الرأي

للشعب دينه.. إنما يحتاج دولة!

محمد سليم قلالة
  • 1579
  • 26

منذ إعلان أمريكا الحرب على الإرهاب بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001، أخذت الحرب على الإسلام غطاء “الحرب على الإرهاب”. وباتت كل جرائم الإرهاب تُنسَب ضمنيا أو صراحة إلى الإسلام والمسلمين. وبرغم عالمية هذه الهجمة وجهنمية الوسائل التي استخدمت فيها، أصبح واضحا اليوم أنها بلغت مداها ولم تَعد تُقنع أحدا، بما في ذلك الغربيون أنفسهم، حيث تأكد للجميع أن الإرهاب، حتى وإن كان بأيدي بعض المنتسبين إلى الإسلام هو في جوهره صناعة غربية، من القاعدة إلى داعش…
واكتشف صانعو الإسلاموفوبيا، أن خسارتهم لهذه المعركة إنما هي بالضرورة انتصار للإسلام الحقيقي القائم على الاعتدال، وانتصار قبل ذلك لجوهر نصوصه الأساسية…
لذلك تجدهم مع اقتراب انتهاء هذه المرحلة من الهجمة التي أخذت عنوان “الحرب على الإرهاب”، يعودون مرة أخرى إلى تجديد الأساليب التي سبقتها في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي القائمة على التشكيك في النصوص الأساسية للمسلمين من قرآن كريم وسنة نبوية شريفة… وهاهم اليوم يُعيدون النفخ في رماد بعض “العلماء” و”الكُتّاب” “المستنيرين”، لطرح قراءات غربية للقرآن الكرام، تتعلق بمسائل غالبا ما تدور حول المرأة والأسرة وما ارتبط بهما.. وفي مقام ثانٍ يُثيرون الشبهات ـ من جديد ـ حول بعض ما جاء في الصحيحين البخاري ومسلم فضلا عن بعض كتب الفقه الأخرى المنتمية إلى كافة المذاهب الإسلامية، وفي مرتبة ثالثة يشجعون بيادقهم لِلْمَسِّ بكل ما له علاقة بشعائر المسلمين كالصيام والأضحية والحج… إلخ، بما يعني أن هناك نية مُبَيَّته لدفع المسلمين مرة أخرى إلى الدخول في نقاشات ليسوا هم من أرادوها اواعتبروها ذات أولية.
وللأسف، في كل مرة، نعود ونكرر ذات الخطإ.. نفتح “ملفات” ليست ذات أولوية في مجتمعاتنا، بل لم تكن في يوم من الأيام محل سؤال حقيقي داخلها، كتلك المتعلقة بالزواج والميراث والخلافات بين المذاهب المختلفة…
مثل هذه المسائل لم تكن هي شغلنا الشاغل على الأقل في المائة سنة الماضية، بقدر ما كان يشغل أمتنا قضايا التحرر من الاستعمار واستعادة الهوية والثقافة وإعادة بناء الدول التي حطمتها قرون من الانحطاط… هل تَمكَّنا من تحقيق هذه الغايات لنفتح ملفات الخلافات الفقهية والمذهبية؟ هل قُمنا بإعادة بناء دولنا المستقلة لنطرح مسألة هل تكون دينية أم مدنية وكيف ينبغي أن تكون كذلك؟
يبدو لي أنه علينا التريث في فتح مثل هذه الملفات، وعدم الانسياق حول الخلافات، والتفرغ قبل ذلك إلى بناء أركان الدولة، ذلك أن للشعب دينه ولا خوف عليه… إنما هو في حاجة بحق، إلى دولة!

مقالات ذات صلة