-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة (2)

خير الدين هني
  • 148
  • 0
لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة (2)

كان لا يخادن ولا يخالل ولا يتحرّش ولا يشتهي شيئا ليس ملكا ليمينه، وهذه هي أخلاق النبوة وقليل من فضلاء الناس من يبلغ بعضها، لأن أخلاق النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت تمثل الكمال الإنساني، الذي هو من خصائص النبوة ومميزاتها.

كان يشتهي من الدنيا ثلاثا: كما جاء في الحديث الصحيح: “حُبِّب إليّ من دنياكم النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة”، قال أبو بكر -رضي الله عنه-: “وأنا يا رسول الله حُبِّب إليّ من الدنيا النظر إلى وجهك، وجمع المال للإنفاق عليك، والتوسل بقرابتك إليك”، وقال عمر -رضي الله عنه-: “وأنا يا رسول الله، حُبِّب إليّ من الدنيا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والقيام بأمر الله”، وقال عثمان -رضي الله عنه-: “وأنا يا رسول الله حّبِّب إليّ من الدنيا ثلاث: إشباع الجائع، وإرواء الظمآن، وكسوة العاري”. وقال عليّ -رضي الله عنه-: وأنا يا رسول الله حُبِّب إليّ من الدنيا الصوم في الصيف، وإقراء الضيف، والضرب بين يديك بالسيف”.. حديث النبي -عليه الصلاة والسلام- صحيح وما زاد عليه من أقوال الراشدين، لم يثبت صحتها في الصحاح والمسانيد، وإن وردت مبثوثة في بعض المصادر، أتجنب ذكرها حتى لا أطيل.

والمراد بحبه النساء كما أفهمه أنا، ليس كما يريد أن يفهمه أعداء النبوة والإسلام، من أنه -صلى الله عليه وسلم- كان شهوانيا يحب متعة النساء، أو ما فهمه بعض من يقصر لديهم الفهم من المسلمين ممن ذهبوا في تبرير حبّ النبي للنساء، بقوته الخارقة على الجماع حيث أُعْطِي -صلى الله عليه وسلم- كما قالوا قوة عشرة رجال، وإنما الفهم الصحيح من الحب، أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يقصد به الزواج على سنة الإسلام وهديه، لأن الحق -سبحانه- جعل في الزواج رحمة ومودة وألفة ومؤانسة بين الزوجين، وجعل فيه راحة نفسية وجسدية وتعاون على البر والخير والإحسان وتربية الأبناء.

وكذلك إشباع لشهوة الغريزة، ومحافظة على النسل والنوع والجنس، والتكثير من المؤمنين الذين يعبدون الله ويقدسونه ويعظمون شعائره. قال -صلى الله عليه وسلم-: “ما بال أقوام حرموا النساء والطعام والنوم، ألا إني أنام وأقوم وأفطر وأصوم وأنكح النساء، فمن رغب عني فليس مني”، قال هذا لأصحابه حينما أعلن ثلاثة من أبناء الصحابة عن تبتّلهم ورهبانيتهم وانقطاعهم عن الدنيا على نحو ما يفعله رهبان النصارى، ثم نزل قوله تعالى: ((يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا))، وفي شأن الرهبنة المبتدعة على نحو ما أراد أن يفعله بعض الصحابة، قال -جل ذكره- ذامًّا رهبانية النصارى: ((ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم)) (الحديد: 27). وقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في شأن الغلو في الدين: “إياكم والغلو في الدين فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين”.

فالنبي جاء لينظم الحياة الإنسانية على قواعد صحيحة، تقوم على الكتاب والسنة والفطرة السليمة من الدنس والتغيير، وهي الفطرة غير المشوهة بأفعال البشر إما بالانحراف والابتداع والجنوح، وإما بالغلو والتطرف والخروج عما شرعه الله وأحله لعباده.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!