-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لغة العروبة والمعرّبين في ضمائر المفكرين

عبد الرزاق قسوم
  • 1793
  • 10
لغة العروبة والمعرّبين في ضمائر المفكرين

أيّة عقرب سامة لسعتنا؟ وأيّة يد، هامّة صفعتنا؟ وأيّة جرثومة، لأمّة- أفزعتنا، فأقضت مضجعنا، وكدّرت منبعنا، وحيّرت منتجعنا؟

طافت بفكري، هذه الأسئلة، وأنا أعيش حدثيْن ثقافيين، بارزين، في الأسبوع المنصرم، أمّا أحدهما، فهو البيان الصادر في صحيفة “لوموند” الفرنسية، والموقّع من كوكبة من المفكرين الجزائريين، لهم باع طويل في عالَمي الفكر والإيديولوجيا، من أمثال العالِم المتميز، والحامل لوسام العالِم الجزائري الأستاذ الدكتور أحمد جبار، والروائي العالمي، المتجذّر في التراث العربي الإسلامي، والحائز على جوائز كثيرة، إنه الأستاذ الدكتور واسيني الأعرج. إلى جانب فقيــهة الألسنيّة، والباحثة الأكاديمية، سليلة الثقافة الإبداعية الإبراهيمية، الدكتورة خولة طالب الإبراهيمي، وغيرهم.

أما الحدث الثقافي الثاني، فقد تمثل في الندوة الفكرية، التي عقدها “مركز دراسات الوحدة العربية”، بمدينة الحمامات السياحية بضاحية تونس الزيتونة والصادقية، حول موضوع: الإصلاح الديني. وقد أطّر هذه الندوة الهامة نخبة من مفكري الوطن العربي، من أمثال الكاتب المصري الكبير الأستاذ فهمي هويدي، والفيلسوف المغربي المعروف الدكتور عبد الإله بلقزيز، والباحث في اليسوعيات، اللبناني، الأستاذ الدكتور لويس صليبا، والأكاديمي العراقي آية الله العظمى أحمد الحسني، البغدادي، والمفكر الليبي المعروف الدكتور مصطفى التير، والقانوني العالمي الدكتور محمد سليم العوّا، إلى جانب المنظّر الإسلامي التونسي الشيخ راشد الغنوشي، والعالِم الاجتماعي الأكاديمي الجزائري، الدكتور زبير عروس، وغيرهم.

استوقفني في الحدَثين الفكريّين أكثر من علامات إعجاب وتعجب.

فبالنسبة للحدث الأول، تعجبت من البكاء أو التباكي على أطلال اللغة العربية، والأعجب من ذلك أن يتّخذ هذا البكاء فضاءً له، صحيفة لوموند الفرنسية، وما عهدنا هذه الصحيفة المشهورة، “حائط مبكى” ينشر العرب على أعمدته غسيلهم، ويرفعون عويلهم، ويفضحون فيه جيلهم.

والعجب الثاني، أن يُعاب على العربية ارتباطها بالدين، والحال أنّ من ناقل القول، التسليم بأنّ الإسلام هو الذي أعطى العربية إبداعها، وحفظ لها إشعاعها، وأكثرَ معجبيها وأتباعها، فهل يمكن المقارنة بين عربية أبي لهب، وعربية طارق بن زياد؟ وبين عربية قس بن ساعدة- وهو أفصح من خطب، وعربية محمد البشير الإبراهيمي – وهو أبلغ من كتب؟

فأن يعاب على العربية، ارتباطها بالجمود والشعوذة، والتدجيل باسم الدين، فهذا ما نتفق عليه جميعا، وأن يعاب عليها أن تتحول إلى لغة شطح، ونطح، وذبح، فهذا ما نبرّئ العربية منه، أما أن ننسبها إلى السلفية المنحرفة، تحت شعار “السلفية الجديدة”، فهذا ما نبرّئ العربية والسلفية منه.

فقد طال السلفية، – وهي في أساسها العودة إلى النبع الصافي- ما كدّر صفوها، وغيّر مجرى نبعها، عندما أصبحت السلفية مفهوما مظلوما، محوّلا عن مجراه، ومبتغاه. فأين يكمن الخلل وأين يكمن الحل؟

فيكمن من وجهة نظرنا، في إعادة تصحيح المفاهيم، وضبط منهجية التعليم، وإصلاح المدرسة الجزائرية في الصميم. وإن كان لابد من نشر الغسيل، فليكن على أعمدة إعلامنا الأثيل، واستلهاما من مخزوننا الأصيل. كنا نظن – وبعض الظن ليس بإثم أن يغوص مثقفونا، في معاناة العربية من بعض أبنائها، وجل أعدائها، لا أن ينزلوا عليها، وعلى مريديها، بالثلب، والسلب، وهي المثخنة بالجراح.

فلو كان سهما واحدا لاتّقيته  ولكنه سهم، وثانٍ، وثالث

وأما ما أثار إعجابي، في حدث ندوة الإصلاح الديني، بحمامات تونس الشقيقة، فهو هذا الانسجام الكامل بين الباحثين، على اختلاف معتقداتهم، وقناعاتهم، وانتماءاتهم، انسجام ميّزه أدب الاختلاف، وحسن الائتلاف، بحثا عن نقاط الارتكاز التي تتخذ قاعدة للإصلاح، ومنهجا سليما للعودة إلى الذات بأبعادها الحضارية، من أجل إقلاع حضاري صحيح. لم تضق الندوة – إذن- بالمفكر اليسوعي، ولا بالإسلامي الشيعي، كما لم تميز بين العربي اللائكي أو العلماني، ولا الإسلامي القرآني، لقد كانت الندوة – بحق- ترجمة لما يجب أن يكون عليه الإصلاح الديني الحقيقي عمليا، واستعادة السلفية الصحيحة لمعناها المفقود، وبناء المجتمع الإسلامي المنشود.

أسوق هذا كله، لأخلص من خلاله إلى أنّ المثقفين، الواعين بانتمائهم، والمتخلصين من عقدة ارتمائهم في أحضان أعدائهم، هم الموكول إليهم، عملية القيام بمنهجية التدقيق، والتحقيق، والتعميق، وتخليص المجتمع، من كل تزويق وتلفيق.

إنّ الربط بين العربية، كلغة حضارة، وثقافة، وبيان وعرفان، بقيم الدين القائم على فهم صحيح، وتطبيق صريح، وسلوك فصيح، هو الكفيل بالنهوض بالعربية، في أحلى صور إبداعها، وشعاعة إشعاعها، وبين الدين في نقاوة نبع صفائه، وقيم نبل أبنائه، وإنسانية صلاح حواريّيه وأوليائه.

ونعتقد، أنّ التطلّع المشروع للمعربين والإسلاميين، إنما يبدأ من الخلية الأولى للتربية والتعليم، وهي المدرسة بعد تأصيلها، وتأهيلها، وإسناد مهمتها لمن هو أهل لتمثيلها…

أما، كثرة التهويل، وإعلاء العويل، والاستنجاد بالطير الأبابيل، ونشر الأحابيل، فذلك شأنه شأن من ينفخ في رماد، الأقاويل والأباطيل.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
10
  • Djilali

    السلام عليكم ،أنا لا أفهم شيء في تداخلتكم،أنا درست بالفرنسية من الإبتدائ إلى الجامعة و لم أتقن اللغة العربية جيدا،عشت في أمريك ١٣ سنة و أعيش مند ١٠ سنوات في كندا ،كل مرة أتكلم مع أبنأ الشرق الأوسط أو الخليج إلا و فهمتهم و فهموني .فأين المشكل ؟ و هل سكان أمريك كلهم أنقليز؟ طبعا لا،و هكذا يسمى الأمركان و الكنديين بالأنقلوـسكسون بما فيهم البربر و العرب.زيدان يفتخر بأنه فرسي أليس كدالك؟

  • اسطوانة بني عميس

    اليهود يقولون نحن أعظم نسب و العرب يقولون نملك أقدس لغة ...
    بقية العالم يجب عليه ان يندب حظه أو حتى يقول لخالقه لماذا يا إلهي لم تخلقني يهوديا ساميا أو عربيا بلسان مقدس ...

  • الطاهر

    عذر اقبح من ذنب و هل قصدت بجزائريتك
    الشلحية او الريفية المغربية او التارقية تاع النيجر و التشاد
    و ادخلتهم في جزائريتك......

  • ازديف سطيف

    اتكلم عن الجزائر كقارة
    اما المقصود باللغة الجزائرية اعني بها */¥الامازيغية¥/*
    وانا لا افرق بين الامازيغ
    كل الامازيغ اخواني

  • بدون اسم

    ارقو

  • بدون اسم

    اذهب الى فرنسا مثلا وقارن بين اللغة الفرنسية التي يتحدث بها الفرنسي في البيت و الشارع ولغة الأدباء و المثفقين لترى بنفسك ان كانت نفسها

  • Marjolaine

    تريدون أن تنسى العربية فيصعب على الناس فهم القرآن وفهم دينهم فتعم الجاهلية؟
    حتى الغربيون لما يدخلوا للإسلام يسارعون بتعلم العربية لأنه يستحيل فهم القرآن
    والصلاة بسواها.
    أما من عرفوا الحق واستكبروا عنه يريدون مسخ الناس عن دينهم

  • Marjolaine

    بل هي لغة القرآن، والقرآن باقٍ إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها
    يموت الناس وتموت لغاتهم والقرآن يبقى وسنرى من سيبقى آخرا

  • Marjolaine

    نحن عرب ونحن جزائريون ونحن بوطننا مثلك تماما فلا تزايد علينا بوطنيتك
    تجاهلنا كثيرا ترهاتكم لكنكم أكثرتم يا أخي
    اللغة العربية هي لغة القرآن ولغة الصلاة فهل يمكنك التعبد بهما بغير العربية؟
    وهي لغة النبي العربي محمد صلى الله عليه وسلم خير خلق الله أجمعين، فلا يحملنك
    التعصب الأعمى لأشياء تافهة فتلهيك عن لأهم( لا أقصد أصلك ولا لغتك) ولكن حتى
    الوطن أو الأهل لما يتعارضون مع الدين نختار الدين طبعا فالرسول وصحابته الكرام تركوا
    الوطن وتركوا الأهل حفظا على الدين.

  • الطاهر

    سياسة فرق تسود, هناك عربية (جزائرية و مصرية و تونسية و مغربيةوووو)
    و لاكن هنالك فرنسية واحدة تاع سينغال و ساحل العاج و بلجيكا ووووو
    و عندما رجعنا الى الاصل لم تقول امازغية واحدة بل
    امازغية جزائرية وامازغية مغربية و امازغية تونسية ووووو
    و لم تشبع بهذا التقسيم و زدت و تقول حتى الامازغية الجزائرية هناك
    امازغية شاوية و ميزابية و تارقية و قبائلية ووووووو