاستعمار ومحاصرته في ظرف دولي خاص، طبعته العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، والتي بشرت بميلاد نظام عالمي جديد قوامه عودة الثنائية القطبية، التي اختفت في نهاية ثمانينيات القرن الماضي بسقوط الاتحاد السوفياتي.

ويؤشر على ميلاد هذا التوجه، المقال الذي نشره وزير الخارجي الروسي، سيرجي لافروف، في صحف عدد من الدول الإفريقية، والذي تحدث فيه عن التضامن “مع المطالب الإفريقية لاستكمال عملية إنهاء الاستعمار ودعم المبادرات ذات الصلة على منصة الأمم المتحدة. وتطوير شراكة شاملة مع الدول الإفريقية الذي يعتبر من بين أولويات السياسة الخارجية لروسيا”.

ويعتبر ما صدر عن وزير الخارجية الروسي تطور لافت في موقف موسكو من القضية الصحراوية، إذ يرى الكثير من المراقبين أن هذه القضية كانت حاضرة في خطاب لافروف باعتبارها آخر استعمار في القارة الإفريقية، وهو المعطى الذي يتوقع أن تكون له تداعيات على القضية الصحراوية لاحقا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!